<![CDATA[
التأسيس والخلفية التاريخية
في القرن الثامن عشر، كانت الماسونية في أوج انتشارها في أوروبا، ولكن الكنيسة الكاثوليكية كانت تنظر إليها بعين الريبة والشك. في عام 1738، أصدر البابا كليمنس الثاني عشر مرسومًا بابويًا بعنوان “In eminenti apostolatus specula” يحظر على الكاثوليك الانضمام إلى الماسونية تحت طائلة الحرمان الكنسي. هذا المرسوم البابوي أدى إلى تأسيس نظام البج كبديل للكاثوليك الذين يرغبون في الانخراط في جمعية سرية ولكنهم ملتزمون بتعاليم الكنيسة الكاثوليكية.
كان نظام البج يهدف إلى توفير بديل مقبول للكاثوليك، مع الحفاظ على بعض جوانب السرية والطقوس المشابهة للماسونية، ولكن مع الولاء الكامل للكنيسة الكاثوليكية. كان يُنظر إلى البج على أنه حيوان أليف وفيّ، مما يرمز إلى الولاء والإخلاص، وهي صفات أراد المؤسسون غرسها في أعضاء النظام.
الطقوس والممارسات
كانت طقوس الانضمام إلى نظام البج فريدة من نوعها وغريبة. كان على الأعضاء الجدد أن يرتدوا أطواقًا تشبه أطواق الكلاب وأن يقبلوا مؤخرة تمثال من البورسلين على شكل بج. كان هذا الفعل بمثابة اختبار للتواضع والطاعة. كانت الاجتماعات تتضمن أيضًا نباحًا محاكيًا لنباح الكلاب، مما أضاف عنصرًا هزليًا وغريبًا إلى الاحتفالات.
بالإضافة إلى الطقوس الغريبة، كان نظام البج يركز على الأخلاق والفضيلة. كان الأعضاء مطالبين بالعيش حياة مستقيمة وأن يكونوا مخلصين للكنيسة الكاثوليكية. كانت هناك أيضًا عناصر خيرية في النظام، حيث كان الأعضاء يساعدون المحتاجين ويدعمون الأعمال الخيرية.
- القبول: كان على الأعضاء الجدد تقبيل مؤخرة تمثال بج من البورسلين.
- الأطواق: كان الأعضاء يرتدون أطواقًا تشبه أطواق الكلاب.
- النباح: كان الأعضاء يقلدون نباح الكلاب أثناء الاجتماعات.
الهيكل التنظيمي
كان نظام البج منظمًا بشكل هرمي، مع وجود درجات مختلفة من العضوية. كان على الأعضاء التقدم عبر هذه الدرجات من خلال إظهار المعرفة والولاء للنظام. كان هناك أيضًا مسؤولون مختلفون يشرفون على جوانب مختلفة من النظام، مثل إدارة الشؤون المالية وتنظيم الاجتماعات.
كانت العضوية في نظام البج مفتوحة لكل من الرجال والنساء، وهو أمر غير شائع في الجمعيات السرية في ذلك الوقت. كان هذا يدل على نظرة أكثر تقدمية ومساواة داخل النظام. ومع ذلك، كان لا يزال هناك بعض القيود على العضوية، حيث كان الأعضاء مطالبين بأن يكونوا من الروم الكاثوليك وأن يتمتعوا بسمعة طيبة.
الانتشار والتأثير
انتشر نظام البج بسرعة في جميع أنحاء أوروبا، وخاصة في الدول الكاثوليكية. كان هناك فروع للنظام في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها. جذبت هذه الفروع مجموعة متنوعة من الأعضاء، بما في ذلك النبلاء ورجال الدين والتجار.
على الرغم من أن نظام البج كان يهدف إلى أن يكون بديلاً للماسونية، إلا أنه لم يحقق نفس مستوى الشعبية أو التأثير. ومع ذلك، فقد لعب دورًا مهمًا في توفير منفذ اجتماعي وديني للكاثوليك في القرن الثامن عشر. كما ساهم في تعزيز الأخلاق والفضيلة والأعمال الخيرية داخل المجتمع الكاثوليكي.
التراجع والانحلال
بدأ نظام البج في التراجع في أواخر القرن الثامن عشر. كان هناك عدة أسباب لهذا التراجع، بما في ذلك زيادة التدقيق من قبل الكنيسة الكاثوليكية، وفقدان الاهتمام بالطقوس الغريبة، وظهور جمعيات سرية جديدة وأكثر جاذبية.
