نشأتها وحياتها المبكرة
ولدت ماري سبارتالي في لندن في 10 مارس 1844 لعائلة يونانية ثرية. كان والدها، مايكل سبارتالي، تاجرًا ثريًا ورئيسًا للقنصلية اليونانية في لندن. أما والدتها، يوفيميا (إيوفيما) باليولوجو، فكانت من عائلة يونانية نبيلة تعود أصولها إلى الإمبراطورية البيزنطية. نشأت ماري في بيئة ثقافية وفنية غنية، حيث كانت عائلتها تستضيف صالونات أدبية وفنية منتظمة، مما أتاح لها التعرف على العديد من الشخصيات البارزة في المجتمع الفني والأدبي في لندن.
تلقت ماري تعليمًا جيدًا، تعلمت اللغات والأدب والفنون. أظهرت موهبة فنية مبكرة، وشجعها والداها على تطوير مهاراتها. بدأت دروس الرسم في سن مبكرة، وسرعان ما أصبحت ماهرة في الرسم بالألوان المائية والزيتية.
تأثير حركة ما قبل الرفائيلية
كان لـ “دانتي غابرييل روزيتي” تأثير كبير على مسيرة ماري سبارتالي الفنية. التقت بروزيتي في عام 1864، وأعجب بجمالها وموهبتها الفنية. أصبحت ماري نموذجًا للعديد من لوحات روزيتي، كما شجعها على تطوير أسلوبها الفني الخاص المستوحى من حركة ما قبل الرفائيلية. هذه الحركة الفنية، التي ازدهرت في منتصف القرن التاسع عشر، سعت إلى العودة إلى النقاء والبساطة التي ميزت الفن الإيطالي قبل عصر النهضة. ركز فناني ما قبل الرفائيلية على التفاصيل الدقيقة والألوان الزاهية والمواضيع الرومانسية والتاريخية.
درست ماري أيضًا مع “فورد مادوكس براون”، وهو فنان آخر بارز في حركة ما قبل الرفائيلية. تعلمت منه تقنيات جديدة في الرسم، وتأثرت بأسلوبه الواقعي والمفصل. بفضل تأثير روزيتي وبراون، تطورت ماري كفنانة واعدة، وسرعان ما بدأت في عرض أعمالها في المعارض الفنية المرموقة في لندن.
أعمالها الفنية
تميزت أعمال ماري سبارتالي ستيلمان بتنوع مواضيعها، حيث استلهمت من الأدب والشعر والتاريخ والأساطير. صورت في لوحاتها شخصيات نسائية قوية ومستقلة، وعكست اهتمامها بقضايا المرأة والمجتمع. استخدمت ماري الألوان الزاهية والتفاصيل الدقيقة في لوحاتها، مما أضفى عليها جمالاً ورونقاً خاصاً.
من بين أشهر أعمالها:
- “ماريانا” (Mariana): لوحة مستوحاة من قصيدة “ماريانا” للشاعر “ألفريد تنيسون”. تصور اللوحة امرأة وحيدة تنتظر عودة حبيبها المفقود.
- “كلوديا” (Claudia): لوحة تصور امرأة رومانية نبيلة. تتميز اللوحة بجمالها وأناقتها وتفاصيلها الدقيقة.
- “رسائل حب” (Love Sonnets): سلسلة من اللوحات المستوحاة من قصائد الحب للشاعر الإيطالي “دانتي أليغييري”.
- “السيدة تشارلوت” (The Lady of Shalott): لوحة مستوحاة من قصيدة “السيدة تشارلوت” للشاعر “ألفريد تنيسون”. تصور اللوحة امرأة ملعونة تعيش في عزلة وتنسج نسيجًا سحريًا.
- “حفل زفاف سيمونتا فيسبوتشي” (The Wedding of Simonetta Vespucci): لوحة تصوّر حفل زفاف تاريخي لشخصية نبيلة من عصر النهضة.
زواجها وحياتها اللاحقة
في عام 1871، تزوجت ماري سبارتالي من الصحفي الأمريكي “ويليام جيمس ستيلمان”. انتقلت معه إلى فلورنسا في إيطاليا، حيث عاشا لعدة سنوات. خلال فترة إقامتها في إيطاليا، استمرت ماري في الرسم وعرض أعمالها في المعارض الفنية. كما سافرت إلى أماكن مختلفة في أوروبا والشرق الأوسط، واستلهمت من ثقافات هذه المناطق في لوحاتها.
بعد وفاة زوجها في عام 1901، عادت ماري إلى لندن، حيث واصلت الرسم والكتابة. توفيت في لندن في 6 مارس 1927 عن عمر يناهز 82 عامًا. تركت وراءها إرثًا فنيًا غنيًا، وأصبحت تعتبر واحدة من أهم الفنانات في حركة ما قبل الرفائيلية.
تأثيرها وإرثها
تركت ماري سبارتالي ستيلمان بصمة واضحة في تاريخ الفن البريطاني. كان لها تأثير كبير على الفنانين الآخرين في حركة ما قبل الرفائيلية، وألهمت العديد من الفنانين اللاحقين. تعتبر أعمالها من الكنوز الفنية القيمة، وتعرض في المتاحف والمعارض الفنية في جميع أنحاء العالم.
تُظهر أعمالها تقديرًا عميقًا للجمال الأنثوي والقصص التاريخية والأدبية، مما يجعلها فنانة فريدة ومميزة في عصرها.
خاتمة
ماري سبارتالي ستيلمان فنانة بريطانية من أصل يوناني، اشتهرت بانتمائها إلى الجيل الثاني من حركة ما قبل الرفائيلية. تميزت أعمالها بتصويرها للمرأة في سياقات تاريخية وأسطورية وشعرية، واستوحت الكثير من مواضيعها من الأدب الإيطالي واليوناني. تركت إرثًا فنيًا غنيًا، وتعتبر واحدة من أهم الفنانات في حركتها.