أصول المفهوم
تعود جذور فكرة التجديد المفترض إلى اللاهوت الإصلاحي، وخاصة أعمال اللاهوتي الهولندي أبراهام كايبر. كان كايبر شخصية مؤثرة في اللاهوت والسياسة في هولندا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. لقد دعا إلى رؤية شاملة للمسيحية تؤثر في جميع جوانب الحياة، من الكنيسة إلى الدولة، ومن التعليم إلى الثقافة.
في سياق اللاهوت المتعلق بالأطفال، جادل كايبر بأنه نظرًا لأن الأطفال المولودين لآباء مسيحيين يولدون داخل عهد نعمة الله، يجب افتراض أنهم مجددون. وهذا لا يعني أنهم يخلصون تلقائيًا، بل يعني أنه يجب تربيتهم وتعليمهم كأفراد داخل العهد، مع توقع أنهم سيختبرون التجديد الحقيقي في حياتهم.
المبادئ الأساسية للتجديد المفترض
يقوم مفهوم التجديد المفترض على عدة مبادئ لاهوتية أساسية:
- عهد النعمة: يؤكد هذا المبدأ أن الله يدخل في علاقة عهد مع المؤمنين وأبنائهم. هذا العهد ليس مجرد اتفاق قانوني، بل هو علاقة محبة ونعمة.
- الوعد لأبناء المؤمنين: يؤمن أصحاب هذا المفهوم أن وعود العهد تمتد إلى أبناء المؤمنين. وهذا لا يضمن خلاصهم تلقائيًا، بل يعني أنهم يتمتعون بوضع متميز في نظر الله.
- أهمية التنشئة المسيحية: يؤكد التجديد المفترض على أهمية تربية الأطفال في بيئة مسيحية. يجب تعليمهم الكتاب المقدس، وحضور الكنيسة، وتشجيعهم على الثقة بيسوع المسيح.
- الحاجة إلى الإيمان الشخصي: على الرغم من أن الأطفال قد يُعاملون على أنهم مجددون، إلا أنهم في النهاية بحاجة إلى ممارسة إيمانهم الشخصي بالمسيح. التجديد المفترض ليس بديلاً عن الإيمان الحقيقي.
التأثيرات العملية للتجديد المفترض
للتجديد المفترض آثار عملية كبيرة على كيفية معاملة الأطفال في المجتمع المسيحي:
- التعليم: يجب أن يتلقى الأطفال تعليمًا مسيحيًا يساعدهم على فهم الكتاب المقدس وتطبيقه في حياتهم.
- العبادة: يجب أن يشارك الأطفال في العبادة الكنسية وأن يتعلموا كيفية عبادة الله بقلوبهم وعقولهم.
- الانضباط: يجب أن يخضع الأطفال للانضباط المحب الذي يهدف إلى تصحيحهم وتوجيههم نحو البر.
- التوقع: يجب أن يعامل الأطفال بتوقع أنهم سيختبرون التجديد الحقيقي ويتبعون المسيح.
انتقادات للتجديد المفترض
على الرغم من أن مفهوم التجديد المفترض له العديد من المؤيدين، إلا أنه تعرض أيضًا لبعض الانتقادات:
- الخلاص التلقائي: يخشى بعض النقاد من أن التجديد المفترض قد يؤدي إلى الاعتقاد بأن الأطفال سيخلصون تلقائيًا، بغض النظر عن إيمانهم الشخصي.
- الغطرسة: يخشى آخرون من أن التجديد المفترض قد يؤدي إلى الغطرسة، حيث يفترض الآباء المسيحيون أن أطفالهم أفضل من أطفال غير المؤمنين.
- صعوبة التطبيق: يجد بعض الناس صعوبة في تطبيق التجديد المفترض عمليًا. كيف يجب أن نعامل الأطفال الذين لا يظهرون أي دليل على الإيمان؟
دفاع عن التجديد المفترض
يدافع مؤيدو التجديد المفترض عن هذا المفهوم من خلال التأكيد على أنه لا يعني الخلاص التلقائي أو الغطرسة. بل هو دعوة لتربية الأطفال في بيئة مسيحية مع توقع أنهم سيختبرون التجديد الحقيقي. كما يؤكدون على أهمية التمييز بين التجديد المفترض والتجديد الحقيقي.
يجادل المؤيدون بأن التجديد المفترض يوفر إطارًا لاهوتيًا متينًا لفهم كيفية معاملة الأطفال في المجتمع المسيحي. إنه يؤكد على أهمية العهد، ووعود الله لأبناء المؤمنين، وأهمية التنشئة المسيحية.
التجديد الفعلي مقابل التجديد المفترض
من المهم التمييز بين التجديد الفعلي والتجديد المفترض. التجديد الفعلي هو عمل الله الذي يولدنا من جديد روحيًا ويمنحنا حياة جديدة في المسيح. التجديد المفترض هو مجرد طريقة للتعامل مع الأطفال الذين لم يظهروا بعد علامات واضحة على التجديد الفعلي.
لا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين ما إذا كان الطفل قد تم تجديده حقًا حتى يظهر دليل على ذلك في حياته. ومع ذلك، يمكننا أن نعاملهم على أنهم مجددون ونربيهم في بيئة مسيحية مع توقع أنهم سيختبرون التجديد الحقيقي.
خاتمة
التجديد المفترض هو مفهوم لاهوتي معقد له آثار عملية كبيرة على كيفية معاملة الأطفال في المجتمع المسيحي. إنه يدعونا إلى تربية الأطفال في بيئة مسيحية مع توقع أنهم سيختبرون التجديد الحقيقي. على الرغم من وجود بعض الانتقادات لهذا المفهوم، إلا أنه يوفر إطارًا لاهوتيًا متينًا لفهم كيفية معاملة الأطفال في المجتمع المسيحي. يجب أن نسعى جاهدين لتطبيق هذا المفهوم بحكمة ومحبة، مع إدراك أن الله وحده هو الذي يقدر على تجديد القلوب.