في النهاية، تم حل نظام البج في أوائل القرن التاسع عشر. ومع ذلك، فقد ترك إرثًا دائمًا كجمعية سرية فريدة وغريبة لعبت دورًا مثيرًا للاهتمام في التاريخ الأوروبي. لا يزال نظام البج يذكرنا بالتوترات بين الماسونية والكنيسة الكاثوليكية، وبالرغبة في إيجاد بدائل مقبولة للجمعيات السرية التقليدية.
نظام البج والمرأة
كان نظام البج من أوائل الجمعيات السرية التي سمحت للنساء بالانضمام إليها، وهو ما كان يعتبر تقدميًا جدًا في القرن الثامن عشر. لم تكن النساء مجرد أعضاء سلبيين، بل كان لهن دور فعال في إدارة النظام والمشاركة في طقوسه. كانت هناك أيضًا درجات ومناصب خاصة بالنساء داخل النظام.
كانت مشاركة النساء في نظام البج بمثابة فرصة لهن للمشاركة في الحياة الاجتماعية والفكرية بطريقة لم تكن ممكنة في كثير من الأحيان في المجتمع التقليدي. كما سمح لهن بتكوين صداقات جديدة وتوسيع شبكاتهن الاجتماعية.
ومع ذلك، لم تكن مشاركة النساء في نظام البج خالية من الجدل. انتقد البعض النظام لقبوله النساء، بينما اعتقد آخرون أن مشاركة النساء كانت مجرد وسيلة لجذب المزيد من الأعضاء.
نظام البج والماسونية
كان نظام البج في الأصل يهدف إلى أن يكون بديلاً للماسونية للكاثوليك، ولكن مع مرور الوقت، أصبح هناك بعض التداخل بين النظامين. انضم بعض الماسونيين إلى نظام البج، وانضم بعض أعضاء نظام البج إلى الماسونية. كان هذا التداخل يعكس حقيقة أن كلا النظامين كانا يتمتعان بجاذبية معينة للأشخاص الذين يبحثون عن مجتمع سري ذي طقوس ومعتقدات غامضة.
ومع ذلك، كانت هناك أيضًا اختلافات مهمة بين نظام البج والماسونية. كان نظام البج أكثر ارتباطًا بالكنيسة الكاثوليكية، بينما كانت الماسونية أكثر علمانية. كان نظام البج أيضًا أكثر تركيزًا على الأخلاق والفضيلة، بينما كانت الماسونية أكثر تركيزًا على الفلسفة والتنوير.
الأهمية الثقافية
على الرغم من أن نظام البج لم يعد موجودًا اليوم، إلا أنه لا يزال يثير الاهتمام والفضول. غالبًا ما يتم ذكره في الكتب والمقالات التي تتناول تاريخ الجمعيات السرية. كما أنه موضوع للعديد من الأعمال الفنية، مثل اللوحات والمنحوتات.
يعود الاهتمام بنظام البج جزئيًا إلى طقوسه الغريبة وغير التقليدية. فكرة تقبيل مؤخرة تمثال بج من البورسلين والنباح مثل الكلاب هي فكرة غريبة ومضحكة تجذب انتباه الكثير من الناس. كما أن مشاركة النساء في النظام تضيف إلى جاذبيته التاريخية.
في النهاية، يمثل نظام البج فترة مثيرة للاهتمام في التاريخ الأوروبي حيث كانت الجمعيات السرية في أوج شعبيتها. إنه يذكرنا بالرغبة الدائمة لدى البشر في الانضمام إلى مجموعات حصرية ذات طقوس ومعتقدات غامضة.
خاتمة
نظام البج كان جمعية شبه ماسونية كاثوليكية تأسست في القرن الثامن عشر كبديل للماسونية. اشتهر بطقوسه الغريبة، بما في ذلك تقبيل مؤخرة تمثال بج والنباح كالكلاب. سمح النظام للنساء بالانضمام إليه، وكان له فروع في جميع أنحاء أوروبا. على الرغم من أنه لم يحقق نفس مستوى شهرة الماسونية، إلا أنه لعب دورًا في توفير منفذ اجتماعي وديني للكاثوليك، قبل أن يتراجع وينحل في أوائل القرن التاسع عشر. يبقى نظام البج اليوم بمثابة تذكير بالتوترات بين الجمعيات السرية والكنيسة الكاثوليكية، وجاذبية الانضمام إلى جماعات حصرية.