مقدمة
هيلين فيشر هو اسم قد يشير إلى شخصيات مختلفة، ولكن في أغلب الأحيان، يتعلق الأمر بعالمة الأنثروبولوجيا وباحثة سلوك الإنسان الشهيرة. هذه المقالة ستتناول بشكل أساسي هيلين فيشر، عالمة الأنثروبولوجيا، وتسلط الضوء على مسيرتها المهنية، وأبحاثها الرائدة، وأهم إسهاماتها في فهم الحب والرومانسية والدماغ البشري.
هيلين فيشر: عالمة الأنثروبولوجيا
ولدت هيلين فيشر عام 1945، وهي عالمة أنثروبولوجيا كندية أمريكية وباحثة في سلوك الإنسان، وأستاذة في قسم الأنثروبولوجيا بجامعة روتجرز. تشتهر فيشر بأبحاثها حول علم الأعصاب للحب الرومانسي والجذب، وقد كتبت العديد من الكتب والمقالات حول هذه الموضوعات. تعتبر فيشر واحدة من أبرز الخبراء في العالم في مجال الحب والعلاقات الإنسانية.
الخلفية التعليمية والمسيرة المهنية
حصلت هيلين فيشر على درجة البكالوريوس في الأنثروبولوجيا من جامعة نيويورك، ثم حصلت على درجة الدكتوراه في الأنثروبولوجيا الفيزيائية من جامعة كولورادو. بعد حصولها على الدكتوراه، بدأت في التدريس في جامعة روتجرز، حيث تعمل أستاذة حتى اليوم. خلال مسيرتها المهنية، أجرت فيشر العديد من الأبحاث حول الحب والرومانسية والدماغ البشري، وقدمت نتائجها في العديد من المؤتمرات والمنشورات العلمية.
أبحاثها الرائدة في مجال الحب والرومانسية
تركز أبحاث هيلين فيشر على فهم الأسس البيولوجية والعصبية للحب الرومانسي والجذب. تستخدم فيشر تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لدراسة نشاط الدماغ للأشخاص الذين يشعرون بالحب، وقد حددت عدة مناطق في الدماغ تنشط بشكل خاص أثناء تجربة الحب الرومانسي. تشمل هذه المناطق النواة الذنبية (caudate nucleus) والمنطقة البطنية السقيفية (ventral tegmental area)، وهما منطقتان مرتبطتان بالمكافأة والمتعة.
من خلال أبحاثها، اقترحت فيشر أن الحب الرومانسي ليس مجرد شعور، بل هو دافع أساسي، مثل الجوع والعطش. تعتقد فيشر أن الحب الرومانسي تطور لمساعدة البشر على تكوين روابط قوية مع شركائهم، مما يزيد من فرص بقائهم وتكاثرهم.
بالإضافة إلى ذلك، استكشفت فيشر دور الناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين والنورإبينفرين في تجربة الحب الرومانسي. وجدت فيشر أن هذه الناقلات العصبية تلعب دورًا حاسمًا في الشعور بالمتعة والإثارة والتركيز المرتبط بالحب.
أنظمة الدماغ الأربعة
تقترح هيلين فيشر وجود أربعة أنظمة دماغية أساسية مرتبطة بالشخصية والميل إلى أنواع معينة من الشركاء:
- الدوبامين/النورإبينفرين: يرتبط هذا النظام بالفضول، والطاقة، والإبداع، والمغامرة. الأشخاص الذين يهيمن عليهم هذا النظام غالبًا ما يكونون منفتحين ومتحمسين للتجارب الجديدة.
- السيروتونين: يرتبط هذا النظام بالهدوء، والاجتماعية، والولاء، والقدرة على التكيف. الأشخاص الذين يهيمن عليهم هذا النظام غالبًا ما يكونون تقليديين ومحافظين.
- التستوستيرون: يرتبط هذا النظام بالتحليل، والمنطق، والتنافس، واتخاذ القرارات. الأشخاص الذين يهيمن عليهم هذا النظام غالبًا ما يكونون واثقين بأنفسهم وحاسمين.
- الإستروجين/الأوكسيتوسين: يرتبط هذا النظام بالتعاطف، والرعاية، والحدس، والمهارات الاجتماعية. الأشخاص الذين يهيمن عليهم هذا النظام غالبًا ما يكونون عطوفين ومتفهمين.
تؤكد فيشر على أن هذه الأنظمة تتفاعل مع بعضها البعض بطرق معقدة، وأن كل شخص لديه مزيج فريد من هذه الأنظمة. ومع ذلك، فإن فهم هذه الأنظمة يمكن أن يساعدنا على فهم أنفسنا بشكل أفضل وفهم أنواع الأشخاص الذين ننجذب إليهم.
مفهوم الحب كثلاث مراحل
تقترح فيشر أيضًا أن الحب يمكن تقسيمه إلى ثلاث مراحل متميزة، لكل منها مجموعة من الدوافع البيولوجية والعصبية الخاصة بها:
- الشهوة: هذه المرحلة تتميز بالرغبة الجنسية والبحث عن شريك محتمل. وهي مدفوعة بشكل أساسي بهرمونات التستوستيرون والإستروجين.
