خلفية تاريخية
في أوائل القرن التاسع عشر، بدأت الولايات المتحدة في التوسع غربًا، مما أدى إلى زيادة التوتر مع القبائل الأصلية التي سكنت المنطقة منذ آلاف السنين. كان المستوطنون والمستكشفون والتجار الأمريكيون يتزايد عددهم في منطقة شمال غرب المحيط الهادئ، مما أثار صراعًا على الموارد والأراضي. أدركت الحكومة الأمريكية الحاجة إلى إبرام معاهدات مع القبائل الأصلية لتأمين السيطرة على الأراضي وتسهيل التوسع.
في عام 1854، أصدر الكونغرس الأمريكي قانونًا يسمح بتخصيص الأموال للتفاوض على المعاهدات مع القبائل الأصلية. تم تعيين إسحاق ستيفنز، حاكم إقليم واشنطن، مفوضًا من قبل الحكومة الأمريكية للتفاوض على هذه المعاهدات. كان ستيفنز شخصية مثيرة للجدل، معروفًا بحماسه للتوسع الأمريكي وإيمانه بضرورة استيعاب القبائل الأصلية في المجتمع الأمريكي.
التحضير للمجلس
بدأ التحضير لمجلس والّا والّا في أوائل عام 1855. أرسل ستيفنز رسائل إلى القبائل الأصلية، ودعا قادتهم إلى الاجتماع في موقع بالقرب من نهر والّا والّا في ولاية أوريغون الحالية. كان اختيار الموقع استراتيجيًا، حيث كان يقع في منطقة مركزية ومناسبة للعديد من القبائل المختلفة. كان الهدف من المجلس هو جمع القبائل الأصلية معًا للتفاوض على معاهدات جماعية، مما يوفر للولايات المتحدة عملية تفاوض أكثر كفاءة.
تم الإعلان عن المجلس على نطاق واسع، وجذبت إليه أعدادًا كبيرة من القبائل الأصلية. وصلت القبائل من مناطق واسعة، بما في ذلك قبائل ياكيما، ونيز بيرس، ووالّا والّا، وأوربا، وكايوس، وغيرها. سافر العديد من القادة البارزين من القبائل الأصلية إلى المجلس، بما في ذلك الزعيم كامياكن من قبيلة ياكيما، والزعيم جوزيف من قبيلة نيز بيرس، والزعيم والّا والّا من قبيلة والّا والّا.
أحداث المجلس
بدأ مجلس والّا والّا في 29 مايو 1855، واستمر لعدة أسابيع. افتتح ستيفنز المجلس بخطاب طويل شرح فيه أهداف الولايات المتحدة في المنطقة. ثم قدم مسودة معاهدات للقبائل الأصلية للموافقة عليها. تضمنت هذه المعاهدات بنودًا رئيسية مثل:
- التنازل عن الأراضي: طُلب من القبائل الأصلية التنازل عن معظم أراضيها للولايات المتحدة.
- الحجز: تم تخصيص مناطق محددة (محميات) للقبائل الأصلية للعيش فيها.
- المخصصات: وعدت الحكومة الأمريكية بتوفير المخصصات السنوية من السلع والخدمات للقبائل الأصلية.
- الحماية: وعدت الحكومة الأمريكية بحماية القبائل الأصلية من الاعتداءات الخارجية.
أثارت مسودة المعاهدات نقاشًا كبيرًا بين القبائل الأصلية. عبر العديد من القادة عن مخاوفهم بشأن شروط المعاهدات، وأعربوا عن قلقهم بشأن فقدان أراضيهم، وتأثير الحجز على أسلوب حياتهم التقليدي. كان الزعيم كامياكن من قبيلة ياكيما من أشد المعارضين للمعاهدات، وحذر من أن التنازل عن الأراضي سيؤدي إلى معاناة كبيرة لشعبه.
على الرغم من الاعتراضات، وافقت معظم القبائل الأصلية في النهاية على التوقيع على المعاهدات. كان ذلك بسبب مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك الضغط من قبل الولايات المتحدة، والخوف من العقاب، والوعود بالمخصصات والحماية. تم توقيع ثلاث معاهدات رئيسية في مجلس والّا والّا:
- معاهدة والّا والّا: وقعت مع قبائل ياكيما، والّا والّا، وكايوس، وأوربا.
- معاهدة سيميكامي: وقعت مع قبائل نيز بيرس.
- معاهدة رواية: وقعت مع قبائل الأراضي الجنوبية.
تداعيات المعاهدات
كانت معاهدات مجلس والّا والّا لها عواقب وخيمة على القبائل الأصلية. فقدت القبائل معظم أراضيها، وانتقلت إلى المحميات، وغالبًا ما كانت هذه المحميات صغيرة وغير مناسبة لدعم أسلوب حياتهم التقليدي. واجهت القبائل صعوبة في التكيف مع الحياة في المحميات، وعانت من الفقر والمرض والتمييز. لم تلتزم الحكومة الأمريكية في كثير من الأحيان بوعودها بالمخصصات والحماية، مما زاد من معاناة القبائل.
