نشأته وتعليمه
ولد ماكسويل هينلي هاريس في جنوب أستراليا عام 1921. تلقى تعليمه في كلية سانت بيتر في أديلايد، حيث أظهر نبوغًا مبكرًا في الأدب والكتابة. التحق بجامعة أديلايد، حيث درس الفلسفة والأدب الإنجليزي. خلال فترة دراسته الجامعية، انخرط هاريس في الأوساط الأدبية والفكرية، وبدأ في تطوير أسلوبه النقدي المتميز.
بداياته الأدبية
بدأ هاريس مسيرته الأدبية في الأربعينيات من القرن العشرين، حيث أسس مع صديقه ريدلي سترينر مجلة “أنجاس رو” (Angry Penguins)، التي سرعان ما أصبحت منصة هامة للأصوات الأدبية والفنية الأسترالية الحديثة. نشرت المجلة أعمالًا لشعراء وكتاب وفنانين طليعيين، وساهمت في تحدي التقاليد الأدبية والفنية السائدة في أستراليا.
كانت “أنجاس رو” بمثابة شرارة انطلاق لحركة أدبية جديدة في أستراليا، وقد لعبت دورًا حاسمًا في تشكيل الهوية الثقافية الأسترالية الحديثة. ومع ذلك، تعرضت المجلة لانتقادات حادة بسبب محتواها التجريبي والاستفزازي، مما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الأدبية والفكرية.
قضية إرن ماللي
أشهر الأحداث التي ارتبطت بمسيرة ماكس هاريس الأدبية هي قضية إرن ماللي، وهي خدعة أدبية كشفت عنها مجلة “أنجاس رو” في عام 1944. قام الشاعران جيمس ماكولي وهارولد ستيوارت، وهما من منتقدي الحداثة الأدبية، بتأليف مجموعة من القصائد السخيفة ونشراها باسم مستعار هو “إرن ماللي”.
خدعت القصائد هاريس ومحرري مجلة “أنجاس رو”، الذين أشادوا بها واعتبروها اكتشافًا أدبيًا هامًا. عندما تم الكشف عن الخدعة، تعرض هاريس للإحراج الشديد وانتقده الكثيرون بسبب عدم قدرته على تمييز الشعر الحقيقي من الزائف. ومع ذلك، دافع البعض الآخر عن هاريس، معتبرين أن الخدعة كشفت عن النفاق والسطحية في الأوساط الأدبية الأسترالية.
على الرغم من الجدل الذي أثارته، ساهمت قضية إرن ماللي في تسليط الضوء على مجلة “أنجاس رو” وماكس هاريس، وجعلت منهما شخصيتين معروفتين على نطاق واسع في أستراليا. كما أثارت القضية نقاشات حادة حول طبيعة الشعر وأهدافه ومعايير الحكم عليه.
أعماله الأدبية والنقدية
بالإضافة إلى عمله كمحرر لمجلة “أنجاس رو”، نشر ماكس هاريس العديد من الكتب والمقالات في مجالات الشعر والنقد الأدبي والثقافة الأسترالية. تميزت كتاباته بأسلوبها الجريء والمباشر وآرائها الاستفزازية، مما جعله شخصية مثيرة للجدل ومحفزة للتفكير.
من بين أبرز أعماله الشعرية “The Gift of the Prodigal” (1945) و “A Window at Night” (1967). أما في مجال النقد الأدبي، فقد كتب العديد من المقالات والكتب التي تناولت قضايا الأدب الأسترالي الحديث، بما في ذلك “The Australian Quarterly” و “Australian Letters”.
كما كتب هاريس عمودًا صحفيًا منتظمًا في صحيفة “The Australian”، حيث تناول قضايا سياسية واجتماعية وثقافية متنوعة. تميزت كتاباته الصحفية بأسلوبها الساخر وآرائها الليبرالية، مما جعله شخصية محبوبة ومكروهة في آن واحد.
تأثيره على الثقافة الأسترالية
كان لماكس هاريس تأثير كبير على الثقافة الأسترالية في القرن العشرين. فقد ساهم في تطوير الأدب الأسترالي الحديث، وتعزيز التفكير النقدي، وتحدي التقاليد الثقافية السائدة. كما لعب دورًا هامًا في تشكيل الهوية الثقافية الأسترالية الحديثة، وتعزيز الشعور بالفخر الوطني.
على الرغم من الجدل الذي أثاره، يعتبر هاريس شخصية بارزة في تاريخ الأدب والثقافة الأسترالية. فقد كان كاتبًا موهوبًا ومفكرًا مستقلاً ومثقفًا عامًا، لعب دورًا هامًا في تشكيل المشهد الفكري والثقافي الأسترالي.
الجوائز والتكريمات
حصل ماكس هاريس على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته في الأدب والثقافة الأسترالية. في عام 1980، تم تعيينه ضابطًا في وسام أستراليا (AO) لخدماته للأدب. كما حصل على زمالة فخرية من جامعة فلندرز في عام 1989.
حياته الشخصية
تزوج ماكس هاريس من Yvonne Hutton ولديه منها ثلاثة أطفال. اشتهر هاريس بشخصيته الجذابة وحضوره القوي، وكان صديقًا للعديد من الكتاب والفنانين والشخصيات الثقافية الأسترالية البارزة.
وفاته وإرثه
توفي ماكس هاريس في عام 1995 عن عمر يناهز 73 عامًا. ترك وراءه إرثًا أدبيًا وثقافيًا غنيًا، ولا تزال أعماله تدرس وتقرأ حتى اليوم. يعتبر هاريس شخصية محورية في تاريخ الأدب والثقافة الأسترالية، وسيظل اسمه مرتبطًا بالإبداع والابتكار والجرأة.
خاتمة
كان ماكس هاريس شخصية مؤثرة في الأدب والثقافة الأسترالية. بصفته شاعرًا وناقدًا ومحررًا، لعب دورًا حاسمًا في تشكيل المشهد الأدبي في أستراليا في القرن العشرين. على الرغم من الجدل الذي أثاره، لا يمكن إنكار مساهماته في تطوير الأدب الأسترالي الحديث وتعزيز التفكير النقدي. سيظل إرثه الأدبي والثقافي مصدر إلهام للأجيال القادمة.