مقدمة
إم في سي إمبيرس (MV Sea Empress) كانت ناقلة نفط من طراز سويزماكس أحادية الهيكل جنحت عند مدخل ميناء ميلفورد هافن في جنوب غرب ويلز في 15 فبراير 1996. تسببت الحادثة في واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في المملكة المتحدة، حيث تسرب ما يقرب من 72,000 طن من النفط الخام إلى البحر.
خلفية السفينة
تم بناء إم في سي إمبيرس في عام 1993 في حوض بناء السفن Astilleros Espanoles S.A. في إسبانيا. كانت ترفع علم ليبيريا وكانت مملوكة لشركة Acomarit (UK) Ltd. وكانت السفينة في طريقها إلى مصفاة تكرير النفط في ميلفورد هافن محملة بشحنة من النفط الخام الخفيف من خليج فورتيس في بحر الشمال.
أسباب الحادث
يعزى جنوح إم في سي إمبيرس إلى عدة عوامل، بما في ذلك:
- خطأ بشري: كان الربان والمرشد البحري على متن السفينة مسؤولين عن توجيهها عبر الممر الملاحي الضيق إلى ميناء ميلفورد هافن. أظهر التحقيق اللاحق أن هناك سوء فهم بين الربان والمرشد البحري فيما يتعلق بمسار السفينة.
- الأحوال الجوية السيئة: كانت الأحوال الجوية في وقت الحادث سيئة، مع رياح قوية وأمواج عالية. جعلت هذه الظروف من الصعب التحكم في السفينة.
- نقص في المعدات: كان نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على متن السفينة معطلاً.
سير الأحداث
في 15 فبراير 1996، بينما كانت إم في سي إمبيرس تقترب من مدخل ميناء ميلفورد هافن، انحرفت عن مسارها واصطدمت بصخور بارادويس. تسبب الاصطدام في حدوث ثقوب في هيكل السفينة، مما أدى إلى تسرب النفط الخام إلى البحر.
بعد الاصطدام الأول، تمكنت السفينة من الابتعاد عن الصخور بمساعدة قاطرات. ومع ذلك، تسببت محاولات إعادة تعويم السفينة في المزيد من الضرر وتسرب المزيد من النفط. استمرت السفينة في التسرب لمدة أسبوع تقريبًا قبل أن يتم احتواء التسرب أخيرًا.
التأثير البيئي
كان لتسرب النفط من إم في سي إمبيرس تأثير مدمر على البيئة البحرية. تلوث ما يقرب من 200 كيلومتر من السواحل بالنفط، مما أدى إلى موت آلاف الطيور البحرية والأسماك والكائنات البحرية الأخرى. كما تضرر بشدة العديد من المواقع ذات الأهمية البيئية الخاصة، مثل محمية سكوكهولم الطبيعية الوطنية.
تأثرت صناعة السياحة في المنطقة بشدة بسبب التلوث النفطي. تم إغلاق الشواطئ لعدة أشهر، مما أدى إلى خسائر فادحة للشركات المحلية.
عمليات التنظيف
بدأت عمليات التنظيف بعد وقت قصير من وقوع الحادث. شارك مئات الأشخاص في إزالة النفط من الشواطئ والمياه. تم استخدام مجموعة متنوعة من التقنيات، بما في ذلك الشفط اليدوي واستخدام المواد الماصة والمشتتات الكيميائية.
كانت عمليات التنظيف صعبة ومكلفة. استغرق الأمر عدة أشهر لإزالة معظم النفط من الشواطئ والمياه. ومع ذلك، بقي بعض النفط في الرواسب لفترة طويلة بعد ذلك.
التحقيق والنتائج
أجرت الحكومة تحقيقًا في أسباب الحادث. خلص التحقيق إلى أن خطأ بشري والأحوال الجوية السيئة ونقص المعدات ساهمت جميعها في الحادث. انتقد التحقيق أيضًا شركة Acomarit (UK) Ltd. لعدم توفيرها التدريب الكافي لطاقم السفينة.
