مقدمة
روبرت أوبري هايند (بالإنجليزية: Robert Aubrey Hinde) (26 أكتوبر 1923 – 23 ديسمبر 2016) كان عالم حيوان وعالم سلوك وعالم نفس بريطاني. شغل منصب رئيس جمعية علم الحيوان، وكان أستاذًا ملكيًا في علم الحيوان في جامعة كامبريدج. يعتبر هايند شخصية بارزة في مجال علم السلوك، وقد ساهم بشكل كبير في فهمنا للسلوك الاجتماعي والتطور.
الحياة المبكرة والتعليم
ولد روبرت هايند في 26 أكتوبر 1923. تلقى تعليمه في كلية سانت جون، كامبريدج، حيث درس علم الحيوان. خلال الحرب العالمية الثانية، خدم في وحدة البحوث الطبية التابعة للبحرية الملكية، حيث درس آثار الإجهاد على أداء الجنود. أكمل الدكتوراه في علم الحيوان عام 1950 من جامعة كامبريدج.
المسيرة المهنية
بدأ هايند مسيرته الأكاديمية في جامعة أكسفورد، حيث عمل كمحاضر في علم الحيوان من عام 1950 إلى عام 1958. في عام 1958، انتقل إلى جامعة كامبريدج، حيث أصبح أستاذًا باحثًا في علم الحيوان. شغل منصب رئيس جمعية علم الحيوان من عام 1972 إلى عام 1974، وتم تعيينه أستاذًا ملكيًا في علم الحيوان في عام 1976، وهو المنصب الذي شغله حتى تقاعده في عام 1991.
أبحاثه وإسهاماته
ركزت أبحاث هايند على السلوك الاجتماعي للحيوانات، وخاصة الطيور والرئيسيات. كان مهتمًا بشكل خاص بتطور السلوك الاجتماعي، وكيف تتشكل العلاقات الاجتماعية من خلال التفاعلات بين الأفراد. تشمل بعض أبرز مساهماته:
- دراسة سلوك الشقائق: أجرى هايند دراسات مكثفة على سلوك الشقائق، وهي نوع من الطيور المغردة. أظهرت أبحاثه كيف تتشكل الروابط الزوجية وكيف يتطور التعاون بين الشركاء في التكاثر.
- تطور السلوك الاجتماعي: ساهم هايند بشكل كبير في فهمنا لتطور السلوك الاجتماعي. اقترح أن السلوك الاجتماعي يتشكل من خلال التفاعل بين العوامل الوراثية والبيئية. كما أكد على أهمية التعلم والتجربة في تشكيل السلوك الاجتماعي.
- العلاقات بين الوالدين والأطفال: درس هايند العلاقات بين الوالدين والأطفال في كل من الحيوانات والبشر. أظهرت أبحاثه كيف تؤثر تجارب الطفولة المبكرة على التطور الاجتماعي والعاطفي لاحقًا في الحياة.
- نظرية التعلق: كان هايند من المؤيدين الرئيسيين لنظرية التعلق، التي تقترح أن الأطفال لديهم حاجة فطرية لتكوين روابط عاطفية قوية مع مقدمي الرعاية. ساهم في تطوير النظرية من خلال أبحاثه حول العلاقات بين الوالدين والأطفال في الرئيسيات.
الجوائز والتكريمات
حصل روبرت هايند على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته في علم السلوك وعلم الحيوان، بما في ذلك:
- انتخابه زميلاً في الجمعية الملكية عام 1966.
- حصل على وسام فرينك من جمعية علم الحيوان في لندن عام 1976.
- حصل على جائزة جمعية علم النفس الأمريكية للمساهمات العلمية المتميزة في علم النفس عام 1984.
- حصل على وسام كروكر من الأكاديمية الوطنية للعلوم عام 1990.
المؤلفات
نشر هايند العديد من الكتب والمقالات العلمية خلال حياته المهنية. من بين أبرز مؤلفاته:
- Animal Behaviour: A Synthesis of Ethology and Comparative Psychology (1966)
- Towards Understanding Relationships (1979)
- Individuals, Relationships and Culture: Links Between Ethology and the Social Sciences (1987)
- Why Good is Good: The Sources of Morality (2002)
تأثيره وإرثه
كان لروبرت هايند تأثير كبير على مجالات علم السلوك وعلم الحيوان وعلم النفس. ساهمت أبحاثه في فهمنا للسلوك الاجتماعي، وتطور العلاقات، وأهمية تجارب الطفولة المبكرة. كان معلمًا وملهمًا للعديد من الطلاب والباحثين، ويستمر عمله في التأثير على الأجيال القادمة من العلماء.
