العائلة
كان وايلد ينتمي إلى عائلة بارزة في نيوزيلندا. والده، هربرت وايلد، كان محامياً ناجحاً وشغل منصب رئيس بلدية ويلينغتون. والدته، إديث تشورتون، كانت ناشطة في العديد من المنظمات الخيرية والاجتماعية. كان لوايلد شقيقان، أحدهما أصبح طبيباً والآخر مهندساً.
التعليم
تلقى وايلد تعليمه في كلية ويلينغتون، حيث برع أكاديمياً ورياضياً. ثم التحق بكلية فيكتوريا الجامعية (الآن جامعة فيكتوريا في ويلينغتون)، حيث درس القانون. حصل على درجة البكالوريوس في القانون مع مرتبة الشرف من الدرجة الأولى في عام 1934.
الحياة المهنية المبكرة
بعد تخرجه من الجامعة، عمل وايلد كمحامٍ في مكتب محاماة خاص في ويلينغتون. سرعان ما اكتسب سمعة طيبة كمحامٍ كفء ومجتهد. في عام 1939، تم استدعاؤه إلى نقابة المحامين وأصبح شريكاً في شركة المحاماة.
الخدمة العسكرية
خلال الحرب العالمية الثانية، خدم وايلد في الجيش النيوزيلندي. تم تكليفه في البداية في المدفعية الملكية النيوزيلندية، لكنه نُقل لاحقاً إلى فيلق الاستخبارات. خدم في الشرق الأوسط وإيطاليا، ووصل إلى رتبة رائد.
العودة إلى ممارسة القانون
بعد الحرب، عاد وايلد إلى نيوزيلندا واستأنف ممارسة القانون. سرعان ما أصبح أحد أبرز المحامين في البلاد. تخصص في القانون التجاري وقانون الشركات، وقدم المشورة للعديد من الشركات الكبرى في نيوزيلندا.
التعيين في المحكمة العليا
في عام 1966، تم تعيين وايلد في المحكمة العليا في نيوزيلندا. كان يبلغ من العمر 54 عاماً فقط في ذلك الوقت، مما جعله أحد أصغر القضاة الذين تم تعيينهم في المحكمة على الإطلاق. أثبت وايلد بسرعة أنه قاضٍ لامع ومفكر. كان معروفاً بمعرفته الواسعة بالقانون وقدرته على تحليل القضايا المعقدة بوضوح ودقة.
رئيس المحكمة العليا
في عام 1968، تم تعيين وايلد رئيساً للمحكمة العليا في نيوزيلندا، خلفاً للسير ريتشارد إرد. شغل هذا المنصب حتى تقاعده في عام 1978. خلال فترة ولايته كرئيس للقضاة، أشرف وايلد على عدد من التطورات الهامة في القانون النيوزيلندي. لعب دوراً فعالاً في إدخال قانون الإجراءات الجنائية لعام 1961، الذي أصلح نظام العدالة الجنائية في نيوزيلندا. كان أيضاً مدافعاً قوياً عن استقلال القضاء.
القضايا البارزة
أثناء وجوده في المحكمة العليا، ترأس وايلد عدداً من القضايا البارزة، بما في ذلك:
- دونوجو ضد ستيفنسون (1932): على الرغم من أن هذه القضية حدثت قبل فترة ولاية وايلد، إلا أنها كانت قضية مرجعية استخدمها وايلد في العديد من أحكامه. أسست هذه القضية مبدأ مسؤولية الشركات المصنعة تجاه المستهلكين.
- رو ضد ويد (1973): على الرغم من أن هذه القضية كانت أمريكية، إلا أن وايلد ناقشها في العديد من المحاضرات والمقالات. كانت هذه القضية تتعلق بحق المرأة في الإجهاض.
- قضية إيساك (1975): قضية جنائية تتعلق بالقتل. أدار وايلد المحاكمة وأصدر حكماً بالسجن المؤبد على المتهم.
التقاعد
تقاعد وايلد من المحكمة العليا في عام 1978. توفي بعد ذلك بوقت قصير، في 22 مايو 1978، عن عمر يناهز 65 عاماً.
الإرث
يُذكر وايلد كواحد من أعظم القضاة في نيوزيلندا. كان باحثاً قانونياً لامعاً وإدارياً كفؤاً. كان أيضاً رجلاً ذا نزاهة وشجاعة عظيمتين. كان وايلد مدافعاً قوياً عن سيادة القانون واستقلال القضاء.
الأوسمة والجوائز
- وسام الإمبراطورية البريطانية (CBE) في عام 1956
- لقب فارس (Knight Bachelor) في عام 1969
- عضو المجلس الخاص (Privy Councillor) في عام 1975
مساهماته في القانون النيوزيلندي
ساهم السير ريتشارد وايلد بشكل كبير في تطوير القانون النيوزيلندي. من بين مساهماته الرئيسية:
- تطوير القانون الجنائي: لعب دوراً حاسماً في إدخال قانون الإجراءات الجنائية لعام 1961، الذي أصلح نظام العدالة الجنائية في نيوزيلندا.
- تعزيز استقلال القضاء: دافع بقوة عن استقلال القضاء، مما ساهم في حماية نزاهة واستقلالية المحاكم.
- تفسير القانون الدستوري: قدم تفسيرات قيمة للقانون الدستوري النيوزيلندي، مما ساهم في فهم وتطبيق الدستور.
- تطوير القانون التجاري: ساهم في تطوير القانون التجاري وقانون الشركات من خلال أحكامه وقراراته القضائية.
الحياة الشخصية
تزوج السير ريتشارد وايلد من السيدة ماري وايلد، وأنجبا ثلاثة أطفال. كان معروفاً بحياته العائلية القوية وتفانيه في خدمة مجتمعه.
مؤلفاته
نشر السير ريتشارد وايلد العديد من المقالات والمحاضرات حول مواضيع قانونية مختلفة، مما ساهم في إثراء الفكر القانوني في نيوزيلندا.
خاتمة
كان السير هربرت ريتشارد تشورتون وايلد شخصية بارزة في تاريخ نيوزيلندا القانوني. كرئيس للقضاة، لعب دوراً حاسماً في تشكيل نظام العدالة في البلاد. سيظل إرثه باقياً كقاضٍ لامع ومدافع قوي عن سيادة القانون.