نشأته وتعليمه
ولد ريتشارد كينغ ميلون في بيتسبرغ، بنسلفانيا، لعائلة ميلون العريقة، التي أسست إمبراطورية مالية واسعة. كان والده، ريتشارد بي. ميلون، مصرفيًا وصناعيًا بارزًا، بينما كانت والدته، جيني كينغ ميلون، تنتمي إلى عائلة بارزة أخرى في بيتسبرغ. نشأ ريتشارد في بيئة محفزة شجعته على التفوق الأكاديمي والانخراط في الأنشطة المجتمعية.
تلقى تعليمه في مدرسة شوفسبري، وهي مدرسة داخلية مرموقة في ماساتشوستس، حيث أظهر تفوقًا في دراسته وشارك في الأنشطة اللامنهجية. بعد تخرجه من شوفسبري، التحق بجامعة برينستون، لكنه ترك الدراسة في عام 1917 للانضمام إلى الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الأولى. خدم بشجاعة في فرنسا وحصل على وسام القلب الأرجواني لخدمته المتميزة.
مسيرته المهنية
بعد انتهاء الحرب، عاد ميلون إلى بيتسبرغ وانضم إلى بنك ميلون الوطني، الذي أسسه جده. صعد بسرعة في الرتب وأصبح رئيسًا للبنك في عام 1934. تحت قيادته، نما بنك ميلون ليصبح واحدًا من أكبر البنوك في الولايات المتحدة، ولعب دورًا حاسمًا في تمويل التنمية الاقتصادية للمنطقة.
بالإضافة إلى عمله في بنك ميلون، شارك ميلون في العديد من المشاريع التجارية الأخرى. كان رئيسًا لشركة Gulf Oil Corporation، وهي شركة نفطية كبرى، وقادها خلال فترة من النمو والتوسع الكبيرين. كما كان له دور فعال في تطوير العديد من المشاريع العقارية في بيتسبرغ، بما في ذلك Gateway Center، وهو مجمع مكاتب تجاري كبير ساهم في تجديد وسط المدينة.
خلال الحرب العالمية الثانية، استأنف ميلون خدمته العسكرية، حيث شغل منصب جنرال في الجيش الأمريكي. لعب دورًا مهمًا في التخطيط للحملات العسكرية في أوروبا، وحصل على العديد من الأوسمة لخدمته المتميزة.
إسهاماته في تجديد بيتسبرغ
يُعرف ريتشارد كينغ ميلون على نطاق واسع بأنه القوة الدافعة وراء تجديد مدينة بيتسبرغ بعد الحرب العالمية الثانية. في ذلك الوقت، كانت بيتسبرغ مدينة صناعية ملوثة تعاني من تدهور البنية التحتية والتلوث البيئي. أدرك ميلون الحاجة إلى تحويل المدينة إلى مركز اقتصادي وثقافي حديث، وتعهد بتخصيص موارد كبيرة لتحقيق هذا الهدف.
قاد ميلون الجهود المبذولة لتنظيف تلوث الهواء والمياه في بيتسبرغ، ودعم تطوير مشاريع الإسكان الجديدة، وقام بتحسين البنية التحتية للنقل في المدينة. كما كان له دور فعال في جذب الشركات الجديدة إلى بيتسبرغ وتنويع اقتصادها.
تضمنت بعض أبرز إنجازات ميلون في تجديد بيتسبرغ:
- مشروع Gateway Center: كان هذا المشروع عبارة عن مجمع مكاتب تجاري كبير تم بناؤه على موقع مستودع للسكك الحديدية مهجور. ساهم Gateway Center في تجديد وسط المدينة وأصبح رمزًا لنهضة بيتسبرغ.
- نهر أليغيني: قاد ميلون الجهود المبذولة لتنظيف نهر أليغيني، الذي كان ملوثًا بشدة بالنفايات الصناعية. أدت هذه الجهود إلى تحسين نوعية المياه في النهر وجعلته أكثر جاذبية للاستخدام الترفيهي.
- حديقة بوينت ستيت: تقع هذه الحديقة في النقطة التي يلتقي فيها نهرا أليغيني ومونونغاهيلا لتشكيل نهر أوهايو. ساهم ميلون في تطوير الحديقة وأصبحت وجهة شهيرة للسياح والسكان المحليين على حد سواء.
