مقدمة
طريق بنسلفانيا المهجور، أو “الطريق الدائري المهجور في بنسلفانيا” كما يُعرف أحيانًا، هو جزء من طريق بنسلفانيا السريع (Pennsylvania Turnpike) تم تجاوزه في عام 1968. يمتد هذا الجزء المهجور لمسافة 13 ميلاً (21 كيلومترًا) تقريبًا عبر مقاطعتي بيدفورد وفولتون في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. كان هذا الطريق السريع، الذي افتتح في عام 1940، يعتبر تحفة هندسية في عصره، حيث حول طريقًا للسكك الحديدية غير مكتمل يعود إلى القرن التاسع عشر إلى طريق سريع حديث.
بمرور الوقت، ومع تزايد حركة المرور وتطور معايير السلامة، أصبح هذا الجزء من الطريق السريع قديمًا وغير كافٍ. تم اتخاذ قرار بإعادة توجيه حركة المرور عبر مسار جديد يتضمن نفقين جديدين لتجنب المنحنيات الحادة والانحدارات الشديدة التي كانت تميز الطريق الأصلي. منذ ذلك الحين، تم التخلي عن هذا الجزء، وتحول إلى وجهة فريدة للمغامرين والمستكشفين والمصورين على حد سواء.
تاريخ طريق بنسلفانيا السريع
يعود تاريخ طريق بنسلفانيا السريع إلى مشروع طموح في ثمانينيات القرن التاسع عشر لبناء خط سكة حديد يربط فيلادلفيا وبيتسبرغ. كان من المفترض أن يمر هذا الخط عبر جبال ألغيني، ولكن المشروع واجه صعوبات مالية وتوقف العمل عليه في نهاية المطاف. تُركت الأنفاق والجسور غير مكتملة، لتظل شاهدة على طموحات لم تتحقق.
في ثلاثينيات القرن العشرين، وخلال فترة الكساد الكبير، بدأت ولاية بنسلفانيا في البحث عن طرق لتحسين البنية التحتية وخلق فرص عمل. تم إحياء فكرة استخدام مسار السكك الحديدية المهجور كأساس لطريق سريع جديد. تم الحصول على تمويل من إدارة الأشغال العامة الفيدرالية (Public Works Administration) وبدأ العمل على تحويل مسار السكك الحديدية إلى طريق سريع حديث.
افتتح طريق بنسلفانيا السريع في 1 أكتوبر 1940، وكان يعتبر أول طريق سريع طويل المسافة في الولايات المتحدة. سرعان ما أصبح نموذجًا للطرق السريعة الأخرى في جميع أنحاء البلاد. ومع ذلك، مع مرور الوقت، أصبحت بعض أجزاء الطريق السريع قديمة وغير كافية لاستيعاب حركة المرور المتزايدة.
تجاوز الجزء المهجور
في ستينيات القرن العشرين، أدركت هيئة بنسلفانيا تيرنبايك (Pennsylvania Turnpike Commission) أن الجزء الواقع بين نفقي رايال هيل وسيدار هيل (Rays Hill and Sideling Hill Tunnels) أصبح بحاجة إلى تحديث. كانت المنحنيات الحادة والانحدارات الشديدة في هذا الجزء تشكل خطرًا على السلامة، كما أن زيادة حركة المرور أدت إلى ازدحام متزايد.
تم اتخاذ قرار ببناء مسار جديد يتضمن نفقين جديدين، وهما نفق كوفيرت (Cove Tunnel) ونفق تايغرت فالي (Tuscarora Tunnel)، لتجاوز الجزء القديم. تم افتتاح المسار الجديد في عام 1968، وتم التخلي عن الجزء القديم من الطريق السريع، بما في ذلك نفقا رايال هيل وسيدار هيل.
منذ ذلك الحين، أصبح الجزء المهجور من الطريق السريع يُعرف باسم “طريق بنسلفانيا المهجور”. على الرغم من أنه لم يعد مستخدمًا لحركة المرور، إلا أنه تحول إلى وجهة فريدة للمستكشفين والمغامرين. يمكن للزوار المشي أو ركوب الدراجات على طول الطريق القديم، واستكشاف الأنفاق المهجورة، والتعرف على تاريخ هذا الجزء المنسي من ولاية بنسلفانيا.
استكشاف طريق بنسلفانيا المهجور
يُعد استكشاف طريق بنسلفانيا المهجور تجربة فريدة من نوعها. يمكن للزوار المشي أو ركوب الدراجات على طول الطريق القديم، واستكشاف الأنفاق المهجورة، والتعرف على تاريخ هذا الجزء المنسي من ولاية بنسلفانيا. يجب على الزوار أن يكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة، بما في ذلك الأنقاض المتساقطة والحيوانات البرية والظروف الجوية غير المتوقعة.
- نفق رايال هيل: يبلغ طول هذا النفق حوالي 3532 قدمًا (1077 مترًا) وهو أحد أبرز المعالم على طول الطريق المهجور. يتميز النفق بظلامه الدامس ورطوبته العالية، مما يجعله تجربة مثيرة للاهتمام.
