خلفية المعركة
في عام 1809، شنت الإمبراطورية النمساوية حربًا ضد الإمبراطورية الفرنسية النابليونية سعيًا لاستعادة الأراضي التي فقدتها في الحروب السابقة. كان الأرشيدوق كارل، شقيق الإمبراطور النمساوي فرانسيس الأول، يقود الجيش النمساوي الرئيسي. في أبريل 1809، عبر الجيش النمساوي نهر إين وبدأ في غزو بافاريا، الحليف الفرنسي. في البداية، حقق النمساويون بعض النجاح، لكن نابليون سرعان ما وصل إلى مسرح العمليات واستعاد زمام المبادرة.
بعد عدة انتصارات فرنسية، بما في ذلك معركة إكمول ومعركة ريغنسبورغ، اضطر الجيش النمساوي إلى التراجع نحو فيينا. ومع ذلك، قرر الفريق أول هيلر، الذي كان يقود فيلقًا نمساويًا منفصلاً، القيام بعمل هجومي ضد الفرنسيين. كان هيلر يعتقد أن بإمكانه قطع خطوط الاتصال الفرنسية وإجبار نابليون على إيقاف تقدمه.
اختار هيلر إبلسبيرغ كهدف له. كانت إبلسبيرغ بلدة صغيرة تقع على الضفة الشمالية لنهر تراون. كانت البلدة متصلة بالضفة الجنوبية بجسر خشبي طويل. كان الجسر نقطة عبور استراتيجية، وسيطرة النمساويين عليه كانت ستشكل تهديدًا خطيرًا للجيش الفرنسي.
التحضيرات للمعركة
عندما علم ماسينا بنوايا هيلر، قرر مواجهته في إبلسبيرغ. كان ماسينا قائدًا فرنسيًا مخضرمًا، وقد اكتسب سمعة طيبة بسبب شجاعته ومهاراته التكتيكية. قاد ماسينا الفيلق الرابع من الجيش الفرنسي، وكان لديه حوالي 30 ألف جندي تحت إمرته. أرسل ماسينا طلائع من قواته بقيادة الجنرال د’إسبان للسيطرة على البلدة. في غضون ذلك، قام هيلر بتحصين إبلسبيرغ بقوة قوامها حوالي 25 ألف جندي.
كانت إبلسبيرغ موقعًا دفاعيًا قويًا. كانت البلدة مبنية على تل شديد الانحدار، وكانت محاطة بأسوار وأبراج. كان الجسر المؤدي إلى البلدة ضيقًا وطويلًا، مما جعله نقطة اختناق طبيعية. كان النمساويون قد قاموا أيضًا ببناء العديد من التحصينات حول البلدة، بما في ذلك الخنادق والحواجز.
وصف المعركة
بدأت المعركة في صباح يوم 3 مايو 1809. تقدمت القوات الفرنسية نحو إبلسبيرغ تحت غطاء نيران المدفعية الثقيلة. كان على الفرنسيين عبور جسر تراون الطويل والضيق للوصول إلى البلدة. واجه الفرنسيون مقاومة شرسة من النمساويين، الذين كانوا متمركزين في المنازل والمباني على طول الجسر. كان النمساويون قادرين على إلحاق خسائر فادحة بالفرنسيين، وأجبروا الموجات الأولى من الهجوم الفرنسي على التراجع.
على الرغم من الخسائر الفادحة، واصل الفرنسيون الهجوم. قاد الجنرال د’إسبان بنفسه مجموعة من الجنود إلى الأمام، وتمكنوا من الاستيلاء على رأس جسر على الضفة الشمالية لنهر تراون. ثم قام الفرنسيون بنشر المزيد من القوات عبر الجسر، وبدأوا في الاشتباك مع النمساويين في قتال عنيف من منزل إلى منزل في شوارع إبلسبيرغ.
كان القتال شرسًا ودمويًا. قاتل الجنود من الجانبين ببسالة، واستخدموا البنادق والسيوف والحراب في قتال متلاحم. كانت الشوارع مليئة بالجثث والجرحى، والدخان واللهب يملأ الجو.
في النهاية، تمكن الفرنسيون من إخراج النمساويين من إبلسبيرغ. لجأ النمساويون إلى القلعة الواقعة على قمة التل المطل على البلدة. شن الفرنسيون عدة هجمات على القلعة، لكن تم صدها جميعًا بخسائر فادحة. أدرك ماسينا أن الاستيلاء على القلعة سيكون مكلفًا للغاية، وقرر بدلاً من ذلك محاولة تطويقها.
أرسل ماسينا مجموعة من الجنود لتطويق القلعة من الخلف. تسلق الجنود التل شديد الانحدار، وتمكنوا من الوصول إلى القلعة دون أن يلاحظهم أحد. شن الفرنسيون هجومًا مفاجئًا على القلعة، وتمكنوا من الاستيلاء عليها بعد قتال عنيف.
مع سقوط القلعة، فقد النمساويون معنوياتهم وبدأوا في التراجع. طارد الفرنسيون النمساويين، وأوقعوا بهم خسائر فادحة. بحلول نهاية اليوم، كان الفرنسيون قد سيطروا على إبلسبيرغ وحققوا انتصارًا مكلفًا.
