نشأته وتعليمه
ولد تريفور بنش في إنجلترا عام 1952. تلقى تعليمه في جامعة باث، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء عام 1973. ثم انتقل إلى جامعة سيتي لندن، حيث حصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع عام 1981. كانت أطروحته للدكتوراه، بعنوان “المواجهة والاتفاق: نحو تحليل سوسيولوجي للمعرفة العلمية”، بمثابة الأساس لعمله اللاحق في مجال دراسات العلوم والتكنولوجيا.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه، عمل بنش باحثًا في جامعة باث. في عام 1987، انضم إلى جامعة يورك، حيث عمل محاضرًا ثم أستاذًا في علم الاجتماع. في عام 2002، انتقل إلى جامعة كورنيل، حيث شغل منصب رئيس قسم العلوم والتكنولوجيا حتى وفاته في عام 2021.
خلال مسيرته المهنية، شغل بنش مناصب زائرة في العديد من المؤسسات المرموقة، بما في ذلك جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وجامعة فيينا، وجامعة أكسفورد. كما شغل منصب رئيس جمعية دراسات العلوم الاجتماعية (4S).
مساهماته في دراسات العلوم والتكنولوجيا
كان تريفور بنش شخصية رائدة في مجال دراسات العلوم والتكنولوجيا. تشتهر أعماله بشكل خاص بمساهماته في البناء الاجتماعي للتكنولوجيا (SCOT)، وهو نهج نظري يؤكد على أن التكنولوجيا لا تتطور بطريقة حتمية، ولكنها تتشكل بدلاً من ذلك من خلال العمليات الاجتماعية والثقافية.
جادل بنش بأن فهم التكنولوجيا يتطلب فحص السياق الاجتماعي الذي يتم تطويرها واستخدامها فيه. أكد على أهمية النظر في وجهات نظر مختلف المجموعات ذات الصلة، بما في ذلك المهندسين والمصممين والمستخدمين والجمهور، لفهم كيفية تشكيل التكنولوجيا وتشكيلها.
من أبرز مساهمات بنش في SCOT هو تحليله للدراجة الهوائية المبكرة. في كتابه “البناء الاجتماعي للحقائق والتحف: أو كيف فازت سيارة الدفع العالي”، بالاشتراك مع ويبي بيكر، أظهر بنش كيف تم تشكيل تصميم الدراجة الهوائية من خلال التفاعلات بين مختلف المجموعات الاجتماعية، مثل الدراجين الرياضيين والركاب العاديين والنساء. وأظهر كيف أدت هذه التفاعلات إلى تصميم الدراجة الهوائية ذات العجلة الكبيرة، والتي كانت تعتبر في ذلك الوقت رمزًا للتقدم التكنولوجي، ولكنها أصبحت في النهاية قديمة الطراز بسبب ظهور الدراجة الهوائية الآمنة.
بالإضافة إلى عمله في SCOT، ساهم بنش أيضًا في دراسة العلم. استكشف في أبحاثه العلاقة بين المعرفة العلمية والسياق الاجتماعي الذي يتم إنتاجها فيه. جادل بأنه لا ينبغي اعتبار المعرفة العلمية مجموعة من الحقائق الموضوعية، ولكن يجب فهمها على أنها مبنية اجتماعيًا وتعكس قيم واهتمامات العلماء والمجتمع الأوسع.
أعماله الأخرى
بالإضافة إلى مساهماته في دراسات العلوم والتكنولوجيا، كان بنش أيضًا عازف موسيقى موهوبًا. كان يعزف على آلة المزج وكان عضوًا في عدة فرق موسيقية. استكشف في أبحاثه العلاقة بين التكنولوجيا والموسيقى، وكتب على نطاق واسع حول تاريخ وتطور الموسيقى الإلكترونية.