الحياة الشخصية
تزوج روبرت هايند من جوان ريتشاردز عام 1947، وأنجبا أربعة أطفال. كان لديه اهتمام كبير بالموسيقى والفنون، وكان ناشطًا في مجتمعه المحلي.
وفاته
توفي روبرت هايند في 23 ديسمبر 2016، عن عمر يناهز 93 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا غنيًا سيستمر في إلهام الباحثين والعلماء لسنوات قادمة.
أهم المفاهيم التي قدمها روبرت هايند
بالإضافة إلى الأبحاث المذكورة أعلاه، قدم روبرت هايند العديد من المفاهيم الهامة التي ساهمت في فهمنا للسلوك الاجتماعي والعلاقات. بعض هذه المفاهيم تشمل:
- الحساسية السياقية: أكد هايند على أهمية فهم السلوك في سياقه. وأشار إلى أن السلوك لا يتحدد فقط بالعوامل الوراثية أو البيئية، بل أيضًا بالتفاعلات بين هذه العوامل والسياق الذي يحدث فيه السلوك.
- ديناميكية العلاقات: رأى هايند أن العلاقات ليست ثابتة، بل هي ديناميكية وتتغير بمرور الوقت. وأشار إلى أن العلاقات تتشكل من خلال سلسلة من التفاعلات بين الأفراد، وأن هذه التفاعلات يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في طبيعة العلاقة.
- أهمية التفاعلات المبكرة: أكد هايند على أهمية التفاعلات المبكرة بين الوالدين والأطفال في تشكيل التطور الاجتماعي والعاطفي للطفل. وأشار إلى أن التجارب المبكرة يمكن أن يكون لها تأثير دائم على سلوك الفرد وعلاقاته في المستقبل.
- التكامل بين علم السلوك والعلوم الاجتماعية: دعا هايند إلى التكامل بين علم السلوك والعلوم الاجتماعية، مثل علم النفس وعلم الاجتماع. وأشار إلى أن هذه المجالات يمكن أن تتعلم الكثير من بعضها البعض، وأن التكامل بينها يمكن أن يؤدي إلى فهم أعمق للسلوك البشري والمجتمع.
المنشورات الرئيسية
بالإضافة إلى الكتب المذكورة سابقًا، نشر روبرت هايند العديد من المقالات العلمية الهامة في دوريات مرموقة. بعض هذه المقالات تشمل:
- Hinde, R. A. (1959). Some recent trends in the study of the development of behaviour. In Functions of varied experience (pp. 340-346). Springer, Vienna.
- Hinde, R. A. (1979). Towards understanding relationships. Academic Press.
- Hinde, R. A. (1983). Ethology and child development. In Handbook of child psychology (Vol. 2, pp. 27-93). Wiley.
- Hinde, R. A. (1997). Relationships: A dialectical perspective. Psychology Press.
إسهاماته في فهم السلوك البشري
على الرغم من أن أبحاث روبرت هايند ركزت بشكل أساسي على سلوك الحيوانات، إلا أن لديه أيضًا إسهامات هامة في فهم السلوك البشري. من خلال دراسة السلوك الاجتماعي للحيوانات، تمكن هايند من تحديد المبادئ العامة التي تنطبق على جميع الأنواع، بما في ذلك البشر. على سبيل المثال، أظهرت أبحاثه حول العلاقات بين الوالدين والأطفال في الرئيسيات كيف تؤثر تجارب الطفولة المبكرة على التطور الاجتماعي والعاطفي لاحقًا في الحياة. وقد ساهمت هذه النتائج في فهمنا لأهمية الرعاية الأبوية في التنمية البشرية.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم هايند في تطوير نظرية التعلق، التي تقترح أن الأطفال لديهم حاجة فطرية لتكوين روابط عاطفية قوية مع مقدمي الرعاية. وقد أثرت هذه النظرية بشكل كبير على فهمنا للعلاقات الإنسانية، وأدت إلى تطوير تدخلات لتحسين جودة الرعاية الأبوية وتعزيز التنمية الاجتماعية والعاطفية للأطفال.
خاتمة
كان روبرت هايند عالمًا بارزًا في علم السلوك وعلم الحيوان وعلم النفس، وقد ساهم بشكل كبير في فهمنا للسلوك الاجتماعي والعلاقات وتطورها. أثرت أبحاثه بشكل كبير على مجالات متعددة، ويستمر عمله في إلهام الباحثين والعلماء في جميع أنحاء العالم. ترك هايند إرثًا علميًا غنيًا سيستمر في التأثير على الأجيال القادمة.