- نفق سيدار هيل: يبلغ طول هذا النفق حوالي 6782 قدمًا (2067 مترًا) وهو أطول نفق على طول الطريق المهجور. يُعرف النفق بصدى صوته المميز ورائحته الكبريتية.
- الطريق نفسه: يوفر الطريق المهجور فرصة فريدة للمشي أو ركوب الدراجات في بيئة هادئة ومنعزلة. يمكن للزوار الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والتعرف على تاريخ الطريق السريع.
من المهم ملاحظة أن استكشاف طريق بنسلفانيا المهجور قد يكون خطيرًا. يجب على الزوار اتخاذ الاحتياطات اللازمة، بما في ذلك ارتداء أحذية متينة وإحضار مصباح يدوي وشرب الكثير من الماء. من المستحسن أيضًا استكشاف الطريق مع مجموعة من الأشخاص وعدم المغامرة بمفردك.
الجدل حول إعادة استخدام الطريق
على مر السنين، كانت هناك مناقشات حول إمكانية إعادة استخدام طريق بنسلفانيا المهجور. اقترحت بعض المقترحات تحويل الطريق إلى مسار للدراجات أو متنزه. ومع ذلك، واجهت هذه المقترحات تحديات مالية ولوجستية كبيرة.
تعتبر تكلفة ترميم الطريق والأنفاق باهظة، كما أن هناك مخاوف بشأن السلامة والمسؤولية. ومع ذلك، يرى البعض أن إعادة استخدام الطريق المهجور يمكن أن يكون له فوائد اقتصادية وسياحية كبيرة للمنطقة.
في الوقت الحالي، لا يزال طريق بنسلفانيا المهجور مفتوحًا للجمهور للاستكشاف، ولكن لا توجد خطط ملموسة لإعادة تطويره. يبقى أن نرى ما إذا كان سيتم العثور على حل مستدام يسمح بإعادة استخدام هذا الجزء التاريخي من ولاية بنسلفانيا.
التحديات والمخاطر
على الرغم من جاذبيته، ينطوي استكشاف طريق بنسلفانيا المهجور على عدد من التحديات والمخاطر التي يجب على الزوار أخذها في الاعتبار:
- حالة البنية التحتية: بعد عقود من الإهمال، تدهورت حالة الطريق والأنفاق بشكل كبير. هناك خطر من سقوط الأنقاض وانهيار الهياكل، مما يستدعي الحذر الشديد.
- الظلام والرطوبة: داخل الأنفاق، يسود ظلام دامس ورطوبة عالية، مما يجعل الرؤية صعبة ويزيد من خطر الانزلاق والسقوط.
- الحياة البرية: يُعد الطريق موطنًا لمجموعة متنوعة من الحيوانات البرية، بما في ذلك الثعابين والخفافيش وغيرها من المخلوقات التي قد تشكل خطرًا على الزوار.
- الطقس: يمكن أن تكون الظروف الجوية غير متوقعة في جبال ألغيني، ويجب على الزوار الاستعداد لتغيرات مفاجئة في درجة الحرارة وهطول الأمطار.
- السلامة الشخصية: نظرًا لعزلة الطريق وبعده عن المناطق المأهولة، يجب على الزوار اتخاذ احتياطات إضافية لضمان سلامتهم الشخصية، بما في ذلك إبلاغ شخص ما عن خططهم وإحضار معدات الطوارئ.
نصائح للزوار
إذا كنت تخطط لزيارة طريق بنسلفانيا المهجور، فإليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك في الحصول على تجربة آمنة وممتعة:
- ارتدِ ملابس مناسبة: ارتدِ أحذية متينة وملابس واقية لحماية نفسك من الإصابات المحتملة.
- أحضر مصباحًا يدويًا: مصباح يدوي قوي ضروري لاستكشاف الأنفاق المظلمة.
- أحضر الماء والطعام: لا توجد مرافق على طول الطريق، لذا تأكد من إحضار ما يكفي من الماء والطعام ليوم كامل.
- استكشف مع مجموعة: من الأفضل دائمًا استكشاف الطريق مع مجموعة من الأشخاص لضمان السلامة والدعم.
- كن على دراية بالمخاطر: كن على دراية بالمخاطر المحتملة واتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الحوادث.
- احترم البيئة: لا تترك أي أثر وراءك واحترم الحياة البرية والنظام البيئي.
خاتمة
طريق بنسلفانيا المهجور هو تذكير ملموس بالتاريخ الهندسي لولاية بنسلفانيا والتغيرات التي طرأت على تكنولوجيا النقل على مر السنين. على الرغم من أنه لم يعد قيد الاستخدام، إلا أنه لا يزال وجهة فريدة ومثيرة للاهتمام للمستكشفين والمغامرين الذين يبحثون عن تجربة خارجة عن المألوف. مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة والوعي بالمخاطر المحتملة، يمكن للزوار الاستمتاع بجمال وتاريخ هذا الجزء المنسي من ولاية بنسلفانيا.