مقدمة
جمعيّة السنة الثالثة عشر (بالإسبانية: Asamblea del Año XIII) كانت مؤتمرًا تأسيسيًا انعقد في عام 1813 في مدينة بوينس آيرس، والتي كانت آنذاك جزءًا من مقاطعات ريو دي لا بلاتا المتحدة. دعت إليها الحكومة الثانية (Second Triumvirate) التي كانت تحكم الجمهورية الفتية، وكان الهدف الرئيسي منها إعلان الاستقلال وتشكيل دستور للمقاطعات المتحدة. على الرغم من أن الجمعية لم تعلن الاستقلال رسميًا أو تصدر دستورًا، إلا أنها اتخذت سلسلة من القرارات الهامة التي شكلت مسار البلاد نحو الاستقلال والجمهورية.
الخلفية التاريخية
في أعقاب ثورة مايو عام 1810، التي أطاحت بنائب الملك الإسباني في بوينس آيرس، شهدت المقاطعات المتحدة فترة من عدم الاستقرار السياسي والصراعات الداخلية. تولت الحكومات المتعاقبة السلطة، بما في ذلك الحكومة الأولى (Primera Junta)، والحكومة الكبرى (Junta Grande)، والحكومة الأولى المنتصرة (Primer Triunvirato). كانت هذه الحكومات تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك الحرب ضد القوات الملكية الإسبانية، والانقسامات الداخلية بين الفصائل السياسية المختلفة.
في عام 1812، أطاحت ثورة بقيادة خوسيه دي سان مارتين وكارلوس ماريا دي ألفير بالحكومة الأولى المنتصرة وشكلت الحكومة الثانية. كان للحكومة الثانية رؤية أكثر جذرية للتغيير السياسي والاجتماعي، وسعت إلى إعلان الاستقلال وتشكيل حكومة جمهورية. لهذا الغرض، دعت الحكومة الثانية إلى عقد جمعية تأسيسية في عام 1813.
أهداف الجمعية
كانت الأهداف الرئيسية لجمعيّة السنة الثالثة عشر هي:
- إعلان استقلال المقاطعات المتحدة عن إسبانيا.
- صياغة دستور لتشكيل حكومة جمهورية.
- وضع حد للعبودية وتجارة الرقيق.
- إلغاء الألقاب النبيلة والامتيازات الطبقية.
- إنشاء نظام تعليم عام.
أعضاء الجمعية
تألفت الجمعية من مندوبين منتخبين من مختلف المقاطعات التي شكلت المقاطعات المتحدة. كان من بين الأعضاء البارزين:
- فالنتين غوميز: مندوب عن بوينس آيرس ورئيس الجمعية.
- نيكولاس رودريغيز بينيا: مندوب عن بوينس آيرس وأحد القادة الرئيسيين للثورة.
- خوسيه جوليان بيريز: مندوب عن مونتيفيديو.
- فراي كاى تشانت: مندوب عن محافظة سالتا.
- توماس دي أنشورّينا: مندوب عن بوينس آيرس وسكرتير الجمعية.
كانت الجمعية تمثل مجموعة متنوعة من الآراء السياسية والاجتماعية، مما أدى في كثير من الأحيان إلى مناقشات حادة وخلافات حول القضايا الرئيسية.
قرارات الجمعية
على الرغم من أنها لم تعلن الاستقلال رسميًا أو تصدر دستورًا، إلا أن جمعيّة السنة الثالثة عشر اتخذت سلسلة من القرارات الهامة التي كان لها تأثير عميق على مسار البلاد:
- إلغاء العبودية: أعلنت الجمعية “حرية الأرحام” (libertad de vientres)، مما يعني أن جميع الأطفال الذين يولدون لأمهات مستعبدات سيولدون أحرارًا. كما حظرت تجارة الرقيق.
- إلغاء الألقاب النبيلة: ألغت الجمعية جميع الألقاب النبيلة والامتيازات الطبقية، وأعلنت المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون.
- إنشاء رموز وطنية: تبنت الجمعية علمًا وشعارًا وطنيين، ونشيدًا وطنيًا، مما ساهم في تعزيز الهوية الوطنية.
- تفويض السلطة التنفيذية: أنشأت الجمعية منصب المدير الأعلى (Director Supremo) ليكون رئيسًا للسلطة التنفيذية.
- إصلاح النظام القضائي: أدخلت الجمعية إصلاحات على النظام القضائي، بهدف ضمان العدالة والمساواة أمام القانون.
- تشجيع التعليم: شجعت الجمعية إنشاء المدارس والجامعات، بهدف نشر التعليم والمعرفة بين جميع المواطنين.
أسباب عدم إعلان الاستقلال وإصدار الدستور
هناك عدة أسباب لعدم إعلان جمعيّة السنة الثالثة عشر الاستقلال رسميًا أو إصدار دستور:
- الظروف الحربية: كانت المقاطعات المتحدة لا تزال تخوض حربًا ضد القوات الملكية الإسبانية، وكان إعلان الاستقلال قد يؤدي إلى تصعيد الصراع.
- الانقسامات الداخلية: كانت هناك انقسامات عميقة بين الفصائل السياسية المختلفة حول شكل الحكومة التي ينبغي تشكيلها. كان البعض يفضلون نظامًا ملكيًا دستوريًا، بينما كان آخرون يفضلون نظامًا جمهوريًا فيدراليًا.
- الضغوط الخارجية: كانت القوى الأوروبية الكبرى، مثل بريطانيا العظمى، تمارس ضغوطًا على المقاطعات المتحدة لعدم إعلان الاستقلال، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
تأثير الجمعية وإرثها
على الرغم من أنها لم تحقق جميع أهدافها، إلا أن جمعيّة السنة الثالثة عشر كان لها تأثير عميق على مسار تاريخ الأرجنتين. القرارات التي اتخذتها الجمعية وضعت الأساس لإعلان الاستقلال في عام 1816، وتشكيل حكومة جمهورية فيدرالية. كما ساهمت الجمعية في تعزيز الهوية الوطنية، ونشر التعليم، وإلغاء العبودية والامتيازات الطبقية.
تعتبر جمعيّة السنة الثالثة عشر علامة فارقة في تاريخ الأرجنتين، ومثالًا على الجهود التي بذلها الآباء المؤسسون لبناء دولة حرة ومستقلة.
خاتمة
كانت جمعيّة السنة الثالثة عشر حدثًا محوريًا في تاريخ الأرجنتين، حيث وضعت الأسس لإعلان الاستقلال وتشكيل دولة جمهورية. على الرغم من أنها لم تحقق جميع أهدافها بسبب الظروف الحربية والانقسامات الداخلية والضغوط الخارجية، إلا أن القرارات التي اتخذتها كان لها تأثير عميق على مسار البلاد. تظل الجمعية رمزًا للجهود التي بذلها الآباء المؤسسون لبناء دولة حرة ومستقلة.