<![CDATA[
نشأته وحياته المبكرة
ولد كوزما ديريفيانكو في قرية كوسيوفكا، التابعة لمقاطعة أومان آنذاك، ضمن محافظة كييف في الإمبراطورية الروسية (تقع حاليًا في منطقة تالني التابعة لمقاطعة تشيركاسي في أوكرانيا). نشأ في عائلة فلاحية أوكرانية بسيطة. بعد إكمال تعليمه الأساسي، التحق بالمدرسة العسكرية، مما شكل بداية مسيرته المهنية في الجيش.
مسيرته العسكرية المبكرة
انضم ديريفيانكو إلى الجيش الأحمر في عام 1922. تلقى تدريبًا عسكريًا مكثفًا، وتخرج من عدة أكاديميات عسكرية مرموقة، بما في ذلك أكاديمية فرونزي العسكرية. أظهر كفاءة عالية في القيادة والتخطيط الاستراتيجي، مما ساهم في تقدمه السريع في الرتب العسكرية. خلال فترة ما بين الحربين، شغل مناصب قيادية مختلفة، مما أكسبه خبرة قيمة في إدارة الوحدات العسكرية والتعامل مع التحديات اللوجستية.
الحرب العالمية الثانية
لعب ديريفيانكو دورًا محوريًا في الحرب العالمية الثانية، حيث شارك في العديد من المعارك الحاسمة على الجبهة الشرقية. تولى قيادة وحدات عسكرية مختلفة، وأظهر شجاعة وإصرارًا في مواجهة العدو. قاد قواته ببراعة في معارك الدفاع عن موسكو، ومعركة ستالينجراد، ومعركة كورسك، وغيرها من العمليات الهجومية الكبرى. تميز بقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة في ظل الظروف الصعبة، مما ساهم في تحقيق الانتصارات السوفيتية.
في المراحل الأخيرة من الحرب، شارك ديريفيانكو في تحرير أوكرانيا من الاحتلال النازي. قاد قواته في عمليات هجومية واسعة النطاق، وتمكن من دحر القوات الألمانية وتحرير العديد من المدن والقرى الأوكرانية. لعب دورًا حاسمًا في استعادة الأراضي الأوكرانية إلى السيادة السوفيتية.
الاستسلام الياباني
بعد انتهاء الحرب في أوروبا، تم نقل ديريفيانكو إلى الشرق الأقصى السوفيتي للمشاركة في الحرب ضد اليابان. تم تعيينه ممثلًا للاتحاد السوفيتي في حفل التوقيع على وثيقة الاستسلام الياباني، الذي أقيم على متن السفينة الحربية الأمريكية “ميسوري” في خليج طوكيو في 2 سبتمبر 1945. وقع ديريفيانكو على الوثيقة نيابة عن الاتحاد السوفيتي، إلى جانب ممثلين عن دول الحلفاء الأخرى.
كان توقيع ديريفيانكو على وثيقة الاستسلام الياباني بمثابة اعتراف دولي بالدور الحاسم الذي لعبه الاتحاد السوفيتي في هزيمة اليابان. عزز هذا الحدث مكانة ديريفيانكو كشخصية عسكرية بارزة في التاريخ السوفيتي والعالمي.
مسيرته المهنية بعد الحرب
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، واصل ديريفيانكو مسيرته المهنية في الجيش السوفيتي. شغل مناصب قيادية مختلفة، وساهم في تطوير وتحديث القوات المسلحة السوفيتية. كما شارك في تدريب وتأهيل الضباط والقادة العسكريين الشباب.
حصل ديريفيانكو على العديد من الأوسمة والنياشين العسكرية الرفيعة، تقديرًا لإسهاماته في الحرب وجهوده في خدمة الوطن. من بين هذه الأوسمة وسام لينين، ووسام الراية الحمراء، ووسام سوفوروف.
وفاته وإرثه
توفي كوزما ديريفيانكو في 30 ديسمبر 1954 عن عمر يناهز الخمسين عامًا. ترك وراءه إرثًا عسكريًا حافلاً بالإنجازات، ومسيرة مهنية متميزة في خدمة وطنه. يُعتبر ديريفيانكو شخصية بارزة في التاريخ العسكري السوفيتي، ويُذكر بشجاعته وإصراره وقدرته على القيادة.
لا تزال ذكراه حية في أوكرانيا وروسيا، حيث تُقام فعاليات لتكريمه وتخليد ذكراه. كما تحمل العديد من الشوارع والمدارس والمؤسسات اسمه، تقديرًا لإسهاماته في الدفاع عن الوطن وتحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية.
دوره في التخطيط لعملية “عاصفة أغسطس”
كان لديريفيانكو دور هام في التخطيط لعملية “عاصفة أغسطس” (بالروسية: Августовская буря)، وهي العملية العسكرية السوفيتية التي نفذت في أغسطس 1945 ضد اليابان في منشوريا. بصفته رئيسًا لقسم العمليات في هيئة الأركان الرئيسية للجبهة الشرقية، شارك ديريفيانكو في وضع الخطط الاستراتيجية والتكتيكية للعملية، وتنسيق جهود الوحدات العسكرية المختلفة المشاركة فيها. كان دوره حاسمًا في نجاح العملية، التي أدت إلى هزيمة الجيش الياباني في منشوريا والإسراع في استسلام اليابان.
حياته الشخصية
على الرغم من تركيزه الشديد على مسيرته العسكرية، كان ديريفيانكو يتمتع بحياة شخصية هادئة ومستقرة. تزوج وأنجب أطفالًا، وكان يهتم بعائلته ويقضي معهم أوقات فراغه. كان معروفًا بتواضعه وأخلاقه الحميدة، وكان يحظى باحترام زملائه ومرؤوسيه.
خاتمة
كان كوزما نيكولايفيتش ديريفيانكو لواءً أوكرانيًا بارزًا في الجيش السوفيتي، لعب دورًا حاسمًا في الحرب العالمية الثانية، وخاصةً بتوقيعه على وثيقة الاستسلام الياباني. تميز بشجاعته وإصراره وقدرته على القيادة، وساهم في تحقيق الانتصارات السوفيتية. ترك وراءه إرثًا عسكريًا حافلاً بالإنجازات، ومسيرة مهنية متميزة في خدمة وطنه. يُعتبر ديريفيانكو شخصية بارزة في التاريخ العسكري السوفيتي، ويُذكر بإسهاماته في الدفاع عن الوطن وتحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية.