<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد جون طومسون في إدنبرة، اسكتلندا، في 14 يونيو 1837. تلقى تعليمه في مدرسة إدنبرة الملكية، حيث أظهر اهتمامًا مبكرًا بالعلوم والجغرافيا. تدرب في البداية كصانع أدوات بصرية، مما منحه فهمًا عميقًا للعدسات والبصريات، وهي مهارات ستكون حاسمة في مسيرته المهنية كمصور.
بداياته في التصوير
بدأ طومسون اهتمامه بالتصوير في خمسينيات القرن التاسع عشر، وهي فترة شهدت تطورًا سريعًا في تكنولوجيا التصوير. تأثر بالصور المبكرة التي التقطها ديفيد أوكتافيوس هيل وروبرت آدمسون، وهما من رواد التصوير في اسكتلندا. افتتح طومسون الاستوديو الخاص به في إدنبرة في عام 1862، حيث تخصص في التقاط صور البورتريه.
السفر إلى الشرق الأقصى
في عام 1862، قرر طومسون توسيع آفاقه والسفر إلى الشرق الأقصى. استقر أولاً في سنغافورة، حيث عمل كمصور تجاري والتقط صورًا للمناظر الطبيعية والمعالم المعمارية والسكان المحليين. سرعان ما أتقن تقنيات التصوير في الظروف المناخية الصعبة التي تميز المناطق الاستوائية.
خلال فترة وجوده في سنغافورة، سافر طومسون على نطاق واسع في جميع أنحاء ماليزيا وسومطرة، حيث وثق حياة السكان الأصليين وعاداتهم وتقاليدهم. كان حريصًا على التقاط صور واقعية وغير متحيزة، مما جعله رائدًا في مجال التصوير الوثائقي.
التصوير في الصين
في عام 1868، انتقل طومسون إلى هونغ كونغ، والتي كانت بمثابة قاعدة انطلاق لرحلاته اللاحقة في جميع أنحاء الصين. خلال السنوات الأربع التي قضاها في الصين، سافر إلى مناطق نائية ونائية، والتقط صورًا للحياة اليومية، والمناظر الطبيعية الخلابة، والشخصيات المؤثرة في المجتمع الصيني.
واجه طومسون العديد من التحديات أثناء التصوير في الصين، بما في ذلك صعوبة الحصول على إذن للتصوير في بعض المناطق، بالإضافة إلى التحديات اللوجستية المتمثلة في نقل معدات التصوير الثقيلة عبر التضاريس الوعرة. ومع ذلك، لم تثبط عزيمته، واستمر في إنتاج صور مذهلة توثق جوانب مختلفة من الحياة الصينية.
تعتبر صور طومسون للصين ذات قيمة تاريخية وثقافية كبيرة. فهي تقدم لمحة فريدة عن الحياة في الصين في أواخر القرن التاسع عشر، قبل أن تشهد البلاد تحولات كبيرة بسبب التحديث والتغريب. كما أنها توفر نظرة ثاقبة على التنوع الثقافي والعرقي في الصين، حيث التقط طومسون صورًا لأفراد من مختلف المجموعات العرقية والاجتماعية.
“صور من الحياة في لندن”
بعد عودته إلى لندن في عام 1872، بدأ طومسون مشروعًا طموحًا لتوثيق الحياة اليومية في شوارع لندن. بالتعاون مع الصحفي الاشتراكي أدولف سميث، نشر سلسلة من المقالات المصورة بعنوان “صور من الحياة في لندن” (Street Life in London).
ركزت هذه السلسلة على حياة الفقراء والمهمشين في لندن، بما في ذلك الباعة المتجولين، والعمال، والمتسولين، والمشردين. التقط طومسون صورًا واقعية ومؤثرة لهؤلاء الأفراد، مصحوبة بنصوص كتبها سميث تصف ظروفهم المعيشية وتحدياتهم.
