<![CDATA[
خلفية تاريخية
في منتصف الثلاثينيات، كانت الولايات المتحدة تعاني من تبعات الكساد الكبير. ارتفعت معدلات البطالة، وانخفض الإنتاج الصناعي، وتضاءلت الثروة بشكل عام. سعت إدارة الرئيس فرانكلين روزفلت إلى تنفيذ سياسات “الصفقة الجديدة” لمعالجة هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. كان قانون الإيرادات لعام 1935 جزءًا من هذه الجهود الأوسع نطاقًا لتمويل برامج الإغاثة والتعافي، وإعادة توزيع الثروة.
أهداف القانون
كان الهدف الرئيسي لقانون الإيرادات لعام 1935 هو زيادة الإيرادات الفيدرالية من خلال فرض ضرائب أعلى على الدخول المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، سعى القانون إلى تحقيق الأهداف التالية:
- تمويل برامج الصفقة الجديدة: كانت برامج الصفقة الجديدة تتطلب تمويلًا كبيرًا لتوفير الإغاثة للعاطلين عن العمل، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز النمو الاقتصادي.
- إعادة توزيع الثروة: كان القانون يهدف إلى تقليل التفاوت في الدخل والثروة من خلال فرض ضرائب أعلى على الأثرياء، واستخدام هذه الإيرادات لتمويل البرامج الاجتماعية.
- تحفيز الاقتصاد: من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، كان من المتوقع أن يحفز القانون الطلب الكلي، ويعزز النمو الاقتصادي.
أبرز أحكام القانون
تضمن قانون الإيرادات لعام 1935 عددًا من الأحكام الرئيسية التي أثرت على الضرائب الفيدرالية. وتشمل هذه الأحكام:
- زيادة معدلات ضريبة الدخل: رفع القانون معدلات ضريبة الدخل على أصحاب الدخول المرتفعة. على سبيل المثال، تم رفع أعلى معدل ضريبي إلى 79٪ على الدخل الذي يتجاوز 5 ملايين دولار.
- ضريبة الشركات: زاد القانون أيضًا من ضريبة الشركات.
- ضريبة الميراث: تم تعديل ضريبة الميراث لتشديد الأحكام المتعلقة بالتهرب الضريبي.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
كان لقانون الإيرادات لعام 1935 آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة. من بين هذه الآثار:
- زيادة الإيرادات الفيدرالية: ساهم القانون في زيادة الإيرادات الفيدرالية، مما سمح للحكومة بتمويل برامج الصفقة الجديدة.
- تأثير على توزيع الدخل: ساهم القانون في إعادة توزيع الدخل من الأثرياء إلى الفقراء، مما قد يكون له تأثير إيجابي على المساواة الاجتماعية.
- جدل حول التأثير على النمو الاقتصادي: أثار القانون جدلاً حول تأثيره على النمو الاقتصادي. جادل البعض بأنه قد يثبط الاستثمار والابتكار، بينما جادل آخرون بأنه يمكن أن يحفز النمو من خلال زيادة الطلب الكلي.
ردود الفعل والانتقادات
أثار قانون الإيرادات لعام 1935 ردود فعل متباينة. دعمه العديد من الديمقراطيين والنقابيين الذين رأوا فيه وسيلة لتمويل البرامج الاجتماعية، وإعادة توزيع الثروة. ومع ذلك، انتقده العديد من الجمهوريين ورجال الأعمال الذين رأوا فيه تدخلًا حكوميًا مفرطًا في الاقتصاد، وعائقًا أمام النمو الاقتصادي.
جادل منتقدو القانون بأنه:
- يثبط الاستثمار: يمكن أن تثبط الضرائب المرتفعة الاستثمار من خلال تقليل العائد على الاستثمار.
- يقلل من الابتكار: يمكن أن تقلل الضرائب المرتفعة من الحوافز للابتكار وريادة الأعمال.
- يؤدي إلى التهرب الضريبي: يمكن أن تدفع الضرائب المرتفعة الأفراد والشركات إلى البحث عن طرق للتهرب من الضرائب، مما يقلل من الإيرادات الحكومية.
تأثير طويل الأمد
على الرغم من الجدل الذي أثاره، كان لقانون الإيرادات لعام 1935 تأثير طويل الأمد على النظام الضريبي الأمريكي. لقد وضع القانون سابقة لفرض ضرائب تصاعدية على الدخول المرتفعة، واستخدام الإيرادات لتمويل البرامج الاجتماعية. كما ساهم في تشكيل النقاش حول دور الحكومة في الاقتصاد، وتوزيع الثروة.
يمكن رؤية تأثير قانون الإيرادات لعام 1935 في تطور النظام الضريبي الأمريكي اللاحق. على سبيل المثال، استمرت الولايات المتحدة في فرض ضرائب تصاعدية على الدخول المرتفعة، واستخدمت الإيرادات لتمويل مجموعة واسعة من البرامج الاجتماعية، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
مقارنة مع قوانين ضريبية لاحقة
من المهم مقارنة قانون الإيرادات لعام 1935 بقوانين ضريبية لاحقة لفهم تطور السياسة الضريبية في الولايات المتحدة بشكل كامل. على سبيل المثال:
- قانون الإيرادات لعام 1942: خلال الحرب العالمية الثانية، وسّع هذا القانون بشكل كبير قاعدة ضريبة الدخل، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الإيرادات الفيدرالية لتمويل المجهود الحربي.
- قانون الإصلاح الضريبي لعام 1986: قام هذا القانون بتبسيط قانون الضرائب وتقليل معدلات الضرائب، مع إلغاء العديد من الإعفاءات والخصومات.
- قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017: خفّض هذا القانون معدلات ضريبة الشركات والدخل الشخصي بشكل كبير، مع آثار متفاوتة على مختلف شرائح الدخل.
تُظهر هذه القوانين كيف تتغير السياسة الضريبية استجابةً للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. بينما ركز قانون الإيرادات لعام 1935 على زيادة الإيرادات من الأثرياء لتمويل برامج الصفقة الجديدة، ركزت القوانين اللاحقة على أهداف مختلفة، مثل تحفيز النمو الاقتصادي أو تبسيط قانون الضرائب.
الدروس المستفادة
يقدم قانون الإيرادات لعام 1935 العديد من الدروس القيمة حول السياسة الضريبية. من بين هذه الدروس:
- الضرائب يمكن أن تكون أداة قوية لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية: يمكن استخدام الضرائب لزيادة الإيرادات، وإعادة توزيع الثروة، وتحفيز الاقتصاد.
- هناك دائمًا مقايضة بين الضرائب المرتفعة والنمو الاقتصادي: يمكن أن تثبط الضرائب المرتفعة الاستثمار والابتكار، ولكنها يمكن أن توفر أيضًا التمويل اللازم للبرامج الاجتماعية والبنية التحتية.
- السياسة الضريبية هي عملية مستمرة: يجب على الحكومات تعديل سياساتها الضريبية باستمرار استجابةً للظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة.
خاتمة
كان قانون الإيرادات لعام 1935 بمثابة علامة فارقة في تاريخ الضرائب الأمريكية. لقد أظهر القانون كيف يمكن للضرائب أن تكون أداة قوية لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية، ولكنه أثار أيضًا جدلاً حول العلاقة بين الضرائب المرتفعة والنمو الاقتصادي. لا يزال القانون يثير نقاشات حول السياسة الضريبية حتى يومنا هذا.