<![CDATA[
نشأته وبداياته
ولد فيليب فليتشر فولارد في مدينة بوتني، لندن، في 27 مايو 1897. تلقى تعليمه في مدرسة تونبريدج، حيث أظهر اهتمامًا مبكرًا بالطيران. اندلعت الحرب العالمية الأولى في عام 1914، وقرر فولارد، مثل العديد من الشباب في ذلك الوقت، الانضمام إلى القوات المسلحة للدفاع عن بلاده.
الخدمة العسكرية في الحرب العالمية الأولى
في عام 1915، انضم فولارد إلى الفيلق الملكي الطائر (RFC)، وهي الذراع الجوية للجيش البريطاني في ذلك الوقت. خضع لتدريب مكثف على الطيران، وسرعان ما أظهر مهارات استثنائية في قيادة الطائرات والقتال الجوي. في بداية مسيرته، خدم في البداية في وحدات الاستطلاع قبل أن ينتقل إلى الطائرات المقاتلة، وهو ما سمح له بإظهار قدراته القتالية بشكل كامل.
التحاقه بالوحدة رقم 1 سرب
في عام 1917، تم نقل فولارد إلى الوحدة رقم 1 سرب، وهي إحدى وحدات النخبة في الفيلق الملكي الطائر. كانت هذه الوحدة متمركزة في فرنسا، حيث كانت تشارك في معارك جوية مكثفة ضد الطائرات الألمانية. كانت الوحدة مجهزة بطائرات “نيوبورت” و “إس إي 5″، وهي من بين أفضل الطائرات المقاتلة في ذلك الوقت.
تحقيق الانتصارات الجوية
سرعان ما بدأ فولارد في تحقيق انتصارات جوية، حيث أسقط عددًا كبيرًا من الطائرات الألمانية. تميز بمهاراته العالية في المناورة الجوية، ودقته في الرماية، وقدرته على اتخاذ قرارات سريعة في المواقف الصعبة. حصل على لقب “الآس” بعد أن أسقط خمس طائرات معادية، واستمر في تحقيق المزيد من الانتصارات حتى نهاية الحرب.
من أبرز المعارك التي خاضها فولارد، تلك التي دارت في سماء منطقة “إيبرس” في بلجيكا. كانت هذه المنطقة مسرحًا لمعارك عنيفة بين القوات البريطانية والألمانية، وكانت السماء مليئة بالطائرات المقاتلة من كلا الجانبين. تمكن فولارد من إسقاط العديد من الطائرات الألمانية في هذه المعارك، مما ساهم في تحقيق التفوق الجوي للقوات البريطانية.
خلال الحرب، طار فولارد على عدة أنواع من الطائرات، بما في ذلك “نيوبورت” و “إس إي 5”. كانت طائرة “إس إي 5” هي المفضلة لديه، حيث كانت تتميز بقوة محركها وسرعتها العالية، بالإضافة إلى قدرتها على المناورة الجيدة. استخدم فولارد هذه الطائرة لتحقيق معظم انتصاراته الجوية.
الأوسمة والجوائز
تقديراً لخدمته المتميزة وشجاعته في القتال، حصل فولارد على العديد من الأوسمة والجوائز، بما في ذلك:
- وسام الخدمة المتميزة (DSO)
- الصليب العسكري (MC)
- صليب الطيران المتميز (DFC)
كما تم ذكره في البرقيات عدة مرات، وهو تقدير إضافي لشجاعته ومهاراته.
فترة ما بين الحربين
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، بقي فولارد في سلاح الجو الملكي (RAF)، الذي تأسس في عام 1918. شغل عدة مناصب إدارية وتدريبية، وساهم في تطوير أساليب التدريب والتكتيكات الجوية. كما شارك في العديد من العروض الجوية والمسابقات، حيث أظهر مهاراته في قيادة الطائرات.
