مقدمة
تكوين كانديليروس (Candeleros Formation)، الذي كان يُعرف سابقًا باسم عضو كانديليروس في “تكوين ريو ليماي”، هو تكوين جيولوجي يعود إلى العصر الطباشيري المتأخر. يقع هذا التكوين في أمريكا الجنوبية، وتحديدًا في الأرجنتين، ويشتهر باحتوائه على أحافير ديناصورات مهمة، بالإضافة إلى بقايا حيوانات ونباتات أخرى عاشت في تلك الحقبة الزمنية.
يعتبر تكوين كانديليروس جزءًا من مجموعة نيوكوين، وهي مجموعة من التكوينات الرسوبية التي تشكلت خلال العصر الطباشيري في حوض نيوكوين في الأرجنتين. يتميز هذا التكوين بطبقاته السميكة من الصخور الرملية والطينية، والتي تشير إلى بيئة رسوبية كانت تتألف من أنظمة أنهار مضفرة وسهول فيضية واسعة.
الخصائص الجيولوجية
تتكون صخور تكوين كانديليروس بشكل أساسي من الصخور الرملية الخشنة إلى المتوسطة الحبيبات، والتي غالبًا ما تكون متقاطعة الطبقات، مما يدل على ترسبها بواسطة تيارات مائية قوية. توجد أيضًا طبقات من الطين والحجر الطيني، والتي تشير إلى فترات من الهدوء النسبي في النشاط الرسوبي.
تتميز الصخور الرملية بلونها الأحمر والبني، وذلك بسبب وجود أكاسيد الحديد. تحتوي بعض الطبقات على عقيدات من الكالسيت أو السيليكا، والتي تشكلت نتيجة لعمليات التجوية والترسيب بعد التكوين الأصلي للرواسب.
يبلغ سمك تكوين كانديليروس حوالي 640 مترًا في بعض المناطق، مما يجعله أحد التكوينات الأكثر سمكًا في مجموعة نيوكوين. يعود تاريخ التكوين إلى مرحلة السينومانيان في العصر الطباشيري المتأخر، أي ما بين 99.6 و 93.5 مليون سنة مضت.
الأهمية الأحفورية
تكمن الأهمية الرئيسية لتكوين كانديليروس في محتواه الأحفوري الغني والمتنوع. تم العثور على العديد من أحافير الديناصورات في هذا التكوين، بما في ذلك أنواع كبيرة من الصوروبودا (Sauropoda) والثيروبودا (Theropoda). من بين الديناصورات الأكثر شهرة التي تم اكتشافها في تكوين كانديليروس:
- أنديسورس (Andesaurus): أحد أكبر الديناصورات التي عاشت على الإطلاق، وهو من آكلات النباتات وينتمي إلى مجموعة الصوروبودا.
- جيجانتوصور (Giganotosaurus): أحد أكبر الديناصورات آكلة اللحوم التي عرفها العلم، وهو من الثيروبودا وكان يعيش في نفس الوقت والمكان الذي عاش فيه الأنديسورس.
- ليمايسورس (Limaysaurus): ديناصور آخر من الصوروبودا تم اكتشافه في هذا التكوين.
بالإضافة إلى الديناصورات، تم العثور على أحافير أخرى في تكوين كانديليروس، بما في ذلك:
- التماسيح: تم العثور على بقايا تماسيح قديمة كانت تعيش في نفس البيئة مع الديناصورات.
- السلاحف: تم العثور على أصداف سلاحف متحجرة.
- الأسماك: تم العثور على بعض أحافير الأسماك، مما يشير إلى وجود أنهار وبحيرات في المنطقة.
- النباتات: تم العثور على أحافير لنباتات متنوعة، بما في ذلك السرخسيات والأشجار، مما يعطينا فكرة عن شكل الغطاء النباتي في تلك الحقبة الزمنية.