كان بنش أيضًا مؤلفًا غزير الإنتاج. كتب أو شارك في تأليف العديد من الكتب والمقالات حول مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك دراسات العلوم والتكنولوجيا وعلم الاجتماع والموسيقى. تشمل بعض أعماله البارزة:
- “المواجهة والاتفاق: نحو تحليل سوسيولوجي للمعرفة العلمية” (1986)
- “البناء الاجتماعي للحقائق والتحف: أو كيف فازت سيارة الدفع العالي” (بالاشتراك مع ويبي بيكر، 1989)
- “المزج، الكمبيوتر والموسيقى الشعبية” (بالاشتراك مع فرانك ترو إيجنولف، 2003)
- “كيف يصنع الفيزيائيون الشمس: البناء الاجتماعي للمعرفة خلال مشروع علمي كبير” (بالاشتراك مع هاري كولينز ومارتن أوسبورن، 2007)
إرثه وتأثيره
كان تريفور بنش شخصية مؤثرة في مجال دراسات العلوم والتكنولوجيا. كان لعمله تأثير عميق على الطريقة التي نفكر بها في العلاقة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع. لقد ألهم أجيالًا من العلماء والباحثين، وسيستمر إرثه في تشكيل هذا المجال لسنوات قادمة.
توفي تريفور بنش في 16 ديسمبر 2021، عن عمر يناهز 69 عامًا. ترك وراءه زوجته وأطفاله وأصدقائه وزملائه، بالإضافة إلى إرث فكري غني سيستمر في إلهام الأجيال القادمة من الباحثين في مجال دراسات العلوم والتكنولوجيا.
كان بنش معروفًا أيضًا بحسه الفكاهي وشخصيته الدافئة والكاريزمية. كان معلمًا ومرشدًا محبوبًا، وكان دائمًا على استعداد لتقديم الدعم والمشورة لطلابه وزملائه. سيفتقده كثيرًا كل من عرفه.
أهميته في مجال علم الاجتماع
بصرف النظر عن مساهماته المباشرة في دراسات العلوم والتكنولوجيا، لعب تريفور بنش دورًا هامًا في تطوير علم الاجتماع ككل. من خلال تركيزه على البناء الاجتماعي للمعرفة والتكنولوجيا، ساهم في توسيع نطاق علم الاجتماع ليشمل دراسة العمليات الاجتماعية التي تشكل فهمنا للعالم من حولنا.
ساعد عمله على تسليط الضوء على أهمية السياق الاجتماعي والثقافي في تشكيل المعرفة والتكنولوجيا. كما ساهم في تطوير مناهج جديدة للبحث الاجتماعي، مثل دراسات الحالة الإثنوغرافية وتحليل الخطاب.
علاوة على ذلك، كان بنش مدافعًا قويًا عن أهمية البحث متعدد التخصصات. شجع الباحثين على التعاون عبر التخصصات المختلفة لفهم المشكلات المعقدة بشكل أفضل. لقد آمن بأن الجمع بين وجهات نظر مختلفة يمكن أن يؤدي إلى رؤى جديدة واكتشافات مبتكرة.
مثال على تطبيق نظرياته
لنفترض أننا ندرس انتشار استخدام السيارات الكهربائية. من خلال عدسة تريفور بنش، لن نركز فقط على الكفاءة التقنية للسيارات الكهربائية أو فوائدها البيئية. بدلاً من ذلك، سوف ندرس كيف تتشكل عملية تبني هذه التكنولوجيا من خلال التفاعلات بين مختلف المجموعات الاجتماعية.
قد ننظر في دور صانعي السيارات في تصميم وإنتاج السيارات الكهربائية، وكيف يستجيبون لطلبات المستهلكين واللوائح الحكومية. قد ندرس أيضًا تأثير مجموعات الضغط البيئية في الترويج للسيارات الكهربائية ورفع مستوى الوعي حول تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، قد نحلل كيف تؤثر السياسات الحكومية، مثل الإعفاءات الضريبية والإعانات، على قدرة المستهلكين على شراء السيارات الكهربائية.
من خلال فحص هذه التفاعلات المعقدة، يمكننا الحصول على فهم أعمق للعوامل التي تؤثر على انتشار السيارات الكهربائية وكيف يمكننا تسريع عملية الانتقال إلى مستقبل نقل مستدام.
خاتمة
كان تريفور بنش عالمًا اجتماعًا بارزًا وعالمًا رائدًا في مجال دراسات العلوم والتكنولوجيا. ساهم عمله في تشكيل فهمنا للعلاقة المعقدة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع. من خلال تركيزه على البناء الاجتماعي للمعرفة والتكنولوجيا، ساعد على تسليط الضوء على أهمية السياق الاجتماعي والثقافي في تشكيل فهمنا للعالم من حولنا. سيستمر إرثه في إلهام الأجيال القادمة من العلماء والباحثين.