في هذه الفترة، كان فولارد نشطًا في تطوير الطيران المدني في بريطانيا. كان يعتقد أن الطيران يمكن أن يلعب دورًا هامًا في ربط المجتمعات وتعزيز التجارة، وعمل على تشجيع الاستثمار في هذا المجال. كما شارك في تأسيس العديد من شركات الطيران الصغيرة، وساعد في تدريب الطيارين المدنيين.
الحرب العالمية الثانية
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939، عاد فولارد إلى الخدمة الفعلية في سلاح الجو الملكي. شغل منصبًا قياديًا في الدفاع الجوي لبريطانيا، وشارك في التخطيط والتنسيق لعمليات الدفاع ضد الغارات الجوية الألمانية. كانت خبرته في الحرب العالمية الأولى ذات قيمة كبيرة في هذه الفترة، حيث ساعدت في تطوير استراتيجيات فعالة للدفاع عن البلاد.
خلال معركة بريطانيا في عام 1940، لعب فولارد دورًا هامًا في تنظيم الدفاعات الجوية. كان مسؤولاً عن تنسيق عمل وحدات المقاتلات ووحدات المدفعية المضادة للطائرات، وضمان حصولها على المعلومات اللازمة للتصدي للطائرات الألمانية. كما قام بزيارة العديد من القواعد الجوية لرفع معنويات الطيارين وتشجيعهم على القتال.
ما بعد الحرب
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تقاعد فولارد من سلاح الجو الملكي برتبة عميد جوي. استمر في الاهتمام بالطيران، وشارك في العديد من الفعاليات والمناسبات المتعلقة بالطيران. كما كتب مذكراته، التي نشرت تحت عنوان “الطيار المقاتل”، والتي تضمنت تفاصيل عن تجاربه في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
بعد تقاعده، انخرط فولارد في الأعمال الخيرية، وتبرع بجزء كبير من ثروته لدعم المؤسسات الخيرية التي تهتم برعاية المحاربين القدامى وضحايا الحروب. كان يعتقد أن من واجب المجتمع دعم هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن البلاد.
إرثه وتأثيره
يعتبر فيليب فولارد أحد أبرز الطيارين المقاتلين في التاريخ، وقد ترك إرثًا كبيرًا في مجال الطيران. كان يتمتع بمهارات استثنائية في قيادة الطائرات والقتال الجوي، وشجاعة لا مثيل لها. كما كان قائدًا محنكًا ومفكرًا استراتيجيًا، وقد ساهم في تطوير أساليب التدريب والتكتيكات الجوية.
تعتبر قصة فولارد مصدر إلهام للعديد من الطيارين الشباب، الذين يسعون إلى تحقيق النجاح في هذا المجال. كما أنه يمثل رمزًا للشجاعة والتضحية من أجل الوطن. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة تاريخ الطيران، وسيظل إرثه يلهم الأجيال القادمة.
أرقام قياسية وإحصائيات
حقق فولارد خلال الحرب العالمية الأولى 40 انتصارًا جويًا مؤكدًا، مما يجعله واحدًا من أنجح الطيارين البريطانيين في تلك الحقبة. وتشمل هذه الانتصارات إسقاط الطائرات المقاتلة والقاذفات الألمانية.
بالإضافة إلى ذلك، قاد فولارد العديد من الدوريات الجوية الناجحة، وشارك في العديد من المعارك الجوية الحاسمة. كان يتمتع بسمعة طيبة بين زملائه الطيارين، الذين كانوا يحترمونه ويقدرون مهاراته القيادية.
خاتمة
فيليب فليتشر فولارد، العميد الجوي والبطل، شخصية بارزة في تاريخ الطيران. من خلال خدمته المتميزة في الحربين العالميتين، وشجاعته الاستثنائية، وتفانيه في خدمة وطنه، ترك بصمة لا تُمحى. تظل قصته مصدر إلهام للأجيال القادمة، وتذكرة بأهمية الشجاعة والتضحية في سبيل الحرية.