أدت معاهدات مجلس والّا والّا أيضًا إلى نشوب صراعات مسلحة بين الولايات المتحدة والقبائل الأصلية. في عام 1855، اندلعت حرب ياكيما، وهي صراع استمر لعدة سنوات. أدى هذا الصراع إلى المزيد من الخسائر في الأرواح والمعاناة للقبائل الأصلية.
على الرغم من التداعيات السلبية، تركت معاهدات مجلس والّا والّا إرثًا دائمًا في منطقة شمال غرب المحيط الهادئ. حددت هذه المعاهدات حدودًا جديدة للأراضي، وشكلت العلاقة بين الولايات المتحدة والقبائل الأصلية. لا يزال تأثير هذه المعاهدات محسوسًا حتى اليوم، حيث تكافح القبائل الأصلية من أجل حقوقها وتقرير المصير.
أهمية تاريخية
يعتبر مجلس والّا والّا حدثًا تاريخيًا مهمًا لعدة أسباب:
- تحديد الأراضي: ساعد المجلس في تحديد حدود الأراضي وتسهيل التوسع الأمريكي.
- تغيير حياة القبائل الأصلية: أثرت المعاهدات بشكل كبير على حياة القبائل الأصلية، وأدت إلى فقدان الأراضي، والانتقال إلى المحميات، والصراعات المسلحة.
- تأثير طويل الأمد: لا يزال تأثير المجلس والمعاهدات محسوسًا حتى اليوم، حيث تكافح القبائل الأصلية من أجل حقوقها.
يُذكر مجلس والّا والّا كفصل مهم في تاريخ الولايات المتحدة والقبائل الأصلية. إنه تذكير بالعلاقات المعقدة والمضطربة بين هاتين المجموعتين، وأهمية فهم الماضي من أجل بناء مستقبل أفضل.
تأثير المجلس على الثقافة والهوية
بالإضافة إلى الآثار السياسية والاقتصادية، كان لمجلس والّا والّا تأثير كبير على الثقافة والهوية للقبائل الأصلية. أدت المعاهدات إلى تفكك المجتمعات القبلية التقليدية، وإجبار الناس على التكيف مع أسلوب حياة جديد في المحميات. أدى هذا التغيير إلى فقدان بعض جوانب الثقافة واللغة التقليدية. ومع ذلك، حافظت القبائل الأصلية أيضًا على هويتها الثقافية، وحاولت الحفاظ على تقاليدها وقيمها.
شهدت العقود الأخيرة إحياءً ثقافيًا بين القبائل الأصلية. تعمل القبائل على إحياء لغاتها وتقاليدها، واستعادة الأراضي، وتعزيز الحكم الذاتي. يعتبر مجلس والّا والّا جزءًا مهمًا من هذا الإرث، ويُذكر كمثال على التحديات التي واجهتها القبائل الأصلية، وتصميمها على البقاء.
الميراث القانوني
تركت معاهدات مجلس والّا والّا أيضًا إرثًا قانونيًا دائمًا. غالبًا ما تستخدم المعاهدات كمرجع في القضايا القانونية التي تنطوي على حقوق الأراضي والموارد للقبائل الأصلية. على الرغم من أن بعض البنود في المعاهدات قد تم انتهاكها أو تجاهلها من قبل الحكومة الأمريكية، إلا أنها لا تزال تمثل التزامات قانونية، وتوفر الأساس للدعاوى القانونية المطالبة بالحقوق والتعويضات.
في السنوات الأخيرة، رفعت القبائل الأصلية عددًا من الدعاوى القضائية بناءً على معاهدات مجلس والّا والّا، وحققت بعض النجاح في استعادة الأراضي، والحصول على تعويضات عن الأضرار التي لحقت بها. يستمر هذا العمل القانوني في تشكيل العلاقة بين القبائل الأصلية والولايات المتحدة.
الخلاصة
كان مجلس والّا والّا حدثًا محوريًا في تاريخ شمال غرب المحيط الهادئ. جمع هذا المجلس بين الولايات المتحدة والقبائل الأصلية للتفاوض على معاهدات، والتي أدت إلى تغييرات جذرية في المنطقة. في حين أن المعاهدات فتحت الأراضي للاستيطان الأمريكي، فقد أدت أيضًا إلى معاناة كبيرة للقبائل الأصلية، وفقدان الأراضي، والصراعات المسلحة. ومع ذلك، تركت المعاهدات إرثًا دائمًا، وشكلت العلاقة بين الولايات المتحدة والقبائل الأصلية، وتستمر في التأثير على المنطقة حتى اليوم. يمثل مجلس والّا والّا تذكيرًا بالعلاقات المعقدة والمضطربة في الماضي، وأهمية فهم هذا التاريخ من أجل بناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا.