نشأته وحياته المبكرة
ولد سلفادور ماريا دي إيتوربيدي إي هوارتي في 17 يوليو 1820 في مكسيكو سيتي. كان والده أغوستين دي إيتوربيدي، الذي سيصبح لاحقًا إمبراطور المكسيك، وكانت والدته آنا ماريا هوارتي إي موشيز. كان سلفادور الابن الثالث من بين عشرة أطفال، ونشأ في ظل صعود والده السياسي والعسكري. شهدت طفولته المبكرة أحداثًا محورية في تاريخ المكسيك، حيث قاد والده حرب الاستقلال عن إسبانيا.
في عام 1821، أعلن أغوستين دي إيتوربيدي استقلال المكسيك وأصبح رئيسًا للوصاية. وفي عام 1822، تم إعلانه إمبراطورًا للمكسيك، ليصبح أغوستين الأول. بذلك، أصبح سلفادور أميرًا للإمبراطورية المكسيكية. ومع ذلك، لم تدم الإمبراطورية طويلاً، ففي عام 1823، أُجبر أغوستين الأول على التنازل عن العرش والذهاب إلى المنفى.
المنفى والحياة في أوروبا
بعد تنازل والده عن العرش، رافق سلفادور وعائلته أغوستين الأول إلى المنفى في أوروبا. في البداية، استقروا في إيطاليا، ثم انتقلوا لاحقًا إلى إنجلترا. خلال فترة المنفى، واجهت العائلة صعوبات مالية، ولكنهم حافظوا على أملهم في العودة إلى المكسيك.
في عام 1824، عاد أغوستين الأول إلى المكسيك على أمل استعادة عرشه، لكنه قُبض عليه وأُعدم. تركت وفاة والده أثرًا عميقًا على سلفادور وعائلته. بعد وفاة أغوستين الأول، انتقلت العائلة إلى الولايات المتحدة، حيث عاشوا في فيلادلفيا.
في عام 1833، سُمح لعائلة إيتوربيدي بالعودة إلى المكسيك. ومع ذلك، ظل سلفادور في أوروبا، حيث التحق بالكلية العسكرية في فيينا. بعد تخرجه، خدم في الجيش النمساوي لعدة سنوات.
العودة إلى المكسيك والتبني من قبل ماكسيميليان الأول
في عام 1864، عاد سلفادور إلى المكسيك بعد أن عرض عليه الإمبراطور ماكسيميليان الأول منصبًا في حكومته. كان ماكسيميليان يأمل في كسب دعم العائلة الإمبراطورية السابقة لتعزيز حكمه. تم تعيين سلفادور رئيسًا للأركان للإمبراطور ماكسيميليان، وحصل على لقب أمير.
بعد وقت قصير من وصوله، قام ماكسيميليان بتبني كل من سلفادور دي إيتوربيدي وشقيقته جوزيفا دي إيتوربيدي كأبناء له، ومنحهم ألقابًا ملكية جديدة. كان الهدف من هذا التبني هو إظهار استمرارية النظام الملكي المكسيكي وتأمين وريث للعرش في حالة عدم إنجاب ماكسيميليان وزوجته شارلوت أطفالًا.
أصبح سلفادور بذلك الوريث المفترض للعرش المكسيكي، وهو ما أثار جدلاً واسعًا. كان العديد من المكسيكيين يعتقدون أن سلفادور لم يكن مؤهلاً لتولي العرش لأنه لم يكن مكسيكيًا بالميلاد. ومع ذلك، دافع ماكسيميليان عن قراره، مشيرًا إلى أن سلفادور كان حفيد الإمبراطور أغوستين الأول وبالتالي كان له الحق في تولي العرش.
وفاته
توفي سلفادور دي إيتوربيدي إي هوارتي في 7 يونيو 1856 في مدينة مكسيكو. سبب وفاته غير واضح، لكن يُعتقد أنه توفي بسبب المرض. لم يتزوج سلفادور ولم يكن لديه أطفال.
بعد وفاة سلفادور، تم دفنه في كاتدرائية مكسيكو سيتي. تم تخليد ذكراه كشخصية مهمة في تاريخ المكسيك، على الرغم من أن فترة وجوده في السلطة كانت قصيرة وغير مستقرة.