العمل الخيري
كان ريتشارد كينغ ميلون فاعل خير سخيًا طوال حياته. قدم تبرعات كبيرة للعديد من المؤسسات الخيرية، بما في ذلك الجامعات والمستشفيات والمتاحف. كان مهتمًا بشكل خاص بدعم التعليم والحفاظ على البيئة.
أسس ميلون مؤسسة ريتشارد كينغ ميلون، وهي مؤسسة خيرية تهدف إلى تحسين نوعية الحياة في غرب ولاية بنسلفانيا. قدمت المؤسسة منحًا للعديد من المنظمات غير الربحية التي تعمل في مجالات مثل التعليم والفنون والبيئة.
تشمل بعض أبرز مساهمات ميلون الخيرية:
- جامعة كارنيجي ميلون: قدم ميلون تبرعات كبيرة لجامعة كارنيجي ميلون، وهي جامعة بحثية رائدة في بيتسبرغ. ساهمت هذه التبرعات في تطوير برامج الجامعة في مجالات مثل الهندسة والعلوم والتكنولوجيا.
- مستشفى الأطفال في بيتسبرغ: قدم ميلون تبرعات كبيرة لمستشفى الأطفال في بيتسبرغ، وهو مستشفى رائد للأطفال. ساهمت هذه التبرعات في تحسين الرعاية الصحية للأطفال في المنطقة.
- مؤسسة الحفاظ على الطبيعة: قدم ميلون تبرعات كبيرة لمؤسسة الحفاظ على الطبيعة، وهي منظمة غير ربحية تعمل على حماية الأراضي والمياه في جميع أنحاء العالم. ساهمت هذه التبرعات في الحفاظ على البيئة الطبيعية في غرب ولاية بنسلفانيا وخارجها.
إرثه
توفي ريتشارد كينغ ميلون في 3 يونيو 1970، عن عمر يناهز 70 عامًا. ترك وراءه إرثًا دائمًا كممول رؤيوي، وقائد عسكري مخلص، ومحسن سخي. سيظل يُذكر لمساهماته في تجديد مدينة بيتسبرغ ودعمه للتعليم والحفاظ على البيئة.
يستمر إرث ميلون في التأثير على مدينة بيتسبرغ والمجتمع الأوسع. تعتبر مؤسسة ريتشارد كينغ ميلون من بين أكبر المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة، وتواصل دعم المنظمات غير الربحية التي تعمل على تحسين نوعية الحياة في غرب ولاية بنسلفانيا. تظل مدينة بيتسبرغ شهادة حية على رؤيته وجهوده الدؤوبة لتحويلها إلى مركز اقتصادي وثقافي مزدهر.
حياته الشخصية
تزوج ريتشارد كينغ ميلون من كونيلا مايرز عام 1935، وأنجبا أربعة أطفال: ريتشارد كينغ ميلون الابن، وسيويل مايرز ميلون، وتيموثي ميلون، وأناليزا ميلون. كان ميلون رجلاً متواضعًا ومحبًا لعائلته، وكان يقضي وقتًا ممتعًا معهم في مزرعته في مقاطعة ويستمورلاند، بنسلفانيا.
كان ميلون أيضًا من عشاق الهواء الطلق، وكان يستمتع بالصيد وصيد الأسماك. كان مؤمنًا قويًا بأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية، وقدم تبرعات كبيرة للمنظمات التي تعمل على حماية الأراضي والمياه.
الجوائز والتكريمات
حصل ريتشارد كينغ ميلون على العديد من الجوائز والتكريمات طوال حياته، بما في ذلك:
- وسام القلب الأرجواني لخدمته المتميزة في الحرب العالمية الأولى.
- وسام الخدمة المتميزة لخدمته المتميزة في الحرب العالمية الثانية.
- الدكتوراه الفخرية من جامعة بيتسبرغ.
- جائزة بيتسبرغ من غرفة التجارة الكبرى في بيتسبرغ.
خاتمة
كان ريتشارد كينغ ميلون شخصية بارزة في التاريخ الأمريكي. بصفته ممولًا وجنرالًا ومحسنًا، ترك بصمة لا تُمحى على المجتمع. كان له دور فعال في تحويل مدينة بيتسبرغ من مدينة صناعية ملوثة إلى مركز اقتصادي وثقافي مزدهر، ودعم التعليم والحفاظ على البيئة من خلال عمله الخيري السخي. سيظل يُذكر لمساهماته في تحسين نوعية الحياة في غرب ولاية بنسلفانيا وخارجها.