نشأة الكنيسة وتطورها
تعود جذور الكنيسة الإنجيلية الآشورية إلى القرن التاسع عشر، عندما بدأت الإرساليات التبشيرية البروتستانتية، وخاصة الأمريكية، في العمل بين الآشوريين في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط، بما في ذلك ما يعرف الآن بالعراق وإيران وتركيا وسوريا. كان الهدف الرئيسي لهذه الإرساليات هو نشر المسيحية البروتستانتية وتقديم الخدمات التعليمية والصحية للمجتمعات المحلية.
الإرساليات التبشيرية الأمريكية: لعبت الإرساليات التبشيرية الأمريكية دورًا حاسمًا في تأسيس الكنيسة الإنجيلية الآشورية. أنشأت هذه الإرساليات مدارس ومستشفيات ومراكز اجتماعية، مما ساهم في تحسين مستوى معيشة الآشوريين وتعزيز التعليم بينهم. كما قامت بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الآشورية الحديثة، مما ساعد على نشر المسيحية بين السكان المحليين.
تأسيس الكنائس المحلية: مع مرور الوقت، بدأت الكنائس المحلية في الظهور والتطور. تم تدريب القادة المحليين وتعيينهم لرعاية شؤون الكنائس، مما أدى إلى زيادة الاستقلالية والاعتماد على الذات. في نهاية المطاف، تم الاعتراف بالكنيسة الإنجيلية الآشورية ككيان كنسي مستقل، له نظامه الخاص وإدارته الذاتية.
العقيدة واللاهوت
تعتمد الكنيسة الإنجيلية الآشورية على العقيدة المسيحية البروتستانتية، وتؤمن بالكتاب المقدس كمرجع نهائي في الأمور الدينية والأخلاقية. تشمل المعتقدات الأساسية للكنيسة الإيمان بالثالوث القدوس (الآب والابن والروح القدس)، والتجسد والفداء، وأهمية النعمة والإيمان في الخلاص.
الكتاب المقدس: تعتبر الكنيسة الكتاب المقدس كلمة الله الموحى بها، والمصدر الوحيد للمعرفة الحقيقية عن الله وإرادته. يتم تفسير الكتاب المقدس وفقًا للمبادئ اللاهوتية البروتستانتية، مع التركيز على السياق التاريخي والثقافي للنصوص.
الأسرار المقدسة: تمارس الكنيسة الإنجيلية الآشورية سري المعمودية والعشاء الرباني. المعمودية هي علامة على الانتماء إلى الكنيسة والتطهير من الخطايا، بينما العشاء الرباني هو تذكار لذبيحة المسيح على الصليب وشركة مع المؤمنين الآخرين.
الخلاص: تؤمن الكنيسة بأن الخلاص هو عطية مجانية من الله، تُمنح بالإيمان بالمسيح يسوع. لا يمكن للإنسان أن ينال الخلاص بأعماله الخاصة، بل بنعمة الله ورحمته. الإيمان الحقيقي يؤدي إلى التوبة وتغيير الحياة، وإلى اتباع المسيح في كل جوانب الحياة.
التنظيم والإدارة
تعتمد الكنيسة الإنجيلية الآشورية نظامًا مشيخيًا في التنظيم والإدارة. يتكون النظام المشيخي من مجالس منتخبة من قبل أعضاء الكنيسة، تتولى مسؤولية إدارة الشؤون الروحية والإدارية للكنيسة. يشمل هذا النظام مجالس على المستوى المحلي (الكنيسة المحلية) والإقليمي (المجمع) والعام (السينودس).
المجالس المحلية: تتكون المجالس المحلية من الشيوخ والشمامسة المنتخبين من قبل أعضاء الكنيسة المحلية. تتولى هذه المجالس مسؤولية رعاية الأعضاء وتنظيم الخدمات الدينية والإشراف على الأنشطة الاجتماعية والتعليمية.
المجمعات الإقليمية: تتكون المجمعات الإقليمية من ممثلين عن الكنائس المحلية في منطقة معينة. تتولى هذه المجمعات مسؤولية تنسيق الأنشطة بين الكنائس المحلية وتقديم الدعم والمشورة لها.
