نشأته وتعليمه
ولد فرانك ساندفورد في باولينغ، ويسكونسن، ونشأ في بيئة دينية متشددة. تلقى تعليمه في المدارس المحلية قبل أن يلتحق بكلية بيتس في لويستون، مين. خلال فترة وجوده في الكلية، أصبح ساندفورد مهتمًا بشكل متزايد بالدين والروحانية، وبدأ في تطوير تفسيره الخاص للكتاب المقدس. بعد تخرجه، عمل ساندفورد كمعلم وواعظ متجول، وسرعان ما اكتسب سمعة طيبة كمتحدث متحمس ومقنع.
تأسيس مدرسة شيلوه للكتاب المقدس
في عام 1893، أسس ساندفورد “مدرسة الكتاب المقدس المقدسة” في شيلوه، مين. كانت المدرسة تهدف إلى تدريب المبشرين والقادة الدينيين على نشر رسالة الإنجيل في جميع أنحاء العالم. جذبت شيلوه بسرعة أتباعًا مخلصين، بمن فيهم الشباب والعائلات الذين انجذبوا إلى رؤية ساندفورد لمجتمع مسيحي مثالي. ومع ذلك، سرعان ما بدأت تظهر تقارير عن ممارسات وتعليمات غير تقليدية في المدرسة.
التعليمات والممارسات
أكد ساندفورد على التفسير الحرفي للكتاب المقدس، ودعا إلى الطاعة المطلقة لقائده الروحي، أي نفسه. اعتقد أن الله يتحدث إليه مباشرة وأنه هو الوسيط الوحيد بين الله وأتباعه. فرض ساندفورد نظامًا صارمًا على طلابه، حيث تم تحديد كل جانب من جوانب حياتهم بدقة. تم حظر الترفيه والتسلية، وكان على الطلاب قضاء معظم وقتهم في الصلاة والدراسة والعمل.
تضمنت بعض الممارسات الأكثر إثارة للجدل في شيلوه ما يلي:
- الصيام المطول: كان يُطلب من الطلاب الصيام لفترات طويلة، غالبًا ما تصل إلى عدة أيام في المرة الواحدة. كان يُعتقد أن الصيام يساعد على تنقية الجسد وتقريب الطلاب من الله.
- العلاج بالإيمان: حظر ساندفورد على الطلاب طلب العناية الطبية، معتقدًا أن الله قادر على شفاء جميع الأمراض. توفي العديد من الطلاب بسبب أمراض كان من الممكن علاجها بسهولة بالعلاج الطبي.
- الأشغال الشاقة: كان يُطلب من الطلاب العمل لساعات طويلة في المزرعة والمطبعة التابعة لشيلوه. غالبًا ما كانت ظروف العمل خطيرة، وتعرض العديد من الطلاب للإصابة.
- الفصل بين العائلات: تم فصل الأزواج والأطفال عن بعضهم البعض، معتقدًا أن العلاقات الأسرية تعيق النمو الروحي.
الانتقادات والجدل
أثارت ممارسات وتعليمات ساندفورد انتقادات واسعة النطاق من قبل القادة الدينيين والصحفيين والجمهور. اتهم ساندفورد بالإساءة إلى أتباعه واستغلالهم، وتعريض حياتهم للخطر. أجرى العديد من الصحف تحقيقات استقصائية في شيلوه، وكشفت عن تفاصيل مروعة عن سوء المعاملة والإهمال.
في عام 1904، وجهت إلى ساندفورد تهمة القتل غير العمد في وفاة طفل صغير كان يعاني من مرض السكري وتوفي بعد أن رفض ساندفورد السماح له بتلقي العلاج الطبي. تمت تبرئة ساندفورد في المحاكمة، لكن القضية أضرت بسمعته بشكل كبير.
رحلة اليخت “المملكة” ومأساة الوفاة
في عام 1911، قاد ساندفورد مجموعة من أتباعه في رحلة تبشيرية على متن يخت فاخر اسمه “المملكة”. كانت الرحلة تهدف إلى نشر رسالة الإنجيل في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، سرعان ما تحولت الرحلة إلى كارثة. بسبب سوء التخطيط ونقص الإمدادات، عانى الركاب من الجوع والمرض. توفي ستة أشخاص خلال الرحلة، بمن فيهم طفلان.
عند عودة “المملكة” إلى الولايات المتحدة، وجهت إلى ساندفورد تهمة القتل غير العمد في وفاة الركاب. أدين ساندفورد وحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات. أطلق سراحه بعد قضاء ثلاث سنوات في السجن.
سنواته الأخيرة وإرثه
بعد إطلاق سراحه من السجن، حاول ساندفورد إعادة بناء مدرسته في شيلوه، لكنه لم يتمكن أبدًا من استعادة نفوذه السابق. توفي ساندفورد في عام 1948 عن عمر يناهز 85 عامًا. لا يزال إرثه مثيرًا للجدل. يرى البعض فيه زعيمًا دينيًا كاريزميًا ومخلصًا، بينما يرى فيه آخرون محتالًا ومستغلًا.
تعتبر قصة فرانك ساندفورد بمثابة تذكير بمخاطر التعصب الديني والطاعة العمياء. كما أنها تسلط الضوء على أهمية التفكير النقدي والشك في السلطة.
تأثير ساندفورد على الحركات الدينية
على الرغم من الجدل الذي أثاره، كان لفرانك ساندفورد تأثير كبير على بعض الحركات الدينية اللاحقة، خاصة تلك التي تؤكد على التفسير الحرفي للكتاب المقدس والسلطة المطلقة للقائد الروحي. بعض المجموعات الدينية التي تأثرت بأفكاره واجهت أيضًا انتقادات مماثلة بسبب ممارساتها غير التقليدية وسيطرتها الشديدة على أتباعها. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن العديد من الحركات الدينية التي تؤمن بالتفسير الحرفي للكتاب المقدس لا تشارك بالضرورة في الممارسات المسيئة التي ارتبطت بساندفورد.
دروس مستفادة من قصة فرانك ساندفورد
تقدم قصة فرانك ساندفورد دروسًا قيمة حول السلطة والقيادة الدينية والتفسير النقدي للنصوص الدينية. من الضروري أن يكون الأفراد قادرين على التفكير بشكل مستقل وتقييم ادعاءات السلطة بعقلانية، حتى عندما تأتي من قادة دينيين يتمتعون بشخصية كاريزمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمعات أن تكون حذرة من المجموعات التي تمارس سيطرة مفرطة على أتباعها أو تعزلهم عن العالم الخارجي.
خاتمة
كان فرانك ساندفورد شخصية مثيرة للجدل في تاريخ الدين في الولايات المتحدة. أسس مدرسة الكتاب المقدس في شيلوه، والتي جذبت أتباعًا مخلصين ولكنها أثارت أيضًا انتقادات واسعة النطاق بسبب ممارساتها وتعليماتها غير التقليدية. على الرغم من أن ساندفورد كان يتمتع بشخصية كاريزمية ومؤثرة، إلا أن أساليبه غالبًا ما كانت قمعية وخطيرة. تعتبر قصته بمثابة تذكير بمخاطر التعصب الديني والطاعة العمياء، وأهمية التفكير النقدي والشك في السلطة.