حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت روزماري ستيوارت في 20 ديسمبر 1924، ونشأت في المملكة المتحدة. تلقت تعليمًا متميزًا، مما مكنها من دخول عالم البحث والكتابة في مجال الأعمال والإدارة. على الرغم من أن التفاصيل الدقيقة حول تعليمها المبكر غير متوفرة على نطاق واسع، إلا أن مسيرتها المهنية تشير إلى حصولها على تعليم عالٍ في مجال ذي صلة، ربما في العلوم الاجتماعية أو الإدارة.
مسيرتها المهنية وإسهاماتها
بدأت روزماري ستيوارت مسيرتها المهنية كباحثة، وسرعان ما أصبحت شخصية مؤثرة في مجال إدارة الأعمال. تميزت أبحاثها بالدقة والعمق، وركزت بشكل خاص على فهم كيفية عمل المديرين في الواقع، بدلاً من الاعتماد على النظريات المجردة. من أبرز إسهاماتها:
- دراسة طبيعة عمل المديرين: أجرت ستيوارت دراسات تفصيلية حول كيفية قضاء المديرين لوقتهم، وكيف يتفاعلون مع الآخرين، وما هي أنواع القرارات التي يتخذونها. كشفت هذه الدراسات عن أن عمل المديرين غالبًا ما يكون متقطعًا وغير منظم، وأنهم يقضون معظم وقتهم في التواصل والتفاعل مع الآخرين.
- تطوير نماذج لفهم سلوك المديرين: بناءً على أبحاثها، طورت ستيوارت نماذج لفهم سلوك المديرين، مثل نموذج “القيود والاختيارات والمطالب”. يوضح هذا النموذج كيف أن عمل المديرين يتأثر بالقيود المفروضة عليهم (مثل الموارد المحدودة)، والاختيارات التي يتخذونها (مثل تحديد الأولويات)، والمطالب المفروضة عليهم (مثل تحقيق الأهداف).
- تحليل التحديات التي يواجهها المديرين: سلطت ستيوارت الضوء على التحديات التي يواجهها المديرين في بيئات العمل المتغيرة، مثل زيادة المنافسة، والتطورات التكنولوجية، وتغير توقعات الموظفين. أكدت على أهمية قدرة المديرين على التكيف مع هذه التغيرات، وتطوير مهارات جديدة.
أعمالها ومؤلفاتها
نشرت روزماري ستيوارت العديد من الكتب والمقالات المؤثرة التي ساهمت في تطوير مجال إدارة الأعمال. من بين أبرز أعمالها:
- “Managers and Their Jobs” (المديرون ووظائفهم): يعتبر هذا الكتاب من أهم أعمال ستيوارت، حيث يقدم تحليلاً شاملاً لطبيعة عمل المديرين، وكيفية قضاء وقتهم، والتحديات التي يواجهونها. استند الكتاب إلى سنوات من البحث الميداني، وقدم رؤى قيمة حول سلوك المديرين وفعاليتهم.
- “The Reality of Management” (واقع الإدارة): يستكشف هذا الكتاب التحديات العملية التي يواجهها المديرون في حياتهم اليومية، ويقدم نصائح حول كيفية التعامل مع هذه التحديات بفعالية. يعتمد الكتاب على خبرة ستيوارت الواسعة في مجال البحث والاستشارات الإدارية.
- “Leading in the NHS: A Practical Guide” (القيادة في الخدمة الصحية الوطنية: دليل عملي): يقدم هذا الكتاب إرشادات عملية للقادة في الخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، حول كيفية تحسين الأداء وتقديم رعاية أفضل للمرضى. يعكس الكتاب اهتمام ستيوارت بإدارة الرعاية الصحية، وإيمانها بأهمية القيادة الفعالة في هذا المجال.
تأثيرها على مجال إدارة الأعمال
كان لروزماري ستيوارت تأثير كبير على مجال إدارة الأعمال، ويمكن ملاحظة ذلك في عدة جوانب:
- تطوير الممارسات الإدارية: ساهمت أبحاث ستيوارت في تطوير الممارسات الإدارية في مختلف القطاعات. من خلال فهم أفضل لكيفية عمل المديرين، يمكن للمؤسسات تصميم برامج تدريب وتطوير أكثر فعالية، وتحسين هياكلها التنظيمية، وتعزيز ثقافة الأداء.
- إلهام الباحثين والمديرين: ألهمت أعمال ستيوارت العديد من الباحثين والمديرين في جميع أنحاء العالم. شجعتهم على التفكير بشكل نقدي في طبيعة عمل المديرين، وتطوير حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهونها.
- التركيز على الواقعية: تميزت أبحاث ستيوارت بالتركيز على الواقعية، والابتعاد عن النظريات المجردة. أكدت على أهمية فهم كيفية عمل المديرين في الواقع، بدلاً من الاعتماد على الافتراضات غير المثبتة.
