مقدمة
أليساندرو روميو براغاتو (Alessandro Romeo Bragato) (1859-1913) شخصية بارزة لعبت دورًا محوريًا في تطوير صناعة النبيذ في كل من أستراليا ونيوزيلندا. لم يكن مجرد خبير في زراعة الكروم، بل كان أيضًا مستشارًا زراعيًا حكوميًا، ومبشرًا متحمسًا لتحسين جودة النبيذ وتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة. ساهمت رؤيته وجهوده الدؤوبة في تشكيل صناعة النبيذ في هذه البلدان، وترك إرثًا لا يزال محسوسًا حتى اليوم.
نشأته وحياته المبكرة
ولد روميو براغاتو في مقاطعة فينيتو بإيطاليا عام 1859، وهي منطقة معروفة بتقاليدها الغنية في زراعة الكروم وصناعة النبيذ. نشأ في بيئة مشبعة بهذه الثقافة، مما أثار فيه شغفًا مبكرًا بزراعة الكروم وإنتاج النبيذ. تلقى تعليمه في مدرسة Conegliano للفاكهة والنبيذ، وهي مؤسسة مرموقة في إيطاليا، حيث اكتسب معرفة متعمقة في جميع جوانب زراعة الكروم، بدءًا من اختيار الأصناف المناسبة وصولًا إلى عمليات التخمير والتعتيق. هذه الخلفية الأكاديمية القوية، إلى جانب حبه الفطري للنبيذ، شكلت الأساس لمسيرته المهنية اللامعة.
الهجرة إلى أستراليا
في عام 1882، هاجر براغاتو إلى أستراليا، مدفوعًا بروح المغامرة والرغبة في استكشاف فرص جديدة في عالم صناعة النبيذ. سرعان ما وجد عملًا في ولاية فيكتوريا، التي كانت آنذاك مركزًا مزدهرًا لإنتاج النبيذ في أستراليا. عمل في البداية كمدير لعدد من مزارع الكروم البارزة، حيث طبق معرفته ومهاراته لتحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية. أثبت براغاتو نفسه سريعًا كخبير كفء ومبتكر في مجال زراعة الكروم، مما привлек внимание المسؤولين الحكوميين والمنتجين على حد سواء.
دوره كمستشار زراعي حكومي
نظرًا لخبرته المتزايدة وسمعته الطيبة، تم تعيين براغاتو في منصب مستشار زراعي حكومي لولاية فيكتوريا في أواخر القرن التاسع عشر. كان هذا التعيين نقطة تحول حاسمة في مسيرته المهنية، حيث منحه منصة أوسع للتأثير على صناعة النبيذ بأكملها. سافر براغاتو على نطاق واسع في جميع أنحاء الولاية، وقدم المشورة والإرشاد للمزارعين حول مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك اختيار الأصناف المناسبة، ومكافحة الآفات والأمراض، وتحسين ممارسات الري والتسميد. كان يؤمن إيمانًا راسخًا بأهمية البحث العلمي والتجريب في تطوير صناعة النبيذ، وشجع المزارعين على تبني تقنيات جديدة ومبتكرة.
مكافحة مرض الفيلوكسيرا
واجهت صناعة النبيذ الأسترالية في أواخر القرن التاسع عشر تحديًا كبيرًا بسبب انتشار مرض الفيلوكسيرا، وهو مرض مدمر يصيب جذور الكروم. لعب براغاتو دورًا حاسمًا في مكافحة هذا المرض، حيث قام بتوعية المزارعين حول كيفية التعرف على العلامات المبكرة للإصابة واتخاذ التدابير اللازمة للحد من انتشاره. كما روج لاستخدام الأصول المقاومة للفيلوكسيرا، وهي عبارة عن جذور كروم أمريكية مقاومة للمرض يتم تطعيمها بأصناف العنب الأوروبية المرغوبة. ساهمت جهود براغاتو في إنقاذ العديد من مزارع الكروم من الدمار وضمان استمرار صناعة النبيذ الأسترالية.
الترويج لأصناف العنب عالية الجودة
كان براغاتو مدافعًا قويًا عن زراعة أصناف العنب عالية الجودة في أستراليا. كان يعتقد أن اختيار الأصناف المناسبة هو مفتاح إنتاج نبيذ ممتاز يمكنه المنافسة على المستوى الدولي. قام براغاتو باستيراد مجموعة متنوعة من الأصناف الأوروبية إلى أستراليا، وقام بتجربتها لتحديد أيها الأنسب للظروف المناخية والتربة المحلية. كما شجع المزارعين على التخلي عن الأصناف ذات الجودة المنخفضة واستبدالها بأصناف أفضل، مما ساهم في تحسين جودة النبيذ الأسترالي بشكل عام.
