<![CDATA[
مقدمة
تعتبر جدولة الحصص النسبية إحدى تقنيات جدولة العمليات في أنظمة التشغيل، وتهدف إلى تخصيص حصة معينة من وقت وحدة المعالجة المركزية (CPU) لكل عملية بناءً على وزن أو نسبة محددة مسبقًا. تضمن هذه التقنية توزيعًا عادلاً للموارد بين العمليات المختلفة، وتمنع عملية واحدة من الاستحواذ على كامل وقت المعالج، مما قد يؤدي إلى تباطؤ أو تجميد العمليات الأخرى.
آلية عمل جدولة الحصص النسبية
تعتمد جدولة الحصص النسبية على تخصيص قيمة “تذكرة” لكل عملية. تمثل هذه التذكرة نسبة الوقت الذي ستحصل عليه العملية من وحدة المعالجة المركزية. على سبيل المثال، إذا كانت العملية (أ) تحمل 20 تذكرة والعملية (ب) تحمل 10 تذاكر، فإن العملية (أ) ستحصل على ضعف الوقت الذي ستحصل عليه العملية (ب).
تقوم خوارزمية الجدولة باختيار العملية التي سيتم تنفيذها بشكل عشوائي، مع إعطاء الأولوية للعمليات التي لديها عدد أكبر من التذاكر. يمكن تشبيه ذلك بسحب يانصيب، حيث تكون فرص الفوز أعلى للعمليات التي لديها عدد أكبر من التذاكر. بعد تنفيذ العملية المختارة لفترة زمنية محددة، يتم اختيار عملية أخرى بشكل عشوائي، وهكذا.
مزايا جدولة الحصص النسبية
- العدالة: تضمن توزيعًا عادلاً لوقت وحدة المعالجة المركزية بين العمليات، بناءً على الأوزان المخصصة لها.
- المرونة: يمكن تعديل الأوزان أو التذاكر المخصصة للعمليات ديناميكيًا، مما يسمح بتكييف الجدولة مع المتطلبات المتغيرة للنظام.
- الوقاية من التجويع: تمنع عملية واحدة من الاستحواذ على كامل وقت المعالج، مما يضمن حصول جميع العمليات على حصة من وقت المعالج.
- سهولة التنفيذ: تعتبر خوارزمية الجدولة بسيطة نسبيًا، مما يسهل تنفيذها في أنظمة التشغيل.
عيوب جدولة الحصص النسبية
- التحديد الدقيق للأوزان: يتطلب تحديد الأوزان أو التذاكر المناسبة لكل عملية فهمًا جيدًا لمتطلبات العمليات المختلفة، وقد يكون من الصعب تحديد هذه الأوزان بدقة في بعض الحالات.
- الأداء: قد لا تحقق جدولة الحصص النسبية أفضل أداء ممكن في بعض الحالات، خاصة إذا كانت هناك عمليات تتطلب أداءً عاليًا جدًا.
- التعقيد الإضافي: تضيف جدولة الحصص النسبية بعض التعقيد الإضافي إلى نظام التشغيل، مقارنة بخوارزميات الجدولة الأبسط.
أمثلة على خوارزميات جدولة الحصص النسبية
هناك العديد من الخوارزميات التي تعتمد على مبدأ جدولة الحصص النسبية، من بينها:
- جدولة اليانصيب (Lottery Scheduling): وهي إحدى أقدم وأشهر خوارزميات جدولة الحصص النسبية. تعتمد على تخصيص عدد من التذاكر لكل عملية، ثم اختيار العملية التي سيتم تنفيذها بشكل عشوائي بناءً على توزيع التذاكر.
- جدولة حصة الفيلم (Stride Scheduling): تعتمد على حساب قيمة “الخطوة” لكل عملية، والتي تمثل المسافة بين مرات التنفيذ المتتالية للعملية. يتم اختيار العملية التي لديها أصغر قيمة للخطوة لتنفيذها.
- جدولة العجز المعوض (Weighted Fair Queueing – WFQ): تعتمد على حساب قيمة “العجز” لكل عملية، والتي تمثل مقدار الوقت الذي لم تحصل عليه العملية من وحدة المعالجة المركزية. يتم اختيار العملية التي لديها أكبر قيمة للعجز لتنفيذها.
تطبيقات جدولة الحصص النسبية
تستخدم جدولة الحصص النسبية في مجموعة متنوعة من التطبيقات، من بينها:
- أنظمة التشغيل في الوقت الحقيقي (Real-Time Operating Systems – RTOS): تستخدم لضمان حصول المهام الحساسة للوقت على حصة كافية من وقت المعالج.
