<![CDATA[
نشأة كريشنا وحمايته
ولد كريشنا في فترة اضطرابات سياسية واجتماعية، حيث كان عمه كامسا يحكم مملكة ماثورا بقسوة وظلم. تنبأ كامسا بأنه سيقتل على يد الابن الثامن لديفاكي، لذلك سجن ديفاكي وزوجها فاسوديفا، وقتل أبناءهما الستة الأوائل. لحماية كريشنا، قام فاسوديفا بتهريبه سرًا إلى قرية غوكولا عبر نهر يامونا، حيث تبادله مع ابنة يشودا وناندا، وهما زوجان من رعاة البقر. نشأ كريشنا في غوكولا تحت رعاية يشودا وناندا، وترعرع في بيئة طبيعية بسيطة ومحبة.
قضى كريشنا طفولته وشبابه في غوكولا، حيث عُرف بألعابه ومغامراته، وبقوته وشجاعته. كان محبوبًا من الجميع، وكان يتمتع بشعبية كبيرة بين فتيات القرية، المعروفات باسم “غوبيس”. خلال هذه الفترة، قام كريشنا بالعديد من الأعمال البطولية، مثل قتل الشياطين الذين أرسلهم كامسا لقتله، وحماية أهل غوكولا من الأخطار الطبيعية.
عودة كريشنا إلى ماثورا وقتل كامسا
عندما بلغ كريشنا سن المراهقة، عاد إلى ماثورا مع أخيه الأكبر بالاراما، وهناك تحدى كامسا في مباراة مصارعة. بعد معركة شرسة، تمكن كريشنا من قتل كامسا، وتحرير ماثورا من حكمه الظالم. بعد ذلك، أعاد كريشنا أوجراسينا، والد كامسا، إلى العرش، وأصبح أميرًا لماثورا.
دور كريشنا في الماها بهاراتا
لعب كريشنا دورًا محوريًا في أحداث الماها بهاراتا، حيث كان صديقًا ومستشارًا مقربًا للأخوة باندافا. كان كريشنا يمثل الحكمة والعدالة، وكان يسعى دائمًا لحماية الحق وإقامة العدل. قبل حرب كوروكشيترا، حاول كريشنا التفاوض بين الأخوة باندافا وأبناء عمومتهم الكورافا، لمنع الحرب، لكن جهوده باءت بالفشل بسبب عناد الكورافا ورغبتهم في الاستيلاء على السلطة.
خلال حرب كوروكشيترا، أصبح كريشنا سائق عربة أرجونا، أحد أعظم محاربي الباندافا. رفض كريشنا حمل السلاح في الحرب، لكنه وعد بتقديم الدعم للطرف الذي يختاره. اختار أرجونا كريشنا كسائق لعربته، لأنه كان يثق بحكمته وعدالته. قبل بدء الحرب، انتاب أرجونا شك وتردد في قتال أقاربه وأصدقائه، فقام كريشنا بتلقينه “البهاغافاد غيتا”، وهي مجموعة من التعاليم الفلسفية العميقة التي تتناول طبيعة الواقع، والواجب، والخلاص.
البهاغافاد غيتا هي جزء أساسي من الماها بهاراتا، وتعتبر من أهم النصوص المقدسة في الهندوسية. في البهاغافاد غيتا، يوضح كريشنا لأرجونا أهمية أداء واجبه دون تعلق بالنتائج، وضرورة التغلب على الجهل والوهم لتحقيق الخلاص. يشرح كريشنا لأرجونا طبيعة الكارما، والدورات اللانهائية للولادة والموت، وأهمية التفاني والإخلاص لله لتحقيق التحرر.
حرب كوروكشيترا وانتصار الحق
خلال حرب كوروكشيترا، قدم كريشنا استراتيجيات وتكتيكات حاسمة للباندافا، مما ساعدهم على تحقيق النصر على الكورافا. استخدم كريشنا حكمته وقوته الإلهية لحماية الباندافا من الأخطار، وتغيير مسار الحرب لصالحهم. على سبيل المثال، في أحد المواقف الحرجة، استخدم كريشنا قوته الإلهية لخلق كسوف شمسي مؤقت، مما أدى إلى خداع محارب الكورافا العظيم بهيشما، وتمكن أرجونا من قتله.
بعد انتهاء حرب كوروكشيترا، أصبح كريشنا ملكًا لدواركا، وهي مدينة ساحلية مزدهرة. استمر كريشنا في تقديم النصح والإرشاد للباندافا، وساعدهم على حكم مملكتهم بالعدل والحكمة. عاش كريشنا حياة طويلة ومزدهرة، وأصبح رمزًا للحكمة والعدالة والقوة الإلهية في الثقافة الهندية.
تعاليم كريشنا وأهميتها
تعتبر تعاليم كريشنا في الماها بهاراتا، وخاصة في البهاغافاد غيتا، ذات أهمية كبيرة في الفلسفة الهندوسية. تشمل بعض تعاليمه الرئيسية:
- الكارما: قانون السبب والنتيجة، حيث أن كل فعل له نتيجة، سواء كانت جيدة أو سيئة.
- الدارما: الواجب أو القانون الأخلاقي الذي يجب على كل فرد اتباعه في حياته.
- الموكشا: التحرر من دورة الولادة والموت، وتحقيق الخلاص.
- البهاكتي: التفاني والإخلاص لله، وهو طريق لتحقيق الخلاص.
تؤكد تعاليم كريشنا على أهمية أداء الواجب بإخلاص، والتغلب على الأنانية والتعلق بالنتائج، والسعي لتحقيق المعرفة الروحية. تعتبر هذه التعاليم ذات صلة بحياة الناس في جميع العصور، وتوفر إرشادات قيمة لتحقيق السعادة والسلام الداخلي.
كريشنا في الثقافة الهندية
كريشنا هو شخصية محبوبة وموقرة في الثقافة الهندية، ويعتبر تجسيدًا للإله فيشنو. يُعبد كريشنا في جميع أنحاء الهند، وهناك العديد من المعابد والمزارات المخصصة له. تُقام العديد من المهرجانات والاحتفالات تكريمًا لكريشنا، مثل مهرجان “جانماشتامي”، الذي يحتفل بميلاد كريشنا، ومهرجان “هولي”، الذي يحتفل بألوان الربيع وفرح الحياة.
تُلهم قصص كريشنا وأساطيره الفنانين والكتاب والموسيقيين في جميع أنحاء العالم. هناك العديد من الأعمال الفنية والأدبية والموسيقية التي تصور حياة كريشنا وتعاليمه. تعتبر شخصية كريشنا مصدر إلهام للأجيال، وتجسد قيمًا نبيلة مثل الحب والرحمة والعدالة والحكمة.
خاتمة
كريشنا في الماها بهاراتا هو شخصية معقدة ومتعددة الأوجه، فهو إله ومحارب وصديق ومستشار. يلعب دورًا حاسمًا في الملحمة، ويقدم تعاليم قيمة حول الحياة والروحانية. تظل شخصية كريشنا مصدر إلهام للناس في جميع أنحاء العالم، وتجسد قيمًا نبيلة مثل العدالة والحكمة والحب.