<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد إريك شومان في برلين في عام 1898. درس الفيزياء في جامعة برلين وحصل على الدكتوراه في عام 1922. بعد حصوله على الدكتوراه، عمل في البداية في مجال الصناعة، لكنه سرعان ما عاد إلى الأوساط الأكاديمية. انضم إلى جامعة برلين كباحث ومحاضر، وسرعان ما برز كشخصية واعدة في مجال الفيزياء.
حياته المهنية الأكاديمية
تميزت مسيرة شومان الأكاديمية بصعود سريع. في عام 1931، أصبح أستاذًا غير عادي (extraordinarius) في جامعة برلين. في عام 1933، بعد وصول النازيين إلى السلطة، تمت ترقيته إلى أستاذ عادي (ordinarius) ورئيس قسم الفيزياء الثاني في الجامعة. هذه الترقية السريعة كانت مدفوعة جزئيًا بتأييده للنظام النازي ورؤيته للفيزياء الألمانية.
لم يقتصر دور شومان على التدريس والبحث. بل أصبح أيضًا شخصية إدارية مؤثرة في الجامعة. شغل منصب عميد كلية العلوم في جامعة برلين بين عامي 1938 و 1945. خلال فترة عمادته، سعى إلى توجيه البحث العلمي نحو خدمة الأهداف العسكرية للنظام النازي.
دوره في البحث العسكري خلال الحقبة النازية
كان لشومان دور محوري في البحث العسكري الألماني خلال الحرب العالمية الثانية. شغل مناصب قيادية في مختلف المنظمات البحثية العسكرية، بما في ذلك:
- رئيس قسم الفيزياء في مكتب الذخائر التابع للجيش (Heereswaffenamt)
- رئيس مجلس البحث العلمي (Reichsforschungsrat)
- رئيس مكتب الفيزياء التابع لمجلس البحث العلمي
من خلال هذه المناصب، كان شومان مسؤولاً عن توجيه وتمويل الأبحاث في مجموعة واسعة من المجالات ذات الأهمية العسكرية، بما في ذلك:
- الصوتيات: تطوير أجهزة الكشف عن الغواصات والأجهزة الصوتية الأخرى.
- المتفجرات: تحسين أداء المتفجرات التقليدية وتطوير متفجرات جديدة.
- الفيزياء النووية: على الرغم من أن ألمانيا لم تنجح في تطوير أسلحة نووية خلال الحرب، إلا أن شومان كان مشاركًا في الأبحاث المتعلقة بالانشطار النووي.
كان شومان مؤيدًا قويًا لفكرة “الفيزياء الألمانية” (Deutsche Physik)، وهي حركة معادية للفيزياء النظرية، وخاصة النسبية وميكانيكا الكم، التي روج لها ألبرت أينشتاين وغيره من العلماء اليهود. اعتقد شومان أن الفيزياء الألمانية يجب أن تركز على التطبيقات العملية وأن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأيديولوجية النازية. سعى إلى قمع الأفكار “اليهودية” في الفيزياء وتعزيز “الفيزياء الآرية” البديلة.
الفيزياء الألمانية (Deutsche Physik)
كانت “الفيزياء الألمانية” حركة قومية وعنصرية في مجال الفيزياء ظهرت في ألمانيا خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. استهدفت هذه الحركة بشكل خاص نظريات ألبرت أينشتاين (النسبية) وغيرها من النظريات التي اعتبروها “يهودية” أو “دونية”. سعت الحركة إلى استبدال هذه النظريات بفيزياء “آرية” أكثر توافقًا مع الأيديولوجية النازية. كان إريك شومان من أبرز المؤيدين لهذه الحركة، واستخدم نفوذه الأكاديمي والإداري لتعزيزها.
عارضت حركة الفيزياء الألمانية بشدة الفيزياء النظرية، وخاصة ميكانيكا الكم والنسبية. زعموا أن هذه النظريات مجرد تجريدات رياضية لا علاقة لها بالواقع وأنها تفتقر إلى أي أساس تجريبي. بدلاً من ذلك، دعوا إلى فيزياء أكثر تجريبية وعملية تركز على التطبيقات التكنولوجية. اتهموا الفيزيائيين اليهود، مثل أينشتاين، بتشويه الفيزياء وإدخال أفكار “أجنبية” إلى العلم الألماني.
كانت للفيزياء الألمانية تأثير ضار على البحث العلمي في ألمانيا خلال الحقبة النازية. أدت إلى تهميش العديد من العلماء الموهوبين الذين رفضوا التوافق مع الأيديولوجية النازية، وأعاقت تقدم الفيزياء في ألمانيا. على الرغم من جهود شومان وغيره من المؤيدين، لم تنجح الفيزياء الألمانية في استبدال الفيزياء التقليدية. بعد الحرب العالمية الثانية، تم التخلي عن الحركة إلى حد كبير.
بعد الحرب العالمية الثانية
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تم اعتقال إريك شومان من قبل قوات الحلفاء. تم التحقيق معه بسبب دوره في النظام النازي وأنشطته البحثية خلال الحرب. تم تجريده من مناصبه الأكاديمية والإدارية. ومع ذلك، لم تتم مقاضاته بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
بعد إطلاق سراحه، وجد شومان صعوبة في العودة إلى الأوساط الأكاديمية. عمل كمستشار في مجال الصوتيات لعدة شركات. استمر في نشر الأبحاث في مجال الصوتيات حتى وفاته في عام 1985.
إرثه
إرث إريك شومان معقد ومثير للجدل. من ناحية، كان عالمًا فيزيائيًا موهوبًا قدم مساهمات كبيرة في مجال الصوتيات. من ناحية أخرى، كان مؤيدًا قويًا للنظام النازي واستخدم نفوذه لتوجيه البحث العلمي نحو خدمة الأهداف العسكرية للنظام. يعتبره البعض رمزًا لاستغلال العلم في خدمة الأيديولوجيات الشمولية.
تثير قضية إريك شومان أسئلة مهمة حول مسؤولية العلماء عن استخدامات أبحاثهم. هل يجب على العلماء أن يكونوا مسؤولين عن العواقب السياسية والأخلاقية لأعمالهم؟ هل يمكن تبرير التعاون مع الأنظمة الاستبدادية إذا كان ذلك يؤدي إلى تقدم علمي؟ هذه أسئلة لا تزال ذات صلة اليوم.
خاتمة
كان إريك شومان عالم فيزياء ألمانيًا متخصصًا في الصوتيات والمتفجرات، لعب دورًا هامًا في البحث العسكري الألماني خلال الحقبة النازية. شغل مناصب قيادية في مختلف المنظمات البحثية العسكرية، وكان مسؤولاً عن توجيه وتمويل الأبحاث في مجموعة واسعة من المجالات ذات الأهمية العسكرية. بعد الحرب العالمية الثانية، تم اعتقاله والتحقيق معه بسبب دوره في النظام النازي، لكنه لم تتم مقاضاته بتهمة ارتكاب جرائم حرب. إرثه معقد ومثير للجدل، حيث يعتبره البعض رمزًا لاستغلال العلم في خدمة الأيديولوجيات الشمولية.