نشأته وتعليمه
ولد عبد السلام ياسين في مدينة مراكش عام 1928. تلقى تعليمه الأولي في الكتّاب، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ اللغة العربية والفقه الإسلامي. بعد ذلك، التحق بمدرسة المعلمين في مراكش، وتخرج منها عام 1947. عمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية في عدد من المدارس المغربية.
مسيرته المهنية والسياسية
بدأ عبد السلام ياسين حياته المهنية كمدرس، ثم انتقل إلى العمل في وزارة التربية الوطنية. شغل عدة مناصب إدارية في الوزارة، منها رئيس مصلحة التفتيش التربوي. خلال فترة عمله في الوزارة، اهتم بالقضايا التربوية والتعليمية، وساهم في تطوير المناهج الدراسية.
في بداية السبعينيات، انخرط عبد السلام ياسين في العمل السياسي، وانضم إلى حركة الشبيبة الإسلامية. ثم أسس جماعة “أهل القرآن”، التي دعت إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في المغرب. في عام 1981، أسس جماعة العدل والإحسان، التي تعتبر امتداداً لجماعة أهل القرآن.
تعرض عبد السلام ياسين للاعتقال والسجن عدة مرات بسبب مواقفه السياسية وانتقاداته للحكومة المغربية. قضى حوالي عشر سنوات في السجن، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية لعدة سنوات أخرى.
جماعة العدل والإحسان
تعتبر جماعة العدل والإحسان من أكبر الحركات الإسلامية في المغرب، وتتميز بنهجها السلمي في الدعوة إلى التغيير والإصلاح في المجتمع. تركز الجماعة على التربية الروحية والأخلاقية لأفرادها، وتعتبر أن الإصلاح يبدأ من الفرد والمجتمع.
تتبنى الجماعة فكراً إسلامياً شاملاً يجمع بين الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، والدفاع عن حقوق الإنسان، والاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية. تدعو الجماعة إلى إقامة دولة إسلامية عادلة تحترم حقوق جميع المواطنين، وتضمن لهم الحرية والكرامة.
تعتمد الجماعة على العمل التربوي والتوعوي في نشر أفكارها، وتنظم العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والاجتماعية. كما تهتم بالتواصل مع مختلف شرائح المجتمع، وتسعى إلى بناء علاقات تعاون مع القوى السياسية والاجتماعية الأخرى.
- الرؤية: بناء مجتمع إسلامي عادل ومزدهر.
- الرسالة: الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والعمل على تربية الأفراد وتوعية المجتمع.
- القيم: العدل، الإحسان، الحرية، الكرامة، المساواة، التسامح.
فكره
يعتبر عبد السلام ياسين من المفكرين الإسلاميين البارزين في العصر الحديث. يتميز فكره بالشمولية والعمق، ويتناول مختلف جوانب الحياة الإنسانية. يركز ياسين في فكره على أهمية التربية الروحية والأخلاقية في بناء الفرد والمجتمع، ويعتبر أن الإصلاح يبدأ من الداخل.
ينتقد ياسين النظام العالمي القائم، ويرى أنه نظام ظالم وغير عادل، ويدعو إلى إقامة نظام عالمي جديد يقوم على العدل والمساواة والتعاون بين الشعوب. كما ينتقد الأنظمة السياسية القائمة في العالم الإسلامي، ويرى أنها أنظمة فاسدة ومستبدة، ويدعو إلى إقامة أنظمة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.
من أهم مؤلفات عبد السلام ياسين كتاب “الإسلام بين الدعوة والدولة”، الذي يعتبر من أهم الكتب في الفكر الإسلامي المعاصر. يتناول الكتاب العلاقة بين الدين والدولة، ويدعو إلى إقامة دولة إسلامية عادلة تحترم حقوق جميع المواطنين.
تشمل أبرز أفكاره:
- التربية الروحية: يعتبرها أساس الإصلاح الفردي والمجتمعي.
- العدل والإحسان: يعتبرهما أساس الحكم الرشيد.
- الديمقراطية الشورية: يدعو إلى نظام حكم يستند إلى الشورى والمشاركة الشعبية.
- الاقتصاد الإسلامي: يدعو إلى نظام اقتصادي يقوم على العدل والتكافل الاجتماعي.
- الوحدة الإسلامية: يدعو إلى توحيد جهود المسلمين في مواجهة التحديات.
مؤلفاته
ترك عبد السلام ياسين رصيداً كبيراً من المؤلفات التي تتناول مختلف القضايا الإسلامية والاجتماعية والسياسية. من أبرز مؤلفاته:
- الإسلام بين الدعوة والدولة: يعتبر من أهم الكتب في الفكر الإسلامي المعاصر.
- العدل: الإسلاميون والحكم: يتناول قضية الحكم في الإسلام.
- حوار مع الفضلاء الديمقراطيين: يعرض فيه رؤيته للديمقراطية.
- المنهاج النبوي: تربية وتنظيماً وزحفاً: يشرح فيه منهج الجماعة في التربية والتنظيم.
- تنوير المؤمنات: يتوجه فيه إلى المرأة المسلمة.
وفاته
توفي عبد السلام ياسين في 13 ديسمبر 2012، عن عمر يناهز 84 عاماً. وقد خلف وراءه إرثاً فكرياً وسياسياً كبيراً، وجماعة تعتبر من أكبر الحركات الإسلامية في المغرب.
خاتمة
عبد السلام ياسين شخصية إسلامية مغربية بارزة، أسس وقاد جماعة العدل والإحسان. تميز بنهجه السلمي في الدعوة إلى التغيير والإصلاح، وركز على التربية الروحية والأخلاقية لأفراد جماعته. ترك إرثاً فكرياً وسياسياً كبيراً، وتعتبر جماعته من أكبر الحركات الإسلامية في المغرب.