<![CDATA[
مقدمة
بيري إدوارد سميث (27 أكتوبر 1928 – 14 أبريل 1965) كان أحد مجرمين محترفين اثنين أدينا بقتل أربعة أفراد من عائلة كلاتر في هولكومب، كانساس، في 15 نوفمبر 1959. وقد أدت جريمته إلى كتابة رواية “بدم بارد” للكاتب ترومان كابوتي.
نشأته وحياته المبكرة
ولد بيري إدوارد سميث في مدينة جونوكو، نيفادا، وهو الابن الثاني لفلورنس “فلور” بوكوكر، وهي من أصول أيرلندية أمريكية، وجون “تيك” سميث، وهو أمريكي أبيض من أصول جزئية من قبيلة الشيروكي. انفصل والداه عندما كان بيري طفلاً، وقضى جزءًا كبيرًا من طفولته في دور الأيتام والملاجئ. عانى بيري من سوء المعاملة والإهمال خلال طفولته، مما أثر سلبًا على شخصيته وحياته لاحقًا.
لم يحظَ بيري بتعليم نظامي جيد، وكان يعاني من صعوبات في القراءة والكتابة. انضم إلى البحرية التجارية في شبابه، لكنه سرعان ما تركها. بعد ذلك، انخرط في سلسلة من الأعمال الإجرامية الصغيرة، بما في ذلك السرقة والاحتيال. قاده هذا النمط من السلوك في النهاية إلى السجن.
تورطه في جريمة قتل عائلة كلاتر
في عام 1959، التقى بيري بسميث ريتشارد “ديك” هيكوك في سجن ولاية كانساس. كان هيكوك مجرمًا محترفًا آخر، وسرعان ما أصبح الاثنان شريكين. بعد إطلاق سراحهما من