مؤشر الفقر البشري (Human Poverty Index)

تاريخ مؤشر الفقر البشري

تم تقديم مؤشر الفقر البشري لأول مرة في تقرير التنمية البشرية لعام 1997. كان الهدف منه هو توفير منظور أوسع للفقر يتجاوز المقاييس الاقتصادية البحتة. تم تعديل المؤشر لاحقًا، وفي عام 2010، تم استبداله بمؤشر الفقر متعدد الأبعاد (MPI)، الذي يعتبر أكثر شمولية ويأخذ في الاعتبار مجموعة أوسع من الأبعاد.

مكونات مؤشر الفقر البشري (HPI-1 و HPI-2)

كان هناك نوعان من مؤشر الفقر البشري، تم تصميمهما لدول مختلفة:

HPI-1: للدول النامية
HPI-2: للدول المتقدمة ذات الدخل المرتفع

مكونات HPI-1 (للدول النامية):

يتكون HPI-1 من ثلاثة عناصر أساسية تعكس جوانب مختلفة من الحرمان:

احتمالية عدم البقاء على قيد الحياة حتى سن الأربعين (P1): تقيس نسبة السكان الذين يُتوقع ألا يعيشوا حتى سن الأربعين. يعكس هذا المؤشر الوصول إلى الرعاية الصحية والتغذية والظروف المعيشية الأساسية.
نسبة البالغين الذين يعانون من الأمية (P2): تقيس نسبة البالغين الذين يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة. يعكس هذا المؤشر الوصول إلى التعليم والفرص التعليمية.
متوسط مرجح لنسبة السكان الذين لا يحصلون على مصادر مياه محسنة ونسبة الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن (P3): يتكون هذا العنصر من جزأين:
- نسبة السكان الذين لا يحصلون على مصادر مياه محسنة: تقيس نسبة السكان الذين يفتقرون إلى الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والنظيفة.
- نسبة الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن: تقيس نسبة الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من نقص الوزن، مما يشير إلى سوء التغذية.

يتم حساب HPI-1 باستخدام الصيغة التالية:

HPI-1 = [1/3 (P1^α + P2^α + P3^α)]^1/α

حيث α = 3

مكونات HPI-2 (للدول المتقدمة):

يتكون HPI-2 من أربعة عناصر أساسية، تأخذ في الاعتبار جوانب الحرمان في سياق الدول المتقدمة:

احتمالية عدم البقاء على قيد الحياة حتى سن الستين (P1): تقيس نسبة السكان الذين يُتوقع ألا يعيشوا حتى سن الستين. يعكس هذا المؤشر الوصول إلى الرعاية الصحية وظروف المعيشة في الدول المتقدمة.
نسبة البالغين الذين يعانون من نقص في مهارات القراءة والكتابة الوظيفية (P2): تقيس نسبة البالغين الذين يفتقرون إلى المهارات اللازمة للمشاركة الفعالة في المجتمع والاقتصاد.
نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر (P3): تقيس نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المحدد للدولة. يعكس هذا المؤشر التفاوت الاقتصادي والحرمان المالي.
معدل البطالة على المدى الطويل (P4): يقيس معدل البطالة التي تستمر لمدة 12 شهرًا أو أكثر. يعكس هذا المؤشر صعوبة الحصول على عمل مستقر ومجزٍ.

يتم حساب HPI-2 باستخدام الصيغة التالية:

HPI-2 = [1/4 (P1^α + P2^α + P3^α + P4^α)]^1/α

حيث α = 3

أهمية مؤشر الفقر البشري

كان لمؤشر الفقر البشري العديد من الفوائد والأهمية في مجال التنمية:

توفير رؤية شاملة للفقر: يساعد المؤشر على فهم الفقر بأبعاده المختلفة، وليس فقط من الناحية الاقتصادية.
تحديد الأولويات: يساعد الحكومات والمنظمات على تحديد المناطق والفئات الأكثر حاجة للمساعدة.
قياس التقدم: يمكن استخدامه لقياس التقدم المحرز في الحد من الفقر وتحسين الظروف المعيشية.
المساءلة: يساعد في مساءلة الحكومات والمنظمات عن جهودها في مكافحة الفقر.

انتقادات لمؤشر الفقر البشري

على الرغم من أهميته، واجه مؤشر الفقر البشري بعض الانتقادات:

التبسيط المفرط: يرى البعض أنه يبسط مفهوم الفقر المعقد ويختزله في عدد قليل من المؤشرات.
توفر البيانات: قد يكون من الصعب الحصول على بيانات دقيقة وموثوقة لجميع المؤشرات في جميع البلدان.
الوزن المتساوي: ينتقد البعض إعطاء وزن متساوٍ لجميع المؤشرات، حيث قد تكون بعض المؤشرات أكثر أهمية من غيرها في سياقات مختلفة.
الاستبدال بمؤشر الفقر متعدد الأبعاد (MPI): تم استبدال HPI بمؤشر MPI الأكثر شمولية، مما يشير إلى أن HPI لم يعد يعتبر المقياس الأمثل للفقر.

الفرق بين مؤشر الفقر البشري ومؤشر التنمية البشرية

مؤشر الفقر البشري (HPI) ومؤشر التنمية البشرية (HDI) هما مؤشران مختلفان يستخدمان لقياس جوانب مختلفة من التنمية البشرية. بينما يركز HPI على قياس مستوى الحرمان والفقر في مجتمع ما، يركز HDI على قياس متوسط الإنجازات في ثلاثة أبعاد أساسية للتنمية البشرية:

حياة طويلة وصحية: تقاس بمتوسط العمر المتوقع عند الولادة.
المعرفة: تقاس بمتوسط سنوات الدراسة المتوقعة وسنوات الدراسة الفعلية.
مستوى معيشة لائق: يقاس بالدخل القومي الإجمالي للفرد الواحد.

بعبارة أخرى، يقيس HDI الإنجازات الإجمالية في التنمية البشرية، بينما يقيس HPI جوانب الحرمان والفقر. يمكن استخدامهما معًا لتوفير صورة أكثر اكتمالاً للتنمية البشرية في بلد ما.

مؤشر الفقر متعدد الأبعاد (MPI)

مؤشر الفقر متعدد الأبعاد (MPI) هو مقياس أحدث وأكثر شمولية للفقر تم تطويره ليحل محل مؤشر الفقر البشري. يقيس MPI الفقر من خلال النظر في مجموعة واسعة من الأبعاد على مستوى الأسرة، بما في ذلك:

الصحة: التغذية، وفيات الأطفال.
التعليم: سنوات الدراسة، الالتحاق بالمدارس.
مستوى المعيشة: الوقود المستخدم للطهي، الصرف الصحي، المياه، الكهرباء، الإسكان، الأصول.

يعتبر MPI أكثر دقة من HPI لأنه يأخذ في الاعتبار جوانب متعددة للفقر ويسمح بتحديد الأفراد والأسر الذين يعانون من حرمان متعدد الأبعاد.

خاتمة

مؤشر الفقر البشري (HPI) كان أداة قيمة لقياس مستوى الفقر في مجتمع ما، حيث ساهم في توجيه السياسات والبرامج التنموية. على الرغم من استبداله بمؤشر الفقر متعدد الأبعاد (MPI) الأكثر شمولية، إلا أن HPI يظل علامة فارقة في تطور قياس الفقر وفهمه. ساهم المؤشر في إبراز أهمية النظر إلى الفقر بأبعاده المختلفة، وليس فقط من الناحية الاقتصادية، مما أدى إلى تحسين استراتيجيات مكافحة الفقر في جميع أنحاء العالم.