أصول العقيدة
تستند عقيدة درجات المجد إلى عدة مقاطع من الكتاب المقدس، بما في ذلك كورنثوس الأولى 15: 40-42، والتي تتحدث عن أجساد سماوية وأجساد أرضية وأجساد نجمية، وإلى رؤية مُسجلة في المبادئ والعهود، وهي جزء من الكتاب المقدس المورموني. هذه الرؤية، التي وردت في القسم 76 من المبادئ والعهود، قدمت تفاصيل حول طبيعة هذه الممالك المختلفة وأنواع الأشخاص الذين سيرثونها.
وفقًا للمورمونية، فإن الغرض من الحياة الأرضية هو السماح للأفراد بممارسة إرادتهم الحرة واختيار قبول أو رفض إنجيل يسوع المسيح. تحدد الخيارات التي يتخذها الأفراد في هذه الحياة، جنبًا إلى جنب مع إيمانهم وتوبتهم وأعمالهم الصالحة، المملكة التي سيرثونها في الحياة الآخرة. يعتقد المورمون أن الله عادل ورحيم، وأن كل فرد سيحصل على درجة من المجد تتناسب مع رغبات قلبه وأفعاله.
المملكة السماوية (Celestial Kingdom)
تعتبر المملكة السماوية أعلى درجات المجد وأكثرها مجدًا. يوصف بأنه المكان الذي يسكن فيه الله الآب ويسوع المسيح. سيحصل أولئك الذين يرثون هذه المملكة على الحياة الأبدية وسيصبحون كاملين مثل الله. يتطلب الدخول إلى المملكة السماوية استقبال مراسيم الخلاص في الهيكل، بما في ذلك الزواج الأبدي، والحفاظ على العهود المرتبطة بهذه المراسيم. وتشمل هذه المراسيم المعمودية من أجل الأموات، والمسحة، والوقف.
لكي يرث الشخص المملكة السماوية، يجب أن يكون قد عاش حياة طاعة لإنجيل يسوع المسيح. يجب أن يكون قد مارس الإيمان بالمسيح، وتاب عن خطاياه، وتعمد بالغطس لمغفرة الخطايا، واستقبل الروح القدس. يجب أن يكونوا قد حافظوا أيضًا على عهودهم مع الله وخدموا الآخرين. يعتقد المورمون أن المملكة السماوية هي مكان الفرح والسعادة والسلام الأبديين.
خصائص المملكة السماوية:
- يسكنها الله الآب ويسوع المسيح.
- يرثها أولئك الذين قبلوا إنجيل يسوع المسيح بالكامل.
- يتطلب الدخول إليها استقبال مراسيم الهيكل والحفاظ على العهود.
- مكان الفرح والسلام الأبديين.
- يتلقى ساكنوها الحياة الأبدية ويصبحون كاملين مثل الله.
المملكة الأرضية (Terrestrial Kingdom)
المملكة الأرضية هي الدرجة الثانية من المجد. يوصف بأنه مكان جيد وممتع، على الرغم من أنه ليس بنفس مجد المملكة السماوية. سيرث هذه المملكة أولئك الذين لم يكونوا شجعانًا في شهادتهم ليسوع المسيح في الحياة الأرضية، ولكنهم عاشوا حياة فاضلة ومستقيمة. ويشمل هؤلاء الذين ماتوا بدون قانون أو الذين لم تتاح لهم الفرصة الكاملة لقبول الإنجيل في الحياة الأرضية.
قد تشمل هذه الفئة أولئك الذين يرفضون الإنجيل في الحياة الأرضية ولكنهم يقبلونه في عالم الأرواح بعد الموت. على الرغم من أنهم لن يتمتعوا بكل بركات المملكة السماوية، إلا أنهم سيظلون يحصلون على درجة كبيرة من السعادة والسلام.
خصائص المملكة الأرضية:
- أقل مجدًا من المملكة السماوية.
- يرثها أولئك الذين لم يكونوا شجعانًا في شهادتهم للمسيح.
