<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد يهودا د. نيفو في عام 1932، وتلقى تعليمه الأولي في إسرائيل. منذ صغره، أبدى اهتمامًا كبيرًا بالتاريخ والآثار، وهو ما دفعه إلى الالتحاق بالجامعة لدراسة علم الآثار. تفوق في دراسته وحصل على درجات علمية متقدمة، مما أهله للعمل في مجال البحث والتنقيب الأثري.
مسيرته المهنية
بدأ نيفو مسيرته المهنية كعالم آثار ميداني، حيث شارك في العديد من الحفريات والتنقيبات في مواقع مختلفة في إسرائيل والمنطقة المحيطة. اكتسب خبرة واسعة في مجال التنقيب، وتوثيق الآثار، وتحليل البيانات الأثرية. عمل في العديد من المؤسسات الأثرية المرموقة، وساهم في الكشف عن العديد من الاكتشافات الهامة.
من أبرز مساهمات نيفو تطويره لمنهجية جديدة في التنقيب الأثري تعتمد على التحليل الشامل للبيانات الأثرية والسياقية، بالإضافة إلى التركيز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للحياة في العصور القديمة. كان يعتقد أن الآثار ليست مجرد قطع أثرية، بل هي شهود صامتون على حياة الناس وثقافتهم.
أهم أعماله وإسهاماته
تعتبر أعمال نيفو مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بتاريخ الشرق الأوسط. من بين أهم أعماله:
- كتاب “عبدة والرب”: وهو كتاب مثير للجدل يقدم تفسيرًا جديدًا لتاريخ الفترة الأموية في فلسطين، استنادًا إلى الأدلة الأثرية والنقوش. يرى نيفو أن الفترة الأموية كانت فترة ازدهار وتسامح ديني، وأن التحول إلى الإسلام كان تدريجيًا وسلميًا.
- التنقيبات في موقع عبدة: قام نيفو بتنقيبات واسعة في موقع عبدة في النقب، وكشف عن العديد من الاكتشافات الهامة التي ساهمت في فهمنا لتاريخ المنطقة في العصور القديمة والإسلامية المبكرة.
- مقالات وأبحاث علمية: نشر نيفو العديد من المقالات والأبحاث العلمية في دوريات علمية مرموقة، تناول فيها مواضيع مختلفة تتعلق بتاريخ وآثار الشرق الأوسط.
آراؤه المثيرة للجدل
تميز نيفو بآرائه الجريئة التي تتحدى المفاهيم التقليدية في علم الآثار والتاريخ. كان يعتقد أن العديد من الروايات التاريخية التقليدية تعتمد على مصادر متحيزة وغير دقيقة، وأن الأدلة الأثرية يمكن أن تقدم صورة مختلفة وأكثر دقة للماضي.
من بين الآراء المثيرة للجدل التي طرحها نيفو:
- الطعن في صحة بعض الروايات التوراتية: كان نيفو يرى أن بعض الروايات التوراتية لا تتفق مع الأدلة الأثرية، وأنها تعكس وجهة نظر دينية وسياسية معينة.
- تفسيره للفترة الأموية: قدم نيفو تفسيرًا جديدًا للفترة الأموية في فلسطين، يختلف عن التفسيرات التقليدية التي تصورها على أنها فترة اضطهاد ديني.
- انتقاده للمنهجيات التقليدية في علم الآثار: كان نيفو ينتقد المنهجيات التقليدية في علم الآثار، ويدعو إلى تطوير منهجيات جديدة تعتمد على التحليل الشامل للبيانات الأثرية والسياقية.
أثارت آراء نيفو جدلاً واسعًا في الأوساط الأكاديمية، وتعرض لانتقادات شديدة من بعض الباحثين الذين اعتبروا أن آراءه متطرفة وغير مدعومة بالأدلة الكافية. ومع ذلك، فقد حظي أيضًا بتقدير واحترام العديد من الباحثين الذين اعتبروا أن آراءه تثير التفكير وتشجع على إعادة النظر في المفاهيم التقليدية.
تأثيره على علم الآثار
على الرغم من الجدل الذي أثارته آراؤه، فقد كان لنيفو تأثير كبير على علم الآثار في الشرق الأوسط. ساهم في تطوير منهجيات جديدة في التنقيب والتحليل الأثري، وشجع الباحثين على التفكير بشكل نقدي في الروايات التاريخية التقليدية. ألهم العديد من الطلاب والباحثين الشباب لمتابعة دراسة علم الآثار، وتقديم مساهمات جديدة في هذا المجال.
لا يزال عمل نيفو يثير الاهتمام والجدل حتى اليوم. يعتبر مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بتاريخ الشرق الأوسط، وتستمر آراؤه في إلهام النقاشات والمناظرات في الأوساط الأكاديمية.
وفاته
توفي يهودا د. نيفو في 12 فبراير 1992، بعد صراع طويل مع المرض. ترك وراءه إرثًا علميًا غنيًا، ومجموعة كبيرة من الأعمال والمنشورات التي لا تزال مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بتاريخ الشرق الأوسط.
خاتمة
كان يهودا د. نيفو عالم آثار بارزًا، ومفكرًا جريئًا، وشخصية مثيرة للجدل. ساهم في تطوير علم الآثار في الشرق الأوسط، وشجع الباحثين على التفكير بشكل نقدي في الروايات التاريخية التقليدية. على الرغم من الجدل الذي أثارته آراؤه، فقد كان له تأثير كبير على فهمنا لتاريخ المنطقة، وسيظل إرثه العلمي يلهم الباحثين والأجيال القادمة.