أصل التسمية والتاريخ
جون هولاند، دوق إكستر الأول، كان شخصية بارزة في عهد الملك هنري السادس. شغل منصب أمين الشرطة في برج لندن، وخلال فترة ولايته، أدخل هذه الآلة الرهيبة إلى البرج. يُعتقد أن هولاند استورد الرفّ من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، حيث كان يستخدم بالفعل على نطاق واسع.
لم يكن الهدف من “ابنة دوق إكستر” هو القتل الفوري، بل كان يهدف إلى انتزاع الاعترافات من الضحايا. كانت عملية التعذيب بطيئة ومؤلمة للغاية، وغالبًا ما تؤدي إلى إصابات دائمة أو حتى الموت في نهاية المطاف. أصبحت هذه الأداة رمزًا للقسوة والظلم في برج لندن، الذي كان يستخدم كسجن للمعارضين السياسيين والمدانين بارتكاب جرائم مختلفة.
وصف الرفّ (ابنة دوق إكستر)
كان الرفّ عبارة عن إطار خشبي مستطيل الشكل، يرتفع قليلاً عن الأرض. كان الضحية يُمدد على هذا الإطار، وتُربط معصميه وكاحليه بحبال متينة. كانت هذه الحبال تمر عبر بكرات متصلة بآلية لولبية. عندما يقوم الجلاد بتدوير المقبض، تبدأ الحبال في الشد، وتسحب أطراف الضحية في اتجاهين متعاكسين.
مع زيادة الشد، تبدأ مفاصل الضحية في الانخلاع، وتتمزق الأربطة والأوتار. كان الألم لا يطاق، وغالبًا ما يصرخ الضحايا طلبًا للرحمة. إذا استمر التعذيب لفترة طويلة، يمكن أن تنفصل الأطراف تمامًا عن الجسم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الضغط الشديد على الصدر إلى صعوبة التنفس، مما يزيد من معاناة الضحية.
كان الجلادون غالبًا ما يتمتعون بسلطة تقديرية كبيرة في تحديد مدة وشدة التعذيب. يمكنهم إيقاف التعذيب مؤقتًا لمنح الضحية فرصة للاعتراف، أو يمكنهم الاستمرار في التعذيب حتى الموت. كان الهدف الرئيسي هو كسر إرادة الضحية وانتزاع الاعترافات، بغض النظر عن صحتها.
استخدامات الرفّ في برج لندن
استُخدم الرفّ على نطاق واسع في برج لندن خلال فترات مختلفة من التاريخ الإنجليزي. كان يُستخدم بشكل خاص خلال عهد أسرة تيودور، عندما كانت التوترات الدينية والسياسية في ذروتها. العديد من الشخصيات البارزة سقطت ضحية لهذه الآلة الرهيبة، بمن فيهم:
- آن آسكريو: كانت آن آسكريو امرأة نبيلة ومتعلمة، اتُهمت بالهرطقة بسبب آرائها البروتستانتية. تعرضت للتعذيب على الرفّ في محاولة لإجبارها على التراجع عن معتقداتها، لكنها ظلت ثابتة حتى إعدامها حرقًا عام 1546.
- إدموند كامبيون: كان إدموند كامبيون كاهنًا يسوعيًا إنجليزيًا، اتُهم بالخيانة بسبب دعوته إلى الكاثوليكية. تعرض للتعذيب على الرفّ عدة مرات في محاولة لإجباره على الكشف عن أسماء المتعاونين معه، لكنه رفض الإدلاء بأي معلومات. أُعدم شنقًا وتقطيعًا عام 1581.
- جاي فوكس: على الرغم من أن الأدلة التاريخية تشير إلى أنه تم تعذيبه ولكن ليس بالضرورة على الرف، فإن جاي فوكس، المتورط في مؤامرة البارود، يُذكر غالبًا في سياق التعذيب في برج لندن. كان يهدف تفجير مجلس اللوردات في عام 1605.
