مقدمة
محمد يشار بويوكانيت (1 سبتمبر 1940 – 21 نوفمبر 2019) كان رئيس الأركان العامة التركية الخامس والعشرين. تولى هذا المنصب الرفيع في القوات المسلحة التركية في الفترة من 30 أغسطس 2006 إلى 30 أغسطس 2008. يعتبر بويوكانيت شخصية بارزة في تاريخ تركيا الحديث، حيث لعب دورًا مهمًا في الجيش التركي، وهي مؤسسة ذات نفوذ كبير في السياسة والمجتمع التركي.
تميزت فترة بويوكانيت في قيادة الجيش التركي بتحديات كبيرة، بما في ذلك التوترات السياسية الداخلية، ومكافحة الإرهاب، والعلاقات المعقدة مع الدول المجاورة. واجه الجيش التركي خلال فترة ولايته تحديات متزايدة من حزب العمال الكردستاني (PKK) وغيرها من الجماعات المتطرفة. كما شهدت تركيا خلال هذه الفترة تحولات سياسية واجتماعية كبيرة، بما في ذلك صعود حزب العدالة والتنمية (AKP) الحاكم بقيادة رجب طيب أردوغان، والذي أدى إلى تغييرات في ميزان القوى بين الجيش والمؤسسات المدنية.
توفي يشار بويوكانيت في 21 نوفمبر 2019، عن عمر يناهز 79 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. وقد أقيمت له جنازة عسكرية رسمية حضرها كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، بالإضافة إلى حشود كبيرة من المواطنين الأتراك الذين أرادوا تكريمه والإشادة بإسهاماته في خدمة بلاده.
نشأته وتعليمه
ولد يشار بويوكانيت في 1 سبتمبر 1940 في مدينة إسطنبول. بعد إتمام تعليمه الابتدائي والثانوي، التحق بالأكاديمية العسكرية التركية وتخرج منها في عام 1961 برتبة ملازم. واصل تعليمه العسكري المتقدم في كلية الحرب التركية، وتخرج منها في عام 1973. كما حضر دورات تدريبية عسكرية متقدمة في الخارج، بما في ذلك دورة في الولايات المتحدة الأمريكية.
يُعرف عن بويوكانيت بأنه كان ضابطًا ذكيًا ومجتهدًا، وقد تفوق في دراساته العسكرية وحصل على تقدير كبير من رؤسائه ومرؤوسيه. كان لديه اهتمام خاص بالتخطيط الاستراتيجي والعمليات العسكرية، وقد ساهم في تطوير العديد من الخطط والبرامج التدريبية للقوات المسلحة التركية.
مسيرته العسكرية
بدأ يشار بويوكانيت مسيرته العسكرية كضابط مشاة في مختلف الوحدات العسكرية في جميع أنحاء تركيا. شغل مناصب قيادية مختلفة، بما في ذلك قائد فصيلة، وقائد سرية، وقائد كتيبة. كما عمل في مناصب الأركان في مختلف القيادات العسكرية، بما في ذلك رئاسة الأركان العامة التركية.
في عام 1992، تمت ترقية بويوكانيت إلى رتبة لواء، وشغل منصب قائد الفرقة الميكانيكية السادسة. في عام 1996، تمت ترقيته إلى رتبة فريق، وشغل منصب رئيس أركان الجيش الأول. في عام 2000، تمت ترقيته إلى رتبة فريق أول، وشغل منصب قائد التدريب والتعليم. في عام 2004، تمت ترقيته إلى رتبة جنرال، وهي أعلى رتبة في الجيش التركي، وشغل منصب قائد الجيش الأول. ثم في عام 2006، تم تعيينه رئيسًا للأركان العامة التركية.
- قائد فصيلة: بداية المسيرة المهنية في الوحدات الميدانية.
- قائد سرية: مسؤولية أكبر في قيادة الوحدات.
- قائد كتيبة: قيادة وحدة قتالية رئيسية.
- رئيس أركان الجيش الأول: منصب هام في التخطيط والتنسيق.
- قائد التدريب والتعليم: الإشراف على تطوير القدرات العسكرية.
- قائد الجيش الأول: قيادة قوة عسكرية كبيرة ومهمة.