كانت “صور من الحياة في لندن” مشروعًا رائدًا في مجال التصوير الوثائقي الاجتماعي. لقد سلط الضوء على قضايا الفقر وعدم المساواة الاجتماعية في لندن الفكتورية، وأثار نقاشًا عامًا حول كيفية معالجة هذه القضايا.
مساهماته الأخرى
بالإضافة إلى عمله في الصين ولندن، قدم طومسون مساهمات كبيرة في مجالات التصوير الفوتوغرافي والجغرافيا. كان زميلًا في الجمعية الجغرافية الملكية، وقدم العديد من المحاضرات والعروض التقديمية حول رحلاته وتجاربه.
كما قام بتأليف العديد من الكتب والمقالات حول التصوير والجغرافيا، بما في ذلك “الوصف المصور لولاية جوهور” (The Straits of Malacca, Indo-China, and China) و “عبر الصين غير المستكشفة” (Through China with a Camera). ساهمت هذه المنشورات في تعزيز المعرفة العامة حول الثقافات والمناطق التي زارها.
التقنيات التي استخدمها
- عملية الكولوديون الرطب: كان طومسون بارعًا في استخدام عملية الكولوديون الرطب، وهي تقنية تصوير معقدة تتطلب تحضير اللوحة الحساسة للضوء مباشرة قبل التصوير وتطويرها فورًا بعده. سمحت له هذه العملية بإنتاج صور عالية الجودة بتفاصيل دقيقة.
- الطباعة الألبومينية: استخدم طومسون الطباعة الألبومينية لإنتاج نسخ ورقية من صوره. تتضمن هذه العملية استخدام الألبومين (بروتين البيض) لربط الصورة بالورق، مما ينتج عنه صور ذات نغمات دافئة وتفاصيل دقيقة.
- التحسينات الميدانية: غالبًا ما كان طومسون يقوم بتحسينات على معداته وإجراءاته في الميدان للتغلب على التحديات التي يفرضها السفر والتصوير في مواقع نائية. على سبيل المثال، قام بتطوير طرق لحماية معداته من الرطوبة والغبار، وإيجاد حلول مبتكرة لإضاءة المشاهد في ظروف الإضاءة المنخفضة.
التأثير والإرث
كان لعمل جون طومسون تأثير كبير على تطوير التصوير الوثائقي والتصوير الصحفي. لقد ألهم العديد من المصورين الآخرين لتوثيق الحياة اليومية في مختلف أنحاء العالم، ولفت الانتباه إلى القضايا الاجتماعية والإنسانية الهامة.
تُعرض صور طومسون اليوم في العديد من المتاحف والمعارض حول العالم، وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي العالمي. كما أنها تستخدم على نطاق واسع من قبل الباحثين والمؤرخين لفهم الماضي بشكل أفضل.
أعماله الرئيسية
- “الوصف المصور لولاية جوهور” (The Straits of Malacca, Indo-China, and China): مجموعة من الصور والملاحظات حول رحلاته في جنوب شرق آسيا والصين.
- “صور من الحياة في لندن” (Street Life in London): سلسلة من المقالات المصورة التي توثق حياة الفقراء والمهمشين في لندن.
- “عبر الصين غير المستكشفة” (Through China with a Camera): سرد مصور لرحلاته في جميع أنحاء الصين.
- “الصور الفوتوغرافية الصينية” (China and Its People): مجموعة واسعة من الصور التي تصور جوانب مختلفة من الحياة الصينية.
جوائز وتكريمات
- زميل الجمعية الجغرافية الملكية (FRGS)
خاتمة
جون طومسون كان مصورًا رائدًا ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ التصوير. من خلال عمله الرائد في توثيق شعوب وثقافات الشرق الأقصى والحياة اليومية في شوارع لندن، قدم مساهمات كبيرة في مجالات التصوير الوثائقي والتصوير الصحفي. لا تزال صوره تلهم وتثري فهمنا للعالم من حولنا.