نشأته وتعليمه
ولد توماس فوكس في ريتشموند، إنديانا، ونشأ في عائلة كويكرية. لعبت قيم السلام واللاعنف دورًا محوريًا في حياته منذ صغره. حصل على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة إيرلهام، وهي جامعة كويكرية معروفة بالتزامها بالعدالة الاجتماعية والسلام. بعد تخرجه، عمل فوكس في مجموعة متنوعة من الوظائف، بما في ذلك العمل الاجتماعي والتدريس، قبل أن يكرس نفسه بالكامل لنشاط السلام.
النشاط السلمي
انخرط فوكس في حركة السلام لسنوات عديدة قبل الانضمام إلى “صناع السلام المسيحيين”. عمل مع منظمات مختلفة تروج للسلام والعدالة الاجتماعية، بما في ذلك “لجنة أصدقاء التشريع الوطني” (Friends Committee on National Legislation). كان يؤمن بشدة بقوة الحوار واللاعنف في حل النزاعات، وسعى إلى بناء جسور بين الثقافات والأديان المختلفة.
صناع السلام المسيحيين: هي منظمة مسيحية ملتزمة بالعمل اللاعنفي للحد من العنف وحماية حقوق الإنسان في مناطق النزاع. يرسل “صناع السلام المسيحيين” فرقًا إلى مناطق مختلفة حول العالم لتقديم الدعم للضحايا، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، والعمل من أجل حلول سلمية.
العمل في العراق
في عام 2004، سافر توماس فوكس إلى العراق كجزء من فريق “صناع السلام المسيحيين”. كان هدفه هو مراقبة الوضع الإنساني، وتقديم الدعم للمدنيين العراقيين المتضررين من الحرب، والعمل من أجل السلام والمصالحة. عمل فوكس مع العراقيين من جميع الخلفيات، وشارك في مشاريع مختلفة تهدف إلى تحسين حياة الناس وبناء الثقة بين المجتمعات المختلفة.
تحديات العمل في العراق: كان العمل في العراق خلال تلك الفترة محفوفًا بالمخاطر الشديدة. واجه “صناع السلام المسيحيين” تحديات كبيرة، بما في ذلك التهديدات بالخطف والعنف. على الرغم من هذه المخاطر، ظل فوكس ملتزمًا بعمله، مؤمنًا بأهمية وجود صوت للسلام في منطقة حرب.
الاختطاف والقتل
في 26 نوفمبر 2005، اختطف توماس فوكس مع ثلاثة أعضاء آخرين من “صناع السلام المسيحيين” في بغداد. أعلنت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم “كتائب سيوف الحق” مسؤوليتها عن الاختطاف. طالبت المجموعة بإطلاق سراح جميع المعتقلين في السجون العراقية والأمريكية. على الرغم من الجهود الدولية لإطلاق سراحهم، أعلن عن مقتل توماس فوكس في 9 مارس 2006. تم العثور على جثته في مكب للنفايات في بغداد. أثار مقتل فوكس إدانة واسعة النطاق من الحكومات والمنظمات الدولية، وأثار تساؤلات حول سلامة العاملين في المجال الإنساني في العراق.
ردود الفعل على مقتله: أعرب العديد من قادة العالم والمنظمات الإنسانية عن حزنهم وغضبهم لمقتل توماس فوكس. أشادوا بشجاعته والتزامه بالسلام، ودعوا إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة. كما أثار مقتله نقاشًا حول دور منظمات السلام في مناطق النزاع، وأهمية حماية العاملين في المجال الإنساني.
إرثه
ترك توماس فوكس إرثًا دائمًا من السلام والعدالة. ألهم عمله العديد من الأشخاص للانخراط في نشاط السلام والعمل من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافًا. يتم تذكر فوكس لالتزامه الثابت باللاعنف، وشجاعته في مواجهة الخطر، وإيمانه بقدرة الحوار والتفاهم على التغلب على الانقسامات.
تكريمه: تم تكريم توماس فوكس بعد وفاته بعدة طرق. تم تسمية العديد من المشاريع والمنظمات باسمه، وتم إنشاء منح دراسية لتشجيع الطلاب على متابعة دراسات السلام والعدالة. كما تم نشر كتاب عن حياته وعمله، بعنوان “توماس فوكس: رجل السلام في زمن الحرب” (Thomas Fox: A Man of Peace in a Time of War).
قيم الكويكرز والسلام
كانت قيم الكويكرز، وخاصة الالتزام بالسلام واللاعنف، قوة دافعة في حياة توماس فوكس. يعتقد الكويكرز أن هناك “نورًا داخليًا” في كل شخص، وأن جميع الناس متساوون في القيمة والكرامة. هذا الاعتقاد يقودهم إلى العمل من أجل العدالة الاجتماعية والسلام، ومعارضة الحرب والعنف بجميع أشكاله.
- السلام: يعتبر السلام قيمة أساسية للكويكرز. يؤمنون بأن العنف ليس حلاً للمشاكل، وأن الحوار والتفاهم هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم.
- اللاعنف: يلتزم الكويكرز باللاعنف كطريقة حياة. يرفضون استخدام العنف في أي ظرف من الظروف، ويسعون إلى حل النزاعات من خلال الوسائل السلمية.
- العدالة الاجتماعية: يؤمن الكويكرز بأهمية العدالة الاجتماعية والمساواة للجميع. يعملون من أجل القضاء على الفقر والظلم والتمييز، وضمان حصول الجميع على فرص متساوية في الحياة.
- البساطة: يدعو الكويكرز إلى حياة بسيطة ومتواضعة. يعتقدون أن التركيز على الممتلكات المادية يمكن أن يصرف الانتباه عن الأمور الأكثر أهمية في الحياة، مثل العلاقات الإنسانية والروحانية.
- الحقيقة: يلتزم الكويكرز بالصدق والأمانة في جميع جوانب حياتهم. يعتقدون أن الحقيقة هي أساس الثقة والتفاهم، وأن الكذب والخداع يمكن أن يؤديا إلى العنف والصراع.
تأثيره على حركة السلام
كان لتوماس فوكس تأثير كبير على حركة السلام، سواء في الولايات المتحدة أو على مستوى العالم. ألهم عمله العديد من الأشخاص للانخراط في نشاط السلام والعمل من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافًا. ساهم فوكس في تعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات والأديان المختلفة، وقدم نموذجًا للشجاعة والالتزام في مواجهة الظلم.
إلهام الآخرين: ألهمت قصة توماس فوكس العديد من الأشخاص للانضمام إلى منظمات السلام والعمل في مناطق النزاع. أظهر فوكس أن العمل الفردي يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في العالم، وأن حتى أصغر أعمال السلام يمكن أن يكون لها تأثير عميق.
خاتمة
كان توماس فوكس ناشط سلام كويكريًا ملتزمًا باللاعنف والعدالة الاجتماعية. كرس حياته للعمل من أجل السلام في مناطق النزاع، وخاصة في العراق. على الرغم من اختطافه وقتله، لا يزال إرثه يلهم الناس في جميع أنحاء العالم للعمل من أجل عالم أكثر سلامًا وعدلاً. سيظل فوكس رمزًا للشجاعة والتفاني في خدمة الإنسانية.