رئاسة الأركان العامة
تولى يشار بويوكانيت منصب رئيس الأركان العامة التركية في 30 أغسطس 2006. خلال فترة ولايته، واجه الجيش التركي تحديات كبيرة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، والعلاقات المتوترة مع الدول المجاورة، والتحولات السياسية الداخلية. ركز بويوكانيت على تعزيز قدرات الجيش التركي وتحديثه، وتعزيز التعاون العسكري مع الدول الحليفة.
كان بويوكانيت مدافعًا قويًا عن دور الجيش التركي في حماية العلمانية والديمقراطية في تركيا. وقد انتقد بشدة محاولات الحكومة الإسلامية لتغيير النظام العلماني للبلاد. كما كان معارضًا قويًا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، وأشرف على العديد من العمليات العسكرية ضد الجماعة.
واجه بويوكانيت خلال فترة ولايته كرئيس للأركان العامة العديد من الانتقادات من قبل بعض وسائل الإعلام والسياسيين، الذين اتهموه بالتدخل في السياسة. ومع ذلك، حظي بدعم قوي من قبل العديد من الضباط والجنود في الجيش التركي، الذين اعتبروه قائدًا قويًا ومخلصًا.
الخلافات والانتقادات
على الرغم من مسيرته العسكرية المتميزة، لم تخلُ حياة يشار بويوكانيت من الجدل والانتقادات. تعرض لانتقادات بسبب تصريحاته السياسية، وخاصة تلك التي تتعلق بدور الجيش في السياسة التركية. اتهمه البعض بالتدخل في الشؤون السياسية، وتجاوز صلاحياته الدستورية.
إحدى أبرز الخلافات التي واجهها بويوكانيت كانت تتعلق بمذكرات إيرغينيكون، وهي قضية جنائية معقدة تتعلق بشبكة سرية يُزعم أنها كانت تخطط للإطاحة بالحكومة التركية. اتُهم بويوكانيت بالتستر على بعض المتورطين في القضية، وهو ما نفاه بشدة. ومع ذلك، استمرت الانتقادات الموجهة إليه حتى بعد تركه منصبه.
كما تعرض بويوكانيت لانتقادات بسبب ثروته الشخصية. اتهمه البعض بتحقيق ثروة غير مشروعة خلال فترة خدمته في الجيش، وهو ما نفاه أيضًا. ومع ذلك، ظلت هذه الاتهامات تلاحقه حتى وفاته.
الحياة الشخصية
كان يشار بويوكانيت متزوجًا ولديه ابنة واحدة. كان معروفًا بحبه للقراءة والتاريخ، وكان يتحدث الإنجليزية بطلاقة. كان أيضًا من محبي الرياضة، وخاصة كرة القدم. وصفه المقربون بأنه كان شخصًا متواضعًا ومتعاونًا، على الرغم من منصبه الرفيع في الجيش التركي.
وفاته وإرثه
توفي يشار بويوكانيت في 21 نوفمبر 2019، عن عمر يناهز 79 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. وقد أقيمت له جنازة عسكرية رسمية حضرها كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، بالإضافة إلى حشود كبيرة من المواطنين الأتراك. دفن في مقبرة شهداء الجيش التركي في أنقرة.
ترك بويوكانيت إرثًا معقدًا في تاريخ تركيا الحديث. يعتبره البعض بطلاً قوميًا وقائدًا عسكريًا محنكًا، بينما ينتقده آخرون بسبب تصريحاته السياسية وخلافاته. بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن بويوكانيت كان شخصية مؤثرة في تاريخ تركيا، وأن دوره في الجيش التركي سيظل موضع نقاش وتحليل لسنوات عديدة قادمة.
خاتمة
كان يشار بويوكانيت شخصية محورية في تاريخ تركيا العسكري والسياسي الحديث. شغل منصب رئيس الأركان العامة في فترة حرجة شهدت فيها تركيا تحديات داخلية وخارجية كبيرة. على الرغم من الخلافات والانتقادات التي واجهها، إلا أنه ترك بصمة واضحة على الجيش التركي وعلى المجتمع التركي بشكل عام. سيبقى بويوكانيت شخصية مثيرة للجدل، ولكن لا يمكن إنكار تأثيره وأهميته في تاريخ تركيا الحديث.