الخسائر والنتائج
تكبد كلا الجانبين خسائر فادحة في معركة إبلسبيرغ. قُتل أو جُرح أو أُسر حوالي 5000 جندي فرنسي، بينما قُتل أو جُرح أو أُسر حوالي 8000 جندي نمساوي. كان من بين القتلى الفرنسيين الجنرال د’إسبان، الذي قُتل أثناء قيادته للهجوم على الجسر.
على الرغم من أن الفرنسيين فازوا بالمعركة، إلا أنهم دفعوا ثمنًا باهظًا. كانت معركة إبلسبيرغ واحدة من أكثر المعارك دموية في حرب التحالف الخامس. أظهرت المعركة أيضًا أن النمساويين كانوا لا يزالون قوة يجب حسابها، وأنهم كانوا على استعداد للقتال ببسالة ضد الفرنسيين.
لم يكن لمعركة إبلسبيرغ تأثير كبير على مسار الحرب. واصل الفرنسيون تقدمهم نحو فيينا، واستولوا على المدينة في وقت لاحق من ذلك الشهر. ومع ذلك، كانت معركة إبلسبيرغ تذكيرًا بأن الحرب كانت لا تزال بعيدة عن نهايتها، وأن النمساويين كانوا مصممين على القتال حتى النهاية.
- الخسائر الفرنسية: حوالي 5000 قتيل وجريح ومفقود.
- الخسائر النمساوية: حوالي 8000 قتيل وجريح ومفقود.
- النتيجة: انتصار فرنسي مكلف.
أهمية المعركة
تكمن أهمية معركة إبلسبيرغ في عدة جوانب:
- إظهار تصميم النمساويين: أظهرت المعركة أن الجيش النمساوي كان لا يزال قوة قادرة على القتال ببسالة، وأنه لم يكن مستعدًا للاستسلام بسهولة.
- الخسائر الفادحة: كانت المعركة واحدة من أكثر المعارك دموية في حرب التحالف الخامس، مما أثر على معنويات كلا الجانبين.
- التأثير النفسي: على الرغم من الانتصار الفرنسي، إلا أن الخسائر الفادحة أثرت على معنويات الجيش الفرنسي، وأظهرت لهم أن الحرب ضد النمسا لن تكون سهلة.
تكتيكات المعركة
استخدم كلا الجانبين مجموعة متنوعة من التكتيكات في معركة إبلسبيرغ:
- الفرنسيون: اعتمدوا على الهجمات الأمامية القوية، ونيران المدفعية الثقيلة، والمناورة لتطويق العدو.
- النمساويون: اعتمدوا على الدفاع القوي، واستخدام التحصينات، ومحاولة إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر بالعدو قبل التراجع.
وصف تفصيلي لبعض جوانب المعركة
الهجوم على الجسر: كان الهجوم على الجسر نقطة تحول حاسمة في المعركة. واجه الفرنسيون مقاومة شرسة من النمساويين، الذين كانوا متمركزين في المنازل والمباني على طول الجسر. كان على الفرنسيين عبور الجسر تحت وابل من النيران، وكانوا يتعرضون لخسائر فادحة. ومع ذلك، تمكن الفرنسيون في النهاية من الاستيلاء على رأس جسر على الضفة الشمالية لنهر تراون، مما سمح لهم بنشر المزيد من القوات في البلدة.
القتال في شوارع إبلسبيرغ: كان القتال في شوارع إبلسبيرغ شرسًا ودمويًا. قاتل الجنود من الجانبين ببسالة، واستخدموا البنادق والسيوف والحراب في قتال متلاحم. كانت الشوارع مليئة بالجثث والجرحى، والدخان واللهب يملأ الجو. تمكن الفرنسيون في النهاية من إخراج النمساويين من البلدة، لكنهم دفعوا ثمنًا باهظًا مقابل ذلك.
الاستيلاء على القلعة: كان الاستيلاء على القلعة مهمة صعبة. كانت القلعة تقع على قمة التل المطل على البلدة، وكانت محصنة جيدًا. شن الفرنسيون عدة هجمات على القلعة، لكن تم صدها جميعًا بخسائر فادحة. في النهاية، تمكن الفرنسيون من تطويق القلعة من الخلف والاستيلاء عليها بهجوم مفاجئ.
خاتمة
كانت معركة إبلسبيرغ معركة دموية ومكلفة بين القوات الفرنسية والنمساوية خلال حرب التحالف الخامس. على الرغم من أن الفرنسيين فازوا بالمعركة، إلا أنهم دفعوا ثمنًا باهظًا. أظهرت المعركة أيضًا أن النمساويين كانوا لا يزالون قوة يجب حسابها، وأنهم كانوا على استعداد للقتال ببسالة ضد الفرنسيين. لم يكن للمعركة تأثير كبير على مسار الحرب، لكنها كانت تذكيرًا بأن الحرب كانت لا تزال بعيدة عن نهايتها، وأن النمساويين كانوا مصممين على القتال حتى النهاية.