نتيجة للتحقيق، تم اتخاذ عدد من الإجراءات لتحسين السلامة البحرية، بما في ذلك:
- إدخال قوانين أكثر صرامة بشأن تدريب المرشدين البحريين.
- تحسين معدات الملاحة على متن السفن.
- إنشاء خطة استجابة وطنية لحوادث التلوث النفطي.
الدروس المستفادة
أبرزت كارثة إم في سي إمبيرس أهمية السلامة البحرية وحماية البيئة البحرية. سلط الحادث الضوء على الحاجة إلى:
- تدريب كاف للطاقم.
- معدات ملاحة حديثة.
- خطط استجابة فعالة لحوادث التلوث النفطي.
كما أظهر الحادث أهمية التعاون بين الحكومة والصناعة والمجتمع المدني في الاستجابة لحوادث التلوث النفطي.
التأثيرات طويلة الأجل
على الرغم من جهود التنظيف المكثفة، لا تزال هناك آثار طويلة الأجل لكارثة إم في سي إمبيرس. تشمل هذه الآثار:
- تأثيرات بيئية مستمرة: لا يزال بعض النفط موجودًا في الرواسب، ويمكن أن يستمر في التأثير على الحياة البحرية لسنوات قادمة.
- تأثيرات اقتصادية: لا تزال صناعة السياحة في المنطقة تتعافى من آثار الحادث.
- تأثيرات اجتماعية: أثر الحادث على حياة العديد من الأشخاص الذين يعيشون ويعملون في المنطقة.
تحديثات حول السفينة
بعد الحادث، تم قطر حطام إم في سي إمبيرس إلى حوض بناء السفن في شمال ويلز حيث تم تفكيكها وإعادة تدويرها. لم تعد السفينة موجودة.
الأهمية التاريخية
تعتبر كارثة إم في سي إمبيرس واحدة من أهم حوادث التلوث النفطي في تاريخ المملكة المتحدة. أدى الحادث إلى تغييرات كبيرة في اللوائح والإجراءات المتعلقة بالسلامة البحرية والاستجابة لحوادث التلوث النفطي. لا تزال الكارثة بمثابة تذكير صارخ بعواقب التلوث النفطي على البيئة والاقتصاد والمجتمع.
حوادث مماثلة
لسوء الحظ، كارثة إم في سي إمبيرس ليست حادثًا منعزلاً. وقعت العديد من حوادث التلوث النفطي الكبرى الأخرى في جميع أنحاء العالم على مر السنين. تشمل بعض الأمثلة البارزة:
- إكسون فالديز (Exxon Valdez) (1989): جنحت ناقلة النفط إكسون فالديز في خليج الأمير ويليام في ألاسكا، مما أدى إلى تسرب حوالي 40,000 طن من النفط الخام.
- ديب ووتر هورايزون (Deepwater Horizon) (2010): انفجر بئر النفط ديب ووتر هورايزون في خليج المكسيك، مما أدى إلى تسرب ما يقدر بنحو 4.9 مليون برميل من النفط.
- ناخوتكا (Nakhodka) (1997): غرقت ناقلة النفط الروسية ناخوتكا قبالة سواحل اليابان، مما أدى إلى تسرب حوالي 19,000 طن من النفط الثقيل.
تذكرنا هذه الحوادث بالعواقب المدمرة المحتملة لنقل النفط بحراً. من المهم اتخاذ خطوات لمنع وقوع هذه الحوادث في المقام الأول والاستعداد للاستجابة لها بفعالية إذا وقعت.
خاتمة
تعتبر كارثة إم في سي إمبيرس بمثابة تذكير مأساوي بمدى هشاشة البيئة البحرية وأهمية اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتها من التلوث. يجب أن نتعلم من أخطاء الماضي وأن نعمل معًا لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث.