نشأته وتعليمه
ولد مار يوحنا سمعان عيسائي في مدينة أورميا بإيران عام 1914. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس الكنيسة الكلدانية. في شبابه، أظهر اهتمامًا كبيرًا بالدراسات الدينية، والتحق بالكلية البابوية في روما لدراسة الفلسفة واللاهوت. في روما، تعمق في دراسة الكتاب المقدس والتقاليد الكنسية، وتأثر بالعديد من المفكرين والعلماء الكاثوليك. حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت من الكلية البابوية، مما أهله للقيام بمسؤوليات قيادية في الكنيسة.
مسيرته الكهنوتية
رُسِمَ مار يوحنا سمعان عيسائي كاهنًا عام 1939، وبدأ خدمته في أبرشية طهران. عمل بجد في خدمة الرعية، وقام بإنشاء العديد من المؤسسات الاجتماعية والتعليمية لخدمة المجتمع الكلداني. تميزت خدمته بالاهتمام الخاص بالفقراء والمحتاجين، وعمل على توفير الدعم لهم. في عام 1955، عُيّنَ أسقفًا مساعدًا لأبرشية طهران، وفي عام 1962، أصبح رئيس أساقفة طهران. هذه الفترة شهدت تطورات كبيرة في حياة الكنيسة الكلدانية في إيران.
رئاسة أساقفة طهران
خلال فترة رئاسته لأساقفة طهران، واجه مار يوحنا سمعان عيسائي تحديات كبيرة. شهدت إيران تغيرات سياسية واجتماعية كبيرة، بما في ذلك الثورة الإسلامية عام 1979. على الرغم من هذه التحديات، تمكن من الحفاظ على استقرار الكنيسة الكلدانية، وتوفير الدعم الروحي لأفراد رعيته. عمل بجد للحفاظ على العلاقات الجيدة مع السلطات، والدفاع عن حقوق الأقلية المسيحية. قام بتوسيع نطاق الخدمات الكنسية، وإنشاء المزيد من الكنائس والمدارس، وتحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية لأفراد الرعية. كان يتمتع بشخصية قيادية قوية، وكان قادرًا على جمع الناس معًا في أوقات الأزمات.
إسهاماته في الحوار بين الأديان
بالإضافة إلى عمله في الكنيسة الكلدانية، كان مار يوحنا سمعان عيسائي مكرسًا للحوار بين الأديان. أدرك أهمية بناء الجسور بين المسيحيين والمسلمين، وعمل على تعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بينهما. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات التي تهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان، وقدم مساهمات قيمة في هذا المجال. كان يؤمن بأن الحوار والتفاهم هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام والتعايش السلمي في المنطقة. كان يعتبر أن التعاون بين الأديان ضروريًا لمواجهة التحديات الاجتماعية والأخلاقية التي تواجه العالم.
إنجازاته وميراثه
ترك مار يوحنا سمعان عيسائي إرثًا كبيرًا في الكنيسة الكلدانية وفي المجتمع الإيراني. لقد كان قائدًا روحيًا متميزًا، وقام بدور كبير في الحفاظ على التراث والثقافة الكلدانية. أسس العديد من المؤسسات الاجتماعية والتعليمية، والتي لا تزال تخدم المجتمع حتى اليوم. عمل على تعزيز العلاقات بين الكنائس المختلفة، وتعزيز الحوار بين الأديان. يعتبر رمزًا للقيادة والإخلاص والخدمة. ترك وراءه إرثًا من المحبة والتسامح، وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الكلدانيين والإيرانيين على حد سواء.
أعماله الأدبية
بالإضافة إلى عمله الكهنوتي والإداري، كان مار يوحنا سمعان عيسائي كاتبًا غزير الإنتاج. نشر العديد من المقالات والمقالات في المجلات والصحف الكنسية، بالإضافة إلى عدد من الكتب حول اللاهوت والتاريخ الكنسي والحوار بين الأديان. ساهمت كتاباته في نشر الوعي حول الكنيسة الكلدانية وثقافتها، وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة. كان يستخدم أسلوبًا واضحًا ومباشرًا في الكتابة، مما جعل كتاباته في متناول القراء من مختلف الخلفيات.
التحديات التي واجهها
واجه مار يوحنا سمعان عيسائي خلال حياته عددًا من التحديات. شهدت فترة رئاسته لأساقفة طهران تغيرات سياسية واجتماعية كبيرة في إيران، بما في ذلك الثورة الإسلامية. واجه صعوبات في الحفاظ على استقرار الكنيسة الكلدانية، وتوفير الدعم الروحي لأفراد رعيته في ظل هذه الظروف. بالإضافة إلى ذلك، واجه صعوبات في الحفاظ على العلاقات الجيدة مع السلطات، والدفاع عن حقوق الأقلية المسيحية. على الرغم من هذه التحديات، تمكن من التغلب عليها بفضل قيادته الحكيمة وإيمانه القوي.
وفاته
توفي مار يوحنا سمعان عيسائي عام 1999، تاركًا وراءه إرثًا من العمل والإنجاز. أقيمت له جنازة مهيبة حضرها الآلاف من أفراد الكنيسة الكلدانية، بالإضافة إلى ممثلين عن الكنائس الأخرى والسلطات الحكومية. تم دفنه في طهران، ولا يزال قبره مزارًا للعديد من المؤمنين الذين يرون فيه رمزًا للقيادة والإخلاص والخدمة.
خاتمة
مار يوحنا سمعان عيسائي شخصية تاريخية بارزة في الكنيسة الكلدانية. لقد كان قائدًا روحيًا متميزًا، وساهم بشكل كبير في الحفاظ على التراث والثقافة الكلدانية، وتعزيز الحوار بين الأديان. على الرغم من التحديات التي واجهها، إلا أنه تمكن من ترك إرث دائم من المحبة والتسامح والخدمة. يعتبر مثالاً يحتذى به في القيادة والإخلاص والعمل الدؤوب.