- أنظمة التشغيل متعددة الوسائط (Multimedia Operating Systems): تستخدم لضمان تشغيل ملفات الفيديو والصوت بسلاسة، دون تقطيع أو تأخير.
- الخوادم (Servers): تستخدم لضمان حصول جميع المستخدمين على استجابة سريعة، حتى في ظل ظروف التحميل العالي.
- المحاكاة (Simulation): تستخدم لتخصيص موارد المعالج بين العمليات المختلفة في المحاكاة.
مقارنة بين جدولة الحصص النسبية وخوارزميات الجدولة الأخرى
تختلف جدولة الحصص النسبية عن خوارزميات الجدولة الأخرى في عدة جوانب. على سبيل المثال، تعتمد خوارزميات الجدولة التقليدية مثل “الوارد أولاً يخدم أولاً” (First-Come, First-Served – FCFS) و “الأقصر أولاً” (Shortest Job First – SJF) على ترتيب وصول العمليات أو على تقدير مدة التنفيذ المطلوبة لكل عملية. في المقابل، تعتمد جدولة الحصص النسبية على تخصيص أوزان أو تذاكر للعمليات، مما يوفر تحكمًا أكبر في توزيع الموارد.
بالمقارنة مع خوارزمية “أولوية الجدولة” (Priority Scheduling)، تسمح جدولة الحصص النسبية بتحديد الأولويات بشكل أكثر دقة، حيث يمكن تحديد الأولوية عن طريق تخصيص عدد أكبر من التذاكر للعمليات ذات الأولوية الأعلى. كما أن جدولة الحصص النسبية تقلل من خطر “التجويع” الذي قد يحدث في خوارزمية أولوية الجدولة، حيث تضمن حصول جميع العمليات على حصة من وقت المعالج، حتى العمليات ذات الأولوية المنخفضة.
تحسين أداء جدولة الحصص النسبية
يمكن تحسين أداء جدولة الحصص النسبية عن طريق استخدام تقنيات مختلفة، من بينها:
- تعديل الأوزان الديناميكي: يمكن تعديل الأوزان أو التذاكر المخصصة للعمليات ديناميكيًا، بناءً على مراقبة سلوك العمليات وأدائها. على سبيل المثال، يمكن زيادة وزن العملية التي تتطلب أداءً عاليًا، أو تقليل وزن العملية التي تستهلك الكثير من الموارد.
- استخدام تقنيات التنبؤ: يمكن استخدام تقنيات التنبؤ لتقدير مدة التنفيذ المطلوبة لكل عملية، ثم استخدام هذه التقديرات لتحديد الأوزان المناسبة للعمليات.
- تكامل جدولة الحصص النسبية مع خوارزميات الجدولة الأخرى: يمكن دمج جدولة الحصص النسبية مع خوارزميات الجدولة الأخرى، مثل خوارزمية “الوقت المحدد” (Round Robin)، للحصول على أداء أفضل. على سبيل المثال، يمكن استخدام جدولة الحصص النسبية لتحديد حصة كل عملية من وقت المعالج، ثم استخدام خوارزمية “الوقت المحدد” لتوزيع هذه الحصة بين الخيوط المختلفة في العملية.
التحديات المستقبلية في جدولة الحصص النسبية
مع تطور أنظمة الحوسبة وزيادة تعقيد التطبيقات، تواجه جدولة الحصص النسبية بعض التحديات المستقبلية، من بينها:
- التعامل مع التطبيقات المتوازية: تتطلب التطبيقات المتوازية تخصيص موارد المعالج بين الخيوط المختلفة في التطبيق، وقد يكون من الصعب تحقيق التوازن الأمثل بين العدالة والأداء في هذه الحالة.
- التعامل مع التطبيقات السحابية: تتطلب التطبيقات السحابية تخصيص موارد المعالج بين العديد من المستخدمين المختلفين، وقد يكون من الصعب ضمان حصول جميع المستخدمين على حصة عادلة من الموارد.
- التعامل مع الأجهزة المحمولة: تتطلب الأجهزة المحمولة توفير الطاقة مع الحفاظ على الأداء الجيد، وقد يكون من الصعب تحقيق هذا التوازن باستخدام جدولة الحصص النسبية.
خاتمة
تعتبر جدولة الحصص النسبية تقنية فعالة لتوزيع موارد المعالج بين العمليات المختلفة بشكل عادل ومرن. على الرغم من وجود بعض التحديات، إلا أنها تظل خيارًا جذابًا للعديد من التطبيقات، خاصة تلك التي تتطلب ضمان حصول جميع العمليات على حصة كافية من وقت المعالج. مع استمرار تطور أنظمة الحوسبة، من المتوقع أن تشهد جدولة الحصص النسبية المزيد من التطورات والتحسينات في المستقبل.