الشرى الفيزيائي (Physical Urticaria)

مقدمة

الشرى الفيزيائي هو مجموعة فرعية مميزة من الشرى (الخلايا) التي تثار بمحفز فيزيائي خارجي بدلاً من محفز داخلي. يتميز بظهور طفح جلدي مثير للحكة (الشرى) أو تورم (وذمة وعائية) بعد التعرض لمحفز فيزيائي معين. على عكس الشرى التماسي، الذي ينجم عن ملامسة مواد معينة، ينجم الشرى الفيزيائي عن عوامل مثل الضغط أو البرودة أو الحرارة أو الماء أو أشعة الشمس أو الاهتزاز أو التمرين.

أنواع الشرى الفيزيائي

هناك أنواع مختلفة من الشرى الفيزيائي، ولكل منها محفزات وخصائص مميزة:

  • الشرى الجلدي (Dermatographism): يُعرف أيضًا باسم “الكتابة على الجلد”. وهو النوع الأكثر شيوعًا من الشرى الفيزيائي، وينجم عن خدش الجلد أو الضغط عليه. تظهر خلايا حمراء منتفخة على طول المنطقة المخدوشة في غضون دقائق قليلة، وتختفي عادةً في غضون 30 دقيقة.
  • الشرى الناتج عن الضغط (Pressure Urticaria): ينجم عن الضغط المستمر على الجلد، مثل الجلوس لفترة طويلة أو حمل حقيبة ثقيلة. يمكن أن يظهر الشرى الناتج عن الضغط الفوري في غضون دقائق من الضغط، أو الشرى الناتج عن الضغط المتأخر، والذي يظهر بعد 4-6 ساعات من الضغط ويستمر لمدة تصل إلى 24 ساعة.
  • الشرى البردي (Cold Urticaria): ينجم عن التعرض للبرد، مثل الهواء البارد أو الماء البارد. يمكن أن يتسبب في ظهور خلايا على الجلد المكشوف، وقد يكون مصحوبًا بأعراض جهازية مثل صعوبة التنفس أو الدوخة في الحالات الشديدة.
  • الشرى الحراري (Heat Urticaria): ينجم عن التعرض للحرارة، مثل الماء الساخن أو أشعة الشمس. يظهر الشرى على شكل خلايا حمراء مثيرة للحكة في المناطق المعرضة للحرارة.
  • الشرى المائي (Aquagenic Urticaria): هو نوع نادر من الشرى ينجم عن ملامسة الماء، بغض النظر عن درجة حرارته. تظهر خلايا صغيرة مثيرة للحكة على الجلد بعد التعرض للماء.
  • الشرى الشمسي (Solar Urticaria): ينجم عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية (UV) من الشمس أو مصادر الإضاءة الاصطناعية. تظهر خلايا حمراء مثيرة للحكة في غضون دقائق من التعرض للشمس، وتختفي عادةً في غضون ساعات قليلة.
  • الشرى الاهتزازي (Vibratory Urticaria): هو نوع نادر من الشرى ينجم عن الاهتزاز، مثل استخدام جزازة العشب أو ركوب الدراجة النارية. يظهر الشرى على شكل خلايا حمراء مثيرة للحكة في المناطق المعرضة للاهتزاز.
  • الشرى الجهدي (Cholinergic Urticaria): يثار بارتفاع درجة حرارة الجسم، غالبًا بسبب ممارسة الرياضة أو التعرق أو الإجهاد. يظهر الشرى على شكل بقع صغيرة مثيرة للحكة محاطة بهالة حمراء.

الأسباب وعوامل الخطر

السبب الدقيق للشرى الفيزيائي غير مفهوم تمامًا، ولكن يُعتقد أنه ينطوي على إطلاق الهيستامين ومواد كيميائية أخرى من خلايا الدم البيضاء (الخلايا البدينة) في الجلد استجابةً لمحفز فيزيائي. يمكن أن تؤدي هذه المواد الكيميائية إلى توسع الأوعية الدموية الصغيرة وزيادة نفاذية الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى ظهور خلايا وتورم وحكة.

تشمل عوامل الخطر المحتملة للشرى الفيزيائي:

  • التاريخ العائلي: قد يكون لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الشرى أو الحساسية خطر متزايد للإصابة بالشرى الفيزيائي.
  • بعض الحالات الطبية: قد يكون الأشخاص الذين يعانون من حالات طبية معينة، مثل أمراض المناعة الذاتية أو الالتهابات، أكثر عرضة للإصابة بالشرى الفيزيائي.
  • الأدوية: قد تزيد بعض الأدوية، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) أو المضادات الحيوية، من خطر الإصابة بالشرى الفيزيائي.
  • العمر: يمكن أن يحدث الشرى الفيزيائي في أي عمر، ولكنه أكثر شيوعًا عند الشباب والبالغين.