تساعد هذه الأحافير العلماء على فهم البيئة القديمة التي كانت موجودة في أمريكا الجنوبية خلال العصر الطباشيري المتأخر، وكذلك تطور الديناصورات والحيوانات الأخرى التي عاشت في تلك الفترة.
البيئة القديمة
يشير تكوين كانديليروس إلى أن المنطقة كانت عبارة عن سهل فيضي واسع تتخلله أنهار مضفرة. كانت الأنهار تحمل الرواسب من المناطق المرتفعة وتودعها في السهل الفيضي، مما أدى إلى تراكم طبقات سميكة من الرمل والطين.
كان المناخ في ذلك الوقت دافئًا ورطبًا، مما ساعد على نمو النباتات المختلفة. كانت الغابات تتكون من السرخسيات والأشجار، مما يوفر الغذاء والمأوى للحيوانات المختلفة، بما في ذلك الديناصورات.
تشير الأدلة الأحفورية إلى أن المنطقة كانت موطنًا لمجموعة متنوعة من الحيوانات، بما في ذلك الديناصورات الكبيرة والصغيرة، والتماسيح، والسلاحف، والأسماك. كانت هذه الحيوانات تتفاعل مع بعضها البعض في نظام بيئي معقد، حيث كانت الديناصورات آكلة اللحوم تفترس الديناصورات آكلة النباتات، وكانت الحيوانات الصغيرة تتغذى على النباتات والحشرات.
الدراسات والأبحاث
تم إجراء العديد من الدراسات والأبحاث على تكوين كانديليروس، بهدف فهم خصائصه الجيولوجية ومحتواه الأحفوري. قام العلماء بتحليل الصخور والرواسب لتحديد عمرها وتركيبها، وكذلك دراسة الأحافير لتحديد أنواع الحيوانات والنباتات التي كانت تعيش في المنطقة.
تساعد هذه الدراسات على بناء صورة أكثر تفصيلاً عن البيئة القديمة التي كانت موجودة في أمريكا الجنوبية خلال العصر الطباشيري المتأخر، وكذلك فهم تطور الديناصورات والحيوانات الأخرى التي عاشت في تلك الفترة.
تستمر الأبحاث في تكوين كانديليروس حتى اليوم، حيث يتم اكتشاف أحافير جديدة باستمرار. يأمل العلماء في أن تساعد هذه الاكتشافات في الإجابة على المزيد من الأسئلة حول تاريخ الحياة على الأرض.
التحديات والصعوبات
على الرغم من الأهمية العلمية لتكوين كانديليروس، إلا أن هناك بعض التحديات والصعوبات التي تواجه الباحثين الذين يعملون في هذا المجال. من بين هذه التحديات:
- الظروف المناخية القاسية: تقع منطقة كانديليروس في منطقة صحراوية قاحلة، حيث تكون درجات الحرارة مرتفعة جدًا خلال النهار ومنخفضة جدًا خلال الليل.
- صعوبة الوصول إلى بعض المناطق: بعض المناطق في تكوين كانديليروس يصعب الوصول إليها، مما يجعل من الصعب على الباحثين إجراء الحفريات والدراسات.
- نقص الموارد: غالبًا ما يواجه الباحثون نقصًا في الموارد المالية والمعدات اللازمة لإجراء الأبحاث.
على الرغم من هذه التحديات، يواصل الباحثون العمل بجد لاكتشاف المزيد عن تكوين كانديليروس وأهميته العلمية.
خاتمة
تكوين كانديليروس هو تكوين جيولوجي مهم يقع في الأرجنتين. يتميز بمحتواه الأحفوري الغني والمتنوع، والذي يشمل أحافير ديناصورات مهمة، بالإضافة إلى بقايا حيوانات ونباتات أخرى عاشت في العصر الطباشيري المتأخر. تساعد الدراسات والأبحاث على هذا التكوين على فهم البيئة القديمة التي كانت موجودة في أمريكا الجنوبية خلال تلك الحقبة الزمنية، وكذلك تطور الديناصورات والحيوانات الأخرى التي عاشت في تلك الفترة.