العمل في نيوزيلندا
في عام 1902، انتقل براغاتو إلى نيوزيلندا بناءً على دعوة من الحكومة النيوزيلندية لتقديم خبرته في تطوير صناعة النبيذ في البلاد. شغل منصب خبير الكروم الحكومي، وقدم المشورة والإرشاد للمزارعين في جميع أنحاء نيوزيلندا. لعب براغاتو دورًا حاسمًا في تحديد المناطق المناسبة لزراعة الكروم وفي الترويج لزراعة الأصناف المناسبة لكل منطقة. كما قام بتدريب المزارعين على أفضل الممارسات في زراعة الكروم وإنتاج النبيذ، مما ساهم في تحسين جودة النبيذ النيوزيلندي وزيادة إنتاجه.
تأثيره على صناعة النبيذ النيوزيلندية
كان لروميو براغاتو تأثير عميق على صناعة النبيذ النيوزيلندية. ساهمت خبرته وتفانيه في تحويل صناعة النبيذ في نيوزيلندا من صناعة صغيرة وغير متطورة إلى صناعة مزدهرة ومعترف بها دوليًا. قام براغاتو بتحديد المناطق الواعدة لزراعة الكروم، مثل منطقة مارلبورو، التي أصبحت الآن مشهورة عالميًا بإنتاج نبيذ Sauvignon Blanc عالي الجودة. كما شجع المزارعين على تبني تقنيات جديدة ومبتكرة، مثل استخدام التخمير البارد لإنتاج نبيذ أكثر نضارة وأكثر فاكهية. يعتبر براغاتو على نطاق واسع أحد الآباء المؤسسين لصناعة النبيذ النيوزيلندية الحديثة.
إرثه
توفي روميو براغاتو في عام 1913، لكن إرثه لا يزال حيًا حتى اليوم. يعتبر على نطاق واسع شخصية رائدة في تطوير صناعة النبيذ في كل من أستراليا ونيوزيلندا. ساهمت رؤيته وجهوده الدؤوبة في تحسين جودة النبيذ وتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة. لا تزال كتاباته وتقاريره تستخدم كمرجع قيم للمزارعين وصانعي النبيذ في جميع أنحاء العالم. تم تسمية العديد من مزارع الكروم والنبيذ تكريما له، مما يدل على التقدير الدائم لإسهاماته في صناعة النبيذ.
أهم مؤلفاته
- Report on the vineyards of Victoria: تقرير عن مزارع الكروم في ولاية فيكتوريا، وهو تقرير شامل يصف حالة صناعة النبيذ في ولاية فيكتوريا في أواخر القرن التاسع عشر.
- Viticulture in New Zealand: زراعة الكروم في نيوزيلندا، وهو دليل عملي للمزارعين حول كيفية زراعة الكروم وإنتاج النبيذ في نيوزيلندا.
- Numerous articles in agricultural journals: العديد من المقالات في المجلات الزراعية، حيث نشر براغاتو العديد من المقالات في المجلات الزراعية حول مجموعة متنوعة من الموضوعات المتعلقة بزراعة الكروم وإنتاج النبيذ.
تقدير المجتمع
يُذكر روميو براغاتو باحترام وتقدير كبيرين في مجتمعات صناعة النبيذ في أستراليا ونيوزيلندا. تم تكريمه بعدة طرق، بما في ذلك:
- Bragato Research Institute: معهد براغاتو للأبحاث، وهو معهد أبحاث مخصص لدراسة زراعة الكروم وإنتاج النبيذ في نيوزيلندا.
- Bragato Wine Awards: جوائز براغاتو للنبيذ، وهي مسابقة نبيذ سنوية تكرم أفضل أنواع النبيذ النيوزيلندية.
- Numerous vineyards and wines named after him: العديد من مزارع الكروم وأنواع النبيذ التي سميت باسمه، وهي شهادة على تأثيره الدائم على صناعة النبيذ.
خاتمة
كان أليساندرو روميو براغاتو شخصية استثنائية تركت بصمة لا تُمحى على صناعة النبيذ في أستراليا ونيوزيلندا. من خلال خبرته ومعرفته وتفانيه، ساهم في تحسين جودة النبيذ وتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة. يُذكر براغاتو كواحد من الرواد الذين ساهموا في تشكيل صناعة النبيذ الحديثة في هذه البلدان، وسيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من المزارعين وصانعي النبيذ.