الأعراض

تشمل أعراض الشرى الفيزيائي:

  • الشرى (الخلايا): وهي عبارة عن نتوءات حمراء أو وردية مثيرة للحكة تظهر على الجلد. قد تكون الخلايا صغيرة أو كبيرة، وقد تتحد لتشكل بقعًا أكبر.
  • وذمة وعائية: وهي تورم عميق في الجلد أو الأغشية المخاطية، وغالبًا ما يصيب الجفون أو الشفاه أو اللسان أو الحلق.
  • الحكة: يمكن أن تكون الحكة شديدة ومزعجة.
  • الحرقان أو الوخز: قد يشعر بعض الأشخاص بحرقان أو وخز في الجلد المصاب.
  • أعراض جهازية: في الحالات الشديدة، قد يعاني الأشخاص المصابون بالشرى الفيزيائي من أعراض جهازية مثل صعوبة التنفس أو الدوخة أو الغثيان أو القيء.

التشخيص

يعتمد تشخيص الشرى الفيزيائي عادةً على التاريخ الطبي للمريض والفحص البدني. قد يطلب الطبيب إجراء اختبارات استفزازية لتأكيد التشخيص وتحديد النوع المحدد من الشرى الفيزيائي. تتضمن هذه الاختبارات تعريض الجلد لمحفزات فيزيائية مختلفة، مثل الثلج أو الحرارة أو الضغط، ومراقبة رد فعل الجلد.

قد تشمل الاختبارات الأخرى التي قد يتم إجراؤها:

  • اختبار الدم: للتحقق من وجود علامات العدوى أو أمراض المناعة الذاتية.
  • خزعة الجلد: في حالات نادرة، قد يتم أخذ خزعة من الجلد المصاب لفحصها تحت المجهر.

العلاج

يهدف علاج الشرى الفيزيائي إلى تخفيف الأعراض ومنع حدوثها في المستقبل. تشمل خيارات العلاج:

  • مضادات الهيستامين: هي الأدوية الأكثر شيوعًا المستخدمة لعلاج الشرى الفيزيائي. تساعد مضادات الهيستامين على منع تأثيرات الهيستامين، وهي المادة الكيميائية التي تسبب الحكة والتورم.
  • الستيرويدات القشرية: يمكن استخدام الستيرويدات القشرية، مثل بريدنيزون، لتقليل الالتهاب في الحالات الشديدة. ومع ذلك، لا ينصح باستخدام الستيرويدات القشرية على المدى الطويل بسبب آثارها الجانبية المحتملة.
  • إبينفرين: في الحالات الشديدة من الشرى الفيزيائي المصحوبة بأعراض جهازية، مثل صعوبة التنفس، قد يكون من الضروري حقن الإبينفرين.
  • العلاج الضوئي: قد يكون العلاج الضوئي فعالًا في علاج بعض أنواع الشرى الفيزيائي، مثل الشرى الشمسي.
  • الأوماليزوماب (Xolair): هو دواء بيولوجي يمكن استخدامه لعلاج الشرى المزمن، بما في ذلك بعض أنواع الشرى الفيزيائي.

الوقاية

أفضل طريقة للوقاية من الشرى الفيزيائي هي تجنب المحفزات التي تؤدي إلى ظهور الأعراض. قد يشمل ذلك:

  • تجنب التعرض للبرد أو الحرارة الشديدة.
  • ارتداء ملابس واقية عند التعرض لأشعة الشمس.
  • تجنب الأنشطة التي تسبب الضغط على الجلد.
  • استخدام واقي شمسي واسع الطيف مع عامل حماية من الشمس (SPF) 30 أو أعلى.
  • ترطيب الجلد بانتظام.
  • تجنب الخدش أو فرك الجلد.

التعايش مع الشرى الفيزيائي

يمكن أن يكون الشرى الفيزيائي حالة مزعجة ومؤثرة على نوعية الحياة. ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء التي يمكن للأشخاص المصابين بالشرى الفيزيائي القيام بها لإدارة حالتهم والتعايش معها:

  • تحديد المحفزات وتجنبها.
  • تناول الأدوية حسب توجيهات الطبيب.
  • الحفاظ على برودة الجلد وجفافه.
  • ارتداء ملابس فضفاضة ومريحة.
  • تجنب الخدش أو فرك الجلد.
  • إدارة الإجهاد.
  • الانضمام إلى مجموعة دعم.

متى يجب زيارة الطبيب

يجب على الأشخاص المصابين بالشرى الفيزيائي زيارة الطبيب إذا:

  • كانت الأعراض شديدة أو لا تتحسن مع العلاج المنزلي.
  • كانت الأعراض مصحوبة بأعراض جهازية، مثل صعوبة التنفس أو الدوخة.
  • كانت الأعراض تؤثر على نوعية الحياة.
  • كان هناك اشتباه في وجود حساسية تجاه دواء أو طعام.

خاتمة

الشرى الفيزيائي هو مجموعة من الحالات الجلدية التي تتميز بظهور خلايا أو وذمة وعائية استجابةً لمحفزات فيزيائية. يمكن أن يكون التشخيص والعلاج المناسبان فعالين في إدارة الأعراض وتحسين نوعية الحياة للأفراد المتضررين. من خلال فهم الأنواع المختلفة من الشرى الفيزيائي، وأسبابه، وأعراضه، وخيارات العلاج، يمكن للأفراد اتخاذ خطوات استباقية للسيطرة على حالتهم وتحسين صحتهم بشكل عام.

المراجع