إرثه
على الرغم من أن سلفادور دي إيتوربيدي إي هوارتي لم يحكم المكسيك أبدًا، إلا أنه لعب دورًا مهمًا في تاريخ البلاد. كان الوريث المفترض للعرش خلال فترة مضطربة من تاريخ المكسيك، وأثارت حياته ومسيرته المهنية الكثير من الجدل.
يُنظر إلى سلفادور من قبل البعض على أنه رمز للوحدة الوطنية، بينما يراه آخرون على أنه دمية في يد الإمبراطور ماكسيميليان. بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن سلفادور دي إيتوربيدي إي هوارتي كان شخصية بارزة في تاريخ المكسيك.
دوره في السياسة المكسيكية
على الرغم من أن سلفادور لم يكن له دور فعال في السياسة المكسيكية بعد عودته، إلا أن وجوده كان له تأثير كبير. سعى ماكسيميليان من خلال تبنيه إلى كسب تأييد أنصار الإمبراطورية السابقة، وإضفاء الشرعية على نظامه الجديد. ومع ذلك، أثار هذا التبني استياء الجمهوريين الذين رأوا فيه محاولة لإعادة فرض النظام الملكي. علاوة على ذلك، لم يحظَ سلفادور بشعبية كبيرة بسبب ارتباطه بالأسرة المالكة السابقة ونشأته الأوروبية.
الجدل حول وريث العرش
كان موضوع وريث العرش المكسيكي قضية حساسة خلال فترة حكم ماكسيميليان. لم يكن لدى الإمبراطور وزوجته أطفال، مما جعل مسألة الخلافة معقدة. كان تبني سلفادور محاولة لحل هذه المشكلة، ولكنه أثار جدلاً كبيرًا. اعترض العديد من المكسيكيين على اختيار سلفادور، معتبرين أنه غير مؤهل بسبب عدم ولادته في المكسيك وولائه للإمبراطورية النمساوية. تفاقمت هذه المشاعر بسبب حقيقة أن سلفادور لم يكن يتحدث الإسبانية بطلاقة.
حياته الشخصية
على الرغم من مركزه الاجتماعي الرفيع، عاش سلفادور حياة متواضعة نسبيًا. لم يتزوج قط ولم يكن لديه أطفال. كان معروفًا بأنه شخص هادئ ومنطوٍ، وكان يفضل قضاء وقته في القراءة والكتابة. يُقال أيضًا أنه كان يتمتع بذكاء حاد وكان لديه اهتمام كبير بالتاريخ والسياسة. لم تكن لديه طموحات سياسية كبيرة، ويبدو أنه كان راضيًا عن دوره كرمز للإمبراطورية.
تقييم تاريخي
يُنظر إلى سلفادور دي إيتوربيدي إي هوارتي اليوم على أنه شخصية هامشية في التاريخ المكسيكي. ومع ذلك، فإن حياته تعكس تعقيدات السياسة المكسيكية في القرن التاسع عشر، والانقسامات بين الملكيين والجمهوريين، والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد. يظل تبنيه من قبل ماكسيميليان قضية مثيرة للجدل، وهي شهادة على الصراع على السلطة والهوية الذي ميز تلك الحقبة.
من المهم أن نضع في اعتبارنا أن سلفادور كان ضحية للظروف التاريخية والسياسية التي لم يكن له سيطرة عليها. لقد وُلد في عائلة ملكية في فترة من الاضطرابات، وأُجبر على العيش في المنفى، ثم تم استخدامه كأداة سياسية من قبل ماكسيميليان. على الرغم من كل هذه التحديات، حافظ سلفادور على كرامته وولائه لعائلته ووطنه.
دراسة حياة سلفادور دي إيتوربيدي إي هوارتي تساعدنا على فهم أفضل لتاريخ المكسيك المعقد، والتحديات التي واجهتها البلاد في سعيها لتحقيق الاستقلال والازدهار.
خاتمة
سلفادور دي إيتوربيدي إي هوارتي، شخصية مثيرة للجدل في التاريخ المكسيكي، عاش حياة مليئة بالتقلبات. من كونه أميرًا في الإمبراطورية المكسيكية الأولى إلى تبنيه من قبل الإمبراطور ماكسيميليان الأول، لعب سلفادور دورًا فريدًا في الأحداث السياسية في عصره. على الرغم من أنه لم يحكم المكسيك أبدًا، إلا أن وجوده كان له تأثير كبير على السياسة المكسيكية، ولا يزال إرثه موضوع نقاش حتى اليوم.