حياته المبكرة وتعليمه
ولد نيكولاس هارتفيج في عائلة نبيلة من أصل ألماني-بلطيقي في روسيا. تلقى تعليمه في مدرسة النخبة “مدرسة الحقوق الإمبراطورية” في سانت بطرسبرغ، وهي مؤسسة مرموقة قامت بتخريج العديد من كبار المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين الروس. بعد تخرجه، انضم إلى وزارة الخارجية الروسية، حيث بدأ مسيرته المهنية اللامعة.
مسيرته الدبلوماسية
بدأ هارتفيج مسيرته الدبلوماسية في قسم آسيا بوزارة الخارجية، حيث اكتسب خبرة قيمة في الشؤون الشرقية. شغل مناصب مختلفة في القنصليات والسفارات الروسية في الخارج، بما في ذلك مهام في مونتينيغرو وصربيا. هذه التجارب المبكرة شكلت وجهات نظره حول السياسة البلقانية وأهمية النفوذ الروسي في المنطقة.
وزيرًا مقيمًا في بلغراد (1897-1909): كانت فترة هارتفيج كوزير مقيم في بلغراد من عام 1897 إلى عام 1909 فترة حاسمة في حياته المهنية. خلال هذه الفترة، سعى إلى تعزيز العلاقات بين روسيا وصربيا، وعمل على توحيد الدول السلافية في البلقان تحت رعاية روسيا. كان يعتقد أن صربيا يمكن أن تكون حليفًا قويًا لروسيا في مواجهة النفوذ النمساوي المجري المتزايد في المنطقة. نجح هارتفيج في بناء علاقات وثيقة مع النخب السياسية الصربية، بمن فيهم الملك بيتر الأول، ولعب دورًا محوريًا في صعود النفوذ الروسي في صربيا.
دوره في الأزمة البوسنية (1908-1909): لعب هارتفيج دورًا بارزًا خلال الأزمة البوسنية عام 1908-1909، التي اندلعت بعد أن ضمت النمسا-المجر البوسنة والهرسك، وهي مقاطعة كانت تحت الاحتلال النمساوي المجري الاسمي منذ عام 1878. أثارت هذه الخطوة غضبًا شديدًا في صربيا، التي كانت تطمح إلى ضم البوسنة والهرسك إلى أراضيها. حث هارتفيج الحكومة الصربية على مقاومة الضم النمساوي المجري، ووعدها بالدعم الروسي. ومع ذلك، كانت روسيا غير مستعدة لخوض حرب مع النمسا-المجر وحليفتها ألمانيا، وفي النهاية اضطرت إلى التراجع والاعتراف بالضم.
سفيرًا في طهران (1909-1914): في عام 1909، تم تعيين هارتفيج سفيرًا لروسيا في طهران. كانت هذه الفترة حاسمة في تاريخ العلاقات الروسية الفارسية، حيث كانت كل من روسيا وبريطانيا العظمى تتنافسان على النفوذ في إيران. سعى هارتفيج إلى حماية المصالح الروسية في إيران، وعمل على تعزيز النفوذ الروسي في الشؤون السياسية والاقتصادية للبلاد. لعب دورًا رئيسيًا في التفاوض على اتفاقية عام 1907 بين روسيا وبريطانيا العظمى، التي قسمت إيران إلى مناطق نفوذ روسية وبريطانية. على الرغم من أن هذه الاتفاقية ساعدت في تخفيف التوترات بين روسيا وبريطانيا العظمى، إلا أنها أثارت استياء العديد من الإيرانيين، الذين شعروا بأن بلادهم قد تم تقسيمها من قبل القوى الأجنبية.
دوره في اندلاع الحرب العالمية الأولى
غالبًا ما يُنظر إلى نيكولاس هارتفيج على أنه شخصية مثيرة للجدل بسبب دوره في الأحداث التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى. يعتقد بعض المؤرخين أنه لعب دورًا حاسمًا في تأجيج التوترات في البلقان، وتشجيع صربيا على تبني موقف متشدد تجاه النمسا-المجر. يُزعم أن هارتفيج كان على علم بوجود جماعات سرية صربية، مثل اليد السوداء، التي كانت تسعى إلى توحيد جميع الصرب في دولة واحدة، حتى من خلال استخدام العنف. ومع ذلك، يجادل آخرون بأنه كان ببساطة يدافع عن المصالح الروسية في المنطقة، وأنه لم يكن لديه أي نية لإثارة حرب واسعة النطاق.
وفاته: توفي هارتفيج فجأة في 10 يوليو 1914، في اجتماع مع الوزير النمساوي المجري في بلغراد. كانت وفاته بمثابة صدمة كبيرة للمجتمع الدبلوماسي، وجاءت في لحظة حرجة في التاريخ الأوروبي. بعد أقل من شهر واحد، اندلعت الحرب العالمية الأولى، التي غيرت وجه العالم إلى الأبد.
إرثه
لا يزال إرث نيكولاس هارتفيج موضوعًا للنقاش بين المؤرخين. يرى البعض أنه كان دبلوماسيًا ماهرًا خدم بلاده بإخلاص، بينما ينتقده آخرون بسبب سياساته التي يُزعم أنها ساهمت في اندلاع الحرب العالمية الأولى. بغض النظر عن وجهة النظر، لا شك في أن هارتفيج كان شخصية مؤثرة في السياسة الخارجية الروسية في أوائل القرن العشرين، وأن دوره في الأحداث التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى يستحق الدراسة المتأنية.
- الدفاع عن المصالح الروسية: كان هارتفيج مدافعًا قويًا عن المصالح الروسية في البلقان وإيران. كان يعتقد أن روسيا لديها دور تلعبه في حماية الدول السلافية في البلقان، وفي الحفاظ على نفوذها في إيران.
- السياسة المؤيدة للسلاف: كان هارتفيج مؤيدًا قويًا للوحدة السلافية، وسعى إلى توحيد الدول السلافية في البلقان تحت رعاية روسيا. كان يعتقد أن هذه الوحدة ستكون أفضل وسيلة لحماية المصالح السلافية في مواجهة النفوذ النمساوي المجري المتزايد.
- العلاقات الروسية الصربية: لعب هارتفيج دورًا حاسمًا في تعزيز العلاقات بين روسيا وصربيا. كان يعتقد أن صربيا يمكن أن تكون حليفًا قويًا لروسيا في البلقان، وعمل على بناء علاقات وثيقة مع النخب السياسية الصربية.
- اتفاقية عام 1907: لعب هارتفيج دورًا رئيسيًا في التفاوض على اتفاقية عام 1907 بين روسيا وبريطانيا العظمى، التي قسمت إيران إلى مناطق نفوذ روسية وبريطانية. على الرغم من أن هذه الاتفاقية ساعدت في تخفيف التوترات بين روسيا وبريطانيا العظمى، إلا أنها أثارت استياء العديد من الإيرانيين.
خاتمة
كان نيكولاس هارتفيج دبلوماسيًا روسيًا بارزًا لعب دورًا هامًا في السياسة الخارجية الروسية في أوائل القرن العشرين. كان معروفًا بدفاعه القوي عن المصالح الروسية وسياساته المؤيدة للسلاف. على الرغم من أن إرثه لا يزال موضوعًا للنقاش، إلا أنه لا شك في أنه كان شخصية مؤثرة في الأحداث التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى.