مقدمة
الحامِتس (بالعبرية: חָמֵץ) هو مصطلح يشير إلى الأطعمة التي تحتوي على خميرة أو عوامل تخمير أخرى، والتي يحظر تناولها أو امتلاكها خلال عيد الفصح اليهودي (بيسح). يعتبر الحامِتس جزءًا أساسيًا من قوانين الكشروت (الأطعمة الحلال) الخاصة بعيد الفصح، وتمتد جذوره إلى قصة خروج بني إسرائيل من مصر، حيث لم يكن لديهم الوقت الكافي لانتظار تخمر الخبز.
أصل كلمة حامِتس ومعناها
كلمة “حامِتس” مشتقة من الجذر العبري “ح-م-ص” (ח-מ-ץ)، والذي يعني “التخمر” أو “التحول إلى حامض”. وبالتالي، فإن الحامِتس يشير إلى أي طعام مصنوع من الحبوب التي لامست الماء وتركت لتتخمر لأكثر من 18 دقيقة. هذا التخمير يؤدي إلى ارتفاع العجين وتكوين فقاعات الهواء، وهي العملية التي يتم تجنبها خلال عيد الفصح.
أنواع الحبوب المحظورة
تحظر الشريعة اليهودية خمسة أنواع من الحبوب خلال عيد الفصح، وهي:
- القمح (חיטה)
- الشعير (שְׂעֹרָה)
- الشوفان (שְׁעוֹלִים)
- الجاودار (שיפון)
- الحنطة (כוסמין)
إذا لامست أي من هذه الحبوب الماء وتركت لأكثر من 18 دقيقة دون إشراف، فإنها تصبح حامِتس ويحظر استهلاكها أو امتلاكها خلال عيد الفصح.
الأطعمة التي تعتبر حامِتس
تشمل الأطعمة التي تعتبر حامِتس مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية، بما في ذلك:
- الخبز والمعجنات: جميع أنواع الخبز، والكعك، والبسكويت، والمعجنات المصنوعة من الحبوب المحظورة.
- المكرونة: جميع أنواع المكرونة المصنوعة من القمح أو أي من الحبوب المحظورة.
- البيرة: البيرة المصنوعة من الشعير.
- بعض أنواع المشروبات الكحولية: بعض أنواع المشروبات الكحولية التي تستخدم الحبوب في عملية التخمير.
- المنتجات التي تحتوي على مواد حافظة أو مضافة مشتقة من الحبوب المحظورة: يجب فحص قائمة المكونات بعناية للتأكد من خلو المنتج من أي مواد مشتقة من الحبوب المحظورة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأطعمة التي قد تكون مسموحة بشكل عام، ولكنها قد تصبح حامِتس إذا تم تصنيعها أو تخزينها بطريقة تجعلها ملامسة للحامِتس. على سبيل المثال، قد يكون الأرز أو البقوليات مسموحًا بها في بعض المجتمعات اليهودية، ولكن يجب التأكد من أنها لم تلامس أي حامِتس خلال عملية الإنتاج أو التعبئة.
الفرق بين الحامِتس والماتزاه
الماتزاه (بالعبرية: מַצָּה) هي خبز غير مختمر يتم تناوله خلال عيد الفصح. يتم تحضير الماتزاه من الماء والدقيق (عادةً من القمح)، ولكن يجب خبزها في غضون 18 دقيقة من لحظة ملامسة الماء للدقيق لمنع التخمير. تعتبر الماتزاه بديلاً للحامِتس خلال عيد الفصح، وهي رمز لخروج بني إسرائيل من مصر بسرعة وبدون وقت لتخمير الخبز.
تنظيف المنزل من الحامِتس (بيدكيات حامِتس)
قبل عيد الفصح، يقوم اليهود بتنظيف منازلهم بعناية للتخلص من أي أثر للحامِتس. يُعرف هذا التنظيف باسم “بيدكيات حامِتس” (بالعبرية: בדיקת חמץ)، وهو يعني “البحث عن الحامِتس”. يتم خلال عملية التنظيف هذه فحص كل ركن من أركان المنزل، بما في ذلك الخزائن، والأدراج، والأرضيات، للتأكد من خلوها من أي فتات أو بقايا طعام تحتوي على حامِتس.
بعد الانتهاء من التنظيف، يتم حرق أي حامِتس يتم العثور عليه في احتفال يسمى “بيور حامِتس” (بالعبرية: ביעור חמץ)، والذي يعني “تدمير الحامِتس”. يتم خلال هذا الاحتفال إشعال النار في الحامِتس والتخلص منه بشكل كامل.
بيع الحامِتس (ميكيرات حامِتس)
قد يكون لدى بعض الأشخاص كميات كبيرة من الحامِتس لا يمكنهم التخلص منها بسهولة، مثل المخزونات التجارية أو الأطعمة باهظة الثمن. في هذه الحالة، يجوز لهم بيع الحامِتس لشخص غير يهودي قبل عيد الفصح، مع خيار إعادة شرائه بعد انتهاء العيد. يُعرف هذا الإجراء باسم “ميكيرات حامِتس” (بالعبرية: מכירת חמץ)، والذي يعني “بيع الحامِتس”. يتم عادةً إجراء عملية البيع هذه من خلال حاخام يعمل كوكيل للبائع.
الحامِتس في الثقافة اليهودية
الحامِتس ليس مجرد مسألة قانونية أو دينية، بل هو أيضًا جزء مهم من الثقافة اليهودية. يعتبر الامتناع عن تناول الحامِتس خلال عيد الفصح تذكيرًا بمعاناة بني إسرائيل في مصر وخروجهم منها، وهو أيضًا فرصة للتأمل في قيم الحرية والتجديد. يشارك الأطفال في عملية التنظيف من الحامِتس، ويتعلمون عن أهمية هذا العيد وتقاليده.
الحامِتس في العصر الحديث
في العصر الحديث، قد يكون من الصعب الالتزام بقوانين الحامِتس بشكل كامل، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات مختلطة أو يسافرون كثيرًا. ومع ذلك، لا يزال العديد من اليهود يحافظون على هذه التقاليد بعناية، ويبحثون عن منتجات “كوشير للفصح” (بالعبرية: כשר לפסח) والتي تم تصنيعها وفقًا لقواعد الكشروت الخاصة بعيد الفصح. تتوفر هذه المنتجات في العديد من المتاجر حول العالم، وتساعد اليهود على الاحتفال بعيد الفصح بطريقة تتفق مع معتقداتهم الدينية.
خاتمة
الحامِتس هو مفهوم أساسي في الديانة اليهودية، خاصة خلال عيد الفصح. يمثل الامتناع عن تناول الحامِتس تذكيرًا بالحرية والخلاص، ويشجع على التفكير في قيم التجديد والتطهير. من خلال فهم معنى الحامِتس وأهميته، يمكننا تقدير عمق التراث اليهودي وتقاليده.