السينودس العام: السينودس العام هو أعلى هيئة إدارية في الكنيسة الإنجيلية الآشورية. يتكون السينودس من ممثلين عن المجمعات الإقليمية ويتولى مسؤولية وضع السياسات العامة للكنيسة والإشراف على تنفيذها.
الخدمات والأنشطة
تقدم الكنيسة الإنجيلية الآشورية مجموعة متنوعة من الخدمات والأنشطة لأعضائها والمجتمع المحلي. تشمل هذه الخدمات العبادة والتعليم والخدمة الاجتماعية والتوعية.
العبادة: تقيم الكنيسة خدمات عبادة منتظمة تتضمن الصلاة والتسبيح وقراءة الكتاب المقدس والوعظ. تهدف هذه الخدمات إلى تقوية الإيمان وتعزيز الروحانية وتوفير فرصة للمؤمنين للتواصل مع الله ومع بعضهم البعض.
التعليم: تقدم الكنيسة برامج تعليمية للأطفال والشباب والكبار. تشمل هذه البرامج مدارس الأحد ودراسات الكتاب المقدس وورش العمل التدريبية. تهدف هذه البرامج إلى تعزيز المعرفة الدينية وتنمية المهارات القيادية وتعزيز القيم الأخلاقية.
الخدمة الاجتماعية: تقدم الكنيسة مجموعة متنوعة من الخدمات الاجتماعية للمحتاجين، بما في ذلك المساعدات الغذائية والملابس والإسكان والرعاية الصحية. تهدف هذه الخدمات إلى تخفيف المعاناة وتحسين مستوى معيشة المحتاجين وإظهار محبة المسيح لهم.
التوعية: تقوم الكنيسة بحملات توعية حول مجموعة متنوعة من القضايا الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم والبيئة وحقوق الإنسان. تهدف هذه الحملات إلى زيادة الوعي العام وتشجيع الناس على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل المشاكل الاجتماعية.
التحديات والمستقبل
تواجه الكنيسة الإنجيلية الآشورية العديد من التحديات في الوقت الحاضر، بما في ذلك الهجرة والاضطهاد والتهميش. ومع ذلك، فإن الكنيسة تظل ملتزمة برسالتها في نشر الإنجيل وخدمة المجتمع. تسعى الكنيسة إلى التكيف مع التغيرات الاجتماعية والثقافية مع الحفاظ على هويتها وعقيدتها.
الهجرة: أدت الهجرة الواسعة النطاق للآشوريين من الشرق الأوسط إلى تشتت المجتمعات الكنسية وتناقص عدد الأعضاء في الكنائس المحلية. تسعى الكنيسة إلى دعم الآشوريين في الشتات وتوفير الخدمات الروحية والاجتماعية لهم.
الاضطهاد: تعرض الآشوريون للاضطهاد والتمييز في العديد من البلدان في الشرق الأوسط. تسعى الكنيسة إلى الدفاع عن حقوق الآشوريين وحماية حريتهم الدينية.
التهميش: يعاني الآشوريون من التهميش السياسي والاقتصادي في العديد من البلدان. تسعى الكنيسة إلى تمكين الآشوريين وتعزيز مشاركتهم في الحياة العامة.
المستقبل: على الرغم من التحديات، فإن الكنيسة الإنجيلية الآشورية لديها رؤية للمستقبل. تسعى الكنيسة إلى أن تكون نورًا وملحًا في العالم، وأن تشهد للمسيح من خلال كلماتها وأفعالها. تأمل الكنيسة في رؤية المزيد من الناس يأتون إلى الإيمان بالمسيح وأن ينمووا في محبة الله وخدمة الآخرين.
خاتمة
الكنيسة الإنجيلية الآشورية هي كنيسة ذات تاريخ عريق ورسالة واضحة. تأسست الكنيسة على أساس الكتاب المقدس وتلتزم بتعاليم المسيح. تقدم الكنيسة مجموعة متنوعة من الخدمات والأنشطة لأعضائها والمجتمع المحلي. على الرغم من التحديات، فإن الكنيسة تظل ملتزمة برسالتها في نشر الإنجيل وخدمة المجتمع. تسعى الكنيسة إلى أن تكون نورًا وملحًا في العالم، وأن تشهد للمسيح من خلال كلماتها وأفعالها.