لم يقتصر استخدام الرفّ على المعارضين الدينيين والسياسيين. تم استخدامه أيضًا لانتزاع الاعترافات من المتهمين بارتكاب جرائم أخرى، مثل السرقة والخيانة الزوجية. ومع ذلك، كانت الحالات التي استُخدم فيها الرفّ موثقة بشكل عام، مما يشير إلى أنه كان يُستخدم فقط في الحالات الأكثر خطورة.
الرفّ كرمز للقسوة
أصبح الرفّ رمزًا للقسوة والظلم في برج لندن. كان يُنظر إليه على أنه أداة وحشية تستخدم لكسر إرادة الضحايا وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة. على مر القرون، أثارت قصص التعذيب على الرفّ الرعب والاشمئزاز لدى الناس.
في العصر الحديث، يُنظر إلى استخدام التعذيب على أنه انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية. تحظر العديد من المعاهدات الدولية التعذيب بجميع أشكاله، وتعتبره جريمة بموجب القانون الدولي. ومع ذلك، لا تزال بعض الدول تمارس التعذيب سرًا، مما يثير مخاوف جدية بشأن حقوق الإنسان.
الآثار النفسية للتعذيب
بالإضافة إلى الألم الجسدي الشديد الذي يسببه، يمكن أن يكون للتعذيب آثار نفسية مدمرة على الضحايا. غالبًا ما يعاني الضحايا من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والاكتئاب، والقلق، وغيرها من المشاكل النفسية. يمكن أن تستمر هذه الآثار لسنوات عديدة بعد انتهاء التعذيب، ويمكن أن تؤثر سلبًا على حياة الضحايا وعلاقاتهم.
يمكن أن يؤدي التعذيب أيضًا إلى فقدان الذاكرة، وصعوبة التركيز، ومشاكل في النوم. قد يعاني الضحايا من الكوابيس والذكريات المؤلمة، وقد يجدون صعوبة في الوثوق بالآخرين. في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي التعذيب إلى الانتحار.
من المهم تقديم الدعم النفسي للضحايا الذين نجوا من التعذيب. يمكن أن يساعد العلاج النفسي الضحايا على التعامل مع آثار التعذيب واستعادة حياتهم. يمكن أن تساعد مجموعات الدعم الضحايا على التواصل مع الآخرين الذين مروا بتجارب مماثلة، وتلقي الدعم العاطفي.
بدائل للتعذيب
هناك العديد من البدائل للتعذيب التي يمكن استخدامها للحصول على معلومات من المشتبه بهم. تشمل هذه البدائل:
- الاستجواب الذكي: يتضمن الاستجواب الذكي استخدام تقنيات غير قسرية لكسب ثقة المشتبه به وتشجيعه على التحدث. يمكن أن يشمل ذلك بناء علاقة مع المشتبه به، وطرح أسئلة مفتوحة، والاستماع بعناية إلى إجاباته.
- جمع الأدلة: يتضمن جمع الأدلة البحث عن الأدلة المادية والشهود التي يمكن أن تساعد في إثبات ذنب المشتبه به. يمكن أن يشمل ذلك البحث في مسرح الجريمة، وإجراء المقابلات مع الشهود، وتحليل الأدلة الجنائية.
- المراقبة: تتضمن المراقبة مراقبة المشتبه به لمعرفة المزيد عن أنشطته وصلاته. يمكن أن يشمل ذلك المراقبة الجسدية، والمراقبة الإلكترونية، والمراقبة عبر الإنترنت.
أظهرت الدراسات أن هذه البدائل غالبًا ما تكون أكثر فعالية من التعذيب في الحصول على معلومات دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه البدائل لا تنتهك حقوق الإنسان الأساسية.
خاتمة
كانت “ابنة دوق إكستر” أو الرفّ، آلة تعذيب وحشية استُخدمت في برج لندن لانتزاع الاعترافات من الضحايا. أصبحت هذه الأداة رمزًا للقسوة والظلم، وتذكيرًا بأهوال التعذيب. في العصر الحديث، يُنظر إلى استخدام التعذيب على أنه انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية، ويحظر بموجب القانون الدولي. من المهم أن نتذكر ضحايا التعذيب وأن نعمل على منع استخدامه في المستقبل.