نشأته وحياته
ولد بنيامين سولاري بارافيتشيني في بوينس آيرس، الأرجنتين، في عائلة ثرية. تلقى تعليمه في مدارس مرموقة ودرس الفن في أكاديمية الفنون الجميلة. عمل في البداية كموظف حكومي، لكنه سرعان ما تخلى عن ذلك لمتابعة شغفه بالفن. تزوج وأنجب طفلاً، وعاش حياة هادئة نسبياً حتى بدأت تظهر قدراته “النفسية” المزعومة.
بداية “النبوءات”
بدأت تظهر رسومات بارافيتشيني التي تحمل طابعاً نبوياً في الثلاثينيات من القرن الماضي. كانت هذه الرسومات عبارة عن خطوط بسيطة مصحوبة بعبارات قصيرة، غالباً ما تكون غامضة ومبهمة. ادعى بارافيتشيني أن هذه الرسومات والنصوص كانت تُملى عليه من قبل قوى خارجية، وأنه لم يكن يتحكم في إنتاجها. أطلق على هذه الرسومات اسم “Psycho-graphics” أو “الرسومات النفسية”.
مضمون “النبوءات”
تنوعت مواضيع رسومات بارافيتشيني “النبوية” بشكل كبير، وشملت أحداثاً عالمية وسياسية واجتماعية وعلمية. تنبأ بالعديد من الأحداث التي وقعت لاحقاً، وفقاً لمؤيديه، مثل:
- الحرب العالمية الثانية
- صعود الشيوعية
- تفجير هيروشيما
- غزو الفضاء
- ظهور الإنترنت
- أحداث 11 سبتمبر
إلا أن تفسير هذه الرسومات يبقى أمراً ذاتياً، وغالباً ما يعتمد على ربطها بأحداث وقعت بالفعل بعد إنتاجها. يرى النقاد أن غموض هذه الرسومات يسمح بتأويلها بأثر رجعي لتناسب الأحداث التاريخية.
الرسومات النفسية (Psycho-graphics)
تتميز رسومات بارافيتشيني بأسلوبها البسيط والبدائي. غالباً ما تكون عبارة عن خطوط متعرجة وأشكال غير واضحة، مصحوبة بعبارات مكتوبة بخط يده. تتضمن هذه العبارات كلمات وعبارات ذات دلالات رمزية، وغالباً ما تكون مفتوحة للتفسير. يعتبرها البعض رموزاً مشفرة تحمل رسائل من المستقبل، بينما يعتبرها البعض الآخر مجرد تعبيرات عن أفكار الفنان اللاواعية.
من الأمثلة على رسوماته النفسية الشهيرة:
- رسم يظهر طائرة تصطدم ببرج: يرى البعض في هذا الرسم تنبؤاً بأحداث 11 سبتمبر، على الرغم من أن الرسم أنتج قبل عقود من وقوع الهجمات.
- رسم يظهر رجلاً يسير على سطح القمر: يعتبره البعض تنبؤاً بغزو الفضاء وهبوط الإنسان على سطح القمر.
- رسومات تتحدث عن ظهور قائد قوي في أمريكا اللاتينية: يرى البعض في هذه الرسومات إشارة إلى ظهور شخصيات سياسية بارزة في المنطقة.
جدل حول “النبوءات”
أثارت “نبوءات” بارافيتشيني جدلاً واسعاً. يعتبره البعض نبياً حقيقياً قادراً على رؤية المستقبل، بينما يعتبره آخرون مجرد فنان موهوب يتمتع بخيال واسع وقدرة على قراءة الأحداث الجارية وتحليلها. يرى النقاد أن تفسير رسوماته يعتمد على التحيز والانتقائية، وأنها غالباً ما تكون غامضة لدرجة تسمح بتأويلها لتناسب أي حدث. كما يشيرون إلى أن العديد من “نبوءاته” لم تتحقق على الإطلاق.
بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن بارافيتشيني استغل الأحداث الجارية والمخاوف العامة لإنتاج رسومات تثير الفضول والجدل، مما ساهم في شهرته. ويرى آخرون أنه كان يعاني من مشاكل نفسية أدت إلى ظهور هذه الرسومات الغريبة.
تأثيره وإرثه
بغض النظر عن مدى صحة “نبوءاته”، لا يمكن إنكار تأثير بارافيتشيني على الثقافة الشعبية في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية. يعتبر شخصية محورية في عالم التنجيم والتنبؤات، ولا تزال رسوماته تحظى بشعبية كبيرة وتثير نقاشات واسعة. ألهمت أعماله العديد من الفنانين والكتاب والمخرجين، ولا يزال إرثه يتردد صداه حتى اليوم.
تُعرض رسوماته في العديد من المتاحف والمعارض الفنية، وتُباع كتب تتضمن تحليلات لرسوماته “النبوية” على نطاق واسع. كما أُنتجت أفلام وثائقية وبرامج تلفزيونية تتناول حياته وأعماله.
الآراء المعاصرة
لا يزال الجدل قائماً حول شخصية بنيامين سولاري بارافيتشيني. فبينما يعتبره البعض نبياً أو وسيطاً روحانياً، يرى آخرون أنه مجرد فنان موهوب استغل الظروف المحيطة به لتحقيق الشهرة. وفي الوقت الحاضر، يميل الرأي العام إلى اعتباره شخصية مثيرة للجدل وغريبة الأطوار، لكن لا يمكن تجاهل تأثيره على الثقافة الشعبية في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية.
تستمر الدراسات والأبحاث حول أعماله، ويحاول الباحثون فهم دوافعه وخلفياته الفكرية والفنية. ويبقى السؤال المطروح: هل كان بارافيتشيني قادراً حقاً على رؤية المستقبل، أم أن رسوماته مجرد تعبيرات عن خياله الواسع وأفكاره اللاواعية؟ الإجابة على هذا السؤال تبقى مفتوحة للتأويل والتفسير.
خاتمة
بنيامين سولاري بارافيتشيني فنان أرجنتيني مثير للجدل، اشتهر برسوماته “النبوية” التي تنبأت، حسب اعتقاد البعض، بأحداث عالمية كبرى. يعتبره البعض نبياً، بينما يعتبره آخرون مجرد فنان موهوب. بغض النظر عن حقيقة قدراته، لا يمكن إنكار تأثيره على الثقافة الشعبية في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية، ولا تزال أعماله تثير نقاشات واسعة حتى اليوم.