نموذج القيود والاختيارات والمطالب
أحد أهم المساهمات النظرية لروزماري ستيوارت هو نموذج “القيود والاختيارات والمطالب” (Constraints, Choices, and Demands). يقدم هذا النموذج إطارًا لفهم العوامل التي تؤثر على عمل المديرين وقراراتهم. يمكن شرح عناصر هذا النموذج بالتفصيل كما يلي:
- القيود (Constraints): تشير إلى العوامل التي تحد من قدرة المديرين على اتخاذ القرارات وتنفيذها. يمكن أن تشمل هذه القيود الموارد المحدودة (مثل الميزانية والموظفين)، واللوائح الحكومية، والسياسات الداخلية للمؤسسة، والقيود الزمنية، والتكنولوجيا المتاحة، وقدرات الموظفين. على سبيل المثال، قد يواجه المدير قيودًا مالية تمنعه من الاستثمار في مشاريع جديدة، أو قد يواجه قيودًا تنظيمية تجعل من الصعب عليه تغيير العمليات الحالية.
- الاختيارات (Choices): تمثل القرارات التي يتخذها المديرون بشأن كيفية تخصيص مواردهم ووقتهم وجهودهم. تشمل هذه الاختيارات تحديد الأولويات، واختيار الاستراتيجيات المناسبة، وتحديد المهام التي يجب تفويضها، وكيفية التعامل مع المشكلات. على سبيل المثال، قد يختار المدير التركيز على تطوير منتج جديد بدلاً من تحسين المنتجات الحالية، أو قد يختار تفويض بعض المهام إلى الموظفين بدلاً من القيام بها بنفسه.
- المطالب (Demands): تعكس التوقعات والضغوط التي يتعرض لها المديرون من مختلف الجهات، مثل الرؤساء، والمرؤوسين، والعملاء، والمساهمين. يمكن أن تشمل هذه المطالب تحقيق الأهداف، وتحسين الأداء، وحل المشكلات، والاستجابة لطلبات العملاء، والامتثال للوائح. على سبيل المثال، قد يُطلب من المدير زيادة الأرباح بنسبة معينة، أو تحسين رضا العملاء، أو حل نزاع بين الموظفين.
يوضح نموذج القيود والاختيارات والمطالب أن عمل المديرين هو نتيجة تفاعل معقد بين هذه العوامل الثلاثة. يجب على المديرين أن يكونوا على دراية بالقيود المفروضة عليهم، وأن يتخذوا خيارات استراتيجية بناءً على هذه القيود، وأن يستجيبوا للمطالب المفروضة عليهم من مختلف الجهات. يساعد هذا النموذج المديرين على فهم التحديات التي يواجهونها، واتخاذ قرارات أفضل، وتحسين أدائهم.
أهمية دراسة أفكار روزماري ستيوارت
لا تزال أفكار روزماري ستيوارت ذات أهمية كبيرة في العصر الحديث، لعدة أسباب:
- فهم طبيعة عمل المديرين: تساعد أبحاث ستيوارت على فهم طبيعة عمل المديرين بشكل أفضل، وكيفية قضاء وقتهم، والتحديات التي يواجهونها. هذا الفهم ضروري لتطوير برامج تدريب وتطوير أكثر فعالية للمديرين.
- تحسين الممارسات الإدارية: يمكن لأفكار ستيوارت أن تساعد المؤسسات على تحسين ممارساتها الإدارية، من خلال تصميم هياكل تنظيمية أكثر فعالية، وتعزيز ثقافة الأداء، وتطوير استراتيجيات أفضل لإدارة الموارد.
- التكيف مع التغيرات: في عالم يتغير باستمرار، تساعد أفكار ستيوارت المديرين على التكيف مع التغيرات، وتطوير مهارات جديدة، واتخاذ قرارات أفضل في ظل الظروف المتغيرة.
- التركيز على الواقعية: تؤكد أفكار ستيوارت على أهمية التركيز على الواقعية، والابتعاد عن النظريات المجردة. هذا النهج يساعد المديرين على اتخاذ قرارات أكثر استنارة، وتحقيق نتائج أفضل.
خاتمة
كانت روزماري ستيوارت شخصية بارزة في مجال إدارة الأعمال، قدمت مساهمات كبيرة في فهم طبيعة عمل المديرين وفعاليتهم. من خلال أبحاثها الدقيقة ونماذجها النظرية، ساعدت على تطوير الممارسات الإدارية في مختلف القطاعات، وألهمت العديد من الباحثين والمديرين في جميع أنحاء العالم. لا تزال أفكارها ذات أهمية كبيرة في العصر الحديث، حيث تساعد المديرين على فهم التحديات التي يواجهونها، واتخاذ قرارات أفضل، وتحقيق نتائج أفضل.