- يشمل أولئك الذين ماتوا بدون قانون أو الذين لم تتاح لهم الفرصة الكاملة لقبول الإنجيل.
- مكان جيد وممتع.
المملكة النجمية (Telestial Kingdom)
المملكة النجمية هي الدرجة الدنيا من المجد. يوصف بأنه مكان أقل مجدًا من المملكتين السماوية والأرضية. سيرث هذه المملكة أولئك الذين رفضوا إنجيل يسوع المسيح ولم يعيشوا حياة فاضلة ومستقيمة. ومع ذلك، فإنهم لا يزالون يحصلون على درجة من المجد تتجاوز الفهم البشري.
يشمل أولئك الذين سيرثون المملكة النجمية الكذابين والقتلة والزناة وكل أولئك الذين لم يتوبوا عن خطاياهم. ومع ذلك، حتى هؤلاء الأفراد سيتم خلاصهم من الموت الروحي وسيتم منحهم فرصة التقدم في النهاية.
خصائص المملكة النجمية:
- أقل درجات المجد.
- يرثها أولئك الذين رفضوا إنجيل يسوع المسيح.
- يشمل الكذابين والقتلة والزناة وغير التائبين.
- لا يزال مكانًا ذا مجد يتجاوز الفهم البشري.
الظلام الخارجي (Outer Darkness)
الظلام الخارجي ليس مملكة من المجد، بل هو حالة من الانفصال الكامل عن الله. سيرث هذه الحالة أولئك الذين ارتكبوا الخطأ الأبدي، وهو إنكار الروح القدس بعد أن حصلوا على معرفة كاملة به. يُنظر إلى هؤلاء الأفراد على أنهم أبناء الهلاك وسيعانون من عذاب أبدي.
وفقًا للمورمونية، فإن ارتكاب الخطأ الأبدي أمر نادر جدًا. يتطلب أن يكون لدى الشخص معرفة كاملة بالله ثم ينكره عن عمد. يعتقد المورمون أن الله رحيم وسيمنح كل شخص فرصة للتوبة قبل أن يحكم عليه بالظلام الخارجي.
الأهمية اللاهوتية
تلعب عقيدة درجات المجد دورًا مهمًا في اللاهوت المورموني. إنه يؤكد على عدالة ورحمة الله، ويوفر إطارًا لفهم مصير جميع البشر. كما أنه يلهم المورمون للعيش حياة فاضلة ومستقيمة، مع العلم أن خياراتهم في هذه الحياة ستؤثر على مصيرهم الأبدي. توفر العقيدة فهمًا شاملاً للخلاص يتجاوز المفاهيم التقليدية للجحيم والسماء، وتقديم مجموعة متنوعة من النتائج المصممة لتتناسب مع إيمان وأفعال كل فرد.
تساعد هذه العقيدة في فهم طبيعة العلاقة بين حرية الإرادة والمساءلة. يؤكد المورمون على أهمية حرية الاختيار، معتقدين أن الأفراد مسؤولون عن قراراتهم وسيتم مكافأتهم أو معاقبتهم وفقًا لذلك. ومع ذلك، فإنهم يعتقدون أيضًا أن الله رحيم وسيوفر فرصة لكل شخص للتقدم، حتى بعد الموت.
خاتمة
إن عقيدة درجات المجد هي مفهوم أساسي في اللاهوت المورموني، حيث تقدم فهمًا شاملاً للحياة الآخرة ومصير البشرية. تحدد هذه العقيدة ثلاث درجات من المجد – المملكة السماوية، والمملكة الأرضية، والمملكة النجمية – بالإضافة إلى حالة الظلام الخارجي. تحدد الخيارات والأفعال التي يتخذها الأفراد في هذه الحياة المملكة التي سيرثونها. تؤكد هذه العقيدة على عدالة الله ورحمته، مع توفير إطار للأمل والخلاص لجميع الناس، بناءً على إيمانهم وأعمالهم.