- الانجذاب الرومانسي: هذه المرحلة تتميز بالتركيز الشديد على شريك معين، والرغبة في قضاء الوقت معه، والشعور بالإثارة والبهجة عند التفكير فيه. وهي مدفوعة بشكل أساسي بالدوبامين والنورإبينفرين.
- التعلق: هذه المرحلة تتميز بالشعور بالراحة والأمان والارتباط العميق بشريك طويل الأمد. وهي مدفوعة بشكل أساسي بالأوكسيتوسين والفازوبريسين.
تؤكد فيشر على أن هذه المراحل يمكن أن تتداخل وتحدث في أي ترتيب، وأن العلاقات لا تمر دائمًا عبر جميع المراحل الثلاث. ومع ذلك، فإن فهم هذه المراحل يمكن أن يساعدنا على فهم ديناميكيات العلاقات بشكل أفضل.
مساهمات أخرى وأعمال بارزة
بالإضافة إلى أبحاثها حول الحب والرومانسية، قدمت هيلين فيشر مساهمات كبيرة في فهم التطور البشري والسلوك الاجتماعي. درست فيشر أيضًا تأثير التكنولوجيا على العلاقات الإنسانية، وكيف تغير وسائل التواصل الاجتماعي والطرق الأخرى للتواصل عبر الإنترنت الطريقة التي نلتقي بها ونحب بعضنا البعض.
من بين أعمالها البارزة:
- “لماذا نحب: طبيعة وكيمياء الحب الرومانسي” (Why We Love: The Nature and Chemistry of Romantic Love): يستكشف هذا الكتاب الأسس البيولوجية والعصبية للحب الرومانسي، ويقدم رؤى جديدة حول كيفية عمل الحب وكيف يمكننا تحسين علاقاتنا.
- “الجنس في الدماغ: الاختلافات الحقيقية بين الرجل والمرأة” (The Sex Contract: The Evolution of Human Behavior): يحلل هذا الكتاب الاختلافات بين الجنسين في السلوك البشري من منظور تطوري، ويقدم تفسيرات جديدة لأسباب تصرف الرجال والنساء بطرق مختلفة.
- “أنا وأنت: علم نفس العلاقات” (Anatomy of Love: A Natural History of Mating, Marriage, and Why We Stray): يقدم هذا الكتاب نظرة شاملة على العلاقات الإنسانية، من المغازلة إلى الزواج والخيانة الزوجية، ويستكشف الأسس البيولوجية والثقافية لهذه السلوكيات.
- “لماذا هو؟ لماذا هي؟: كيف تجد الحب الدائم عن طريق فهم نوع شخصيتك” (Why Him? Why Her?: Finding Real Love By Understanding Your Personality Type): يقدم هذا الكتاب نظامًا فريدًا لتحديد أنواع الشخصيات المختلفة وكيفية العثور على شريك متوافق بناءً على هذه الأنواع.
تأثيرها وتقديرها
حظيت أبحاث هيلين فيشر بتقدير واسع النطاق، وقد ظهرت في العديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك مجلة تايم، ونيويورك تايمز، وCNN. تم اختيارها كواحدة من “أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم” من قبل مجلة تايم في عام 2009.
ألهمت أفكارها العديد من الباحثين والكتاب في مجالات علم النفس وعلم الاجتماع، وقد ساهمت في تغيير الطريقة التي نفكر بها في الحب والعلاقات الإنسانية. يعتبر عملها مرجعًا أساسيًا للباحثين والمهتمين بفهم الحب والعلاقات.
نصائحها للعثور على الحب والحفاظ عليه
تقدم هيلين فيشر العديد من النصائح القيمة للأشخاص الذين يبحثون عن الحب أو يسعون للحفاظ على علاقاتهم الحالية. من بين هذه النصائح:
- كن منفتحًا على تجارب جديدة: لا تخف من الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك وتجربة أشياء جديدة. هذا يمكن أن يساعدك على مقابلة أشخاص جدد وتوسيع آفاقك.
- كن صادقًا مع نفسك: لا تحاول أن تكون شخصًا آخر لجذب شخص ما. كن على طبيعتك ودع شخصيتك الحقيقية تتألق.
- ابحث عن شخص يشاركك قيمك واهتماماتك: من المرجح أن تكون العلاقة ناجحة إذا كان لديك أنت وشريكك قيم واهتمامات مشتركة.
- تواصل بفعالية: تعلم كيفية التواصل بصراحة وصدق مع شريكك. هذا يمكن أن يساعد في حل المشاكل وتجنب سوء الفهم.
- حافظ على الإثارة في العلاقة: لا تدع العلاقة تصبح مملة. ابحث عن طرق جديدة للحفاظ على الإثارة والرومانسية.
- كن متفهمًا وداعمًا: ادعم شريكك في أوقات الشدة وكن متفهمًا لاحتياجاته ورغباته.
خاتمة
هيلين فيشر هي عالمة أنثروبولوجيا رائدة ساهمت بشكل كبير في فهم الحب والرومانسية والدماغ البشري. من خلال أبحاثها الرائدة، قدمت رؤى جديدة حول الأسس البيولوجية والعصبية للحب، وكيف يتطور الحب على مر الزمن، وكيف يمكننا تحسين علاقاتنا. تعتبر فيشر مصدر إلهام للعديد من الباحثين والكتّاب، وقد ساهمت في تغيير الطريقة التي نفكر بها في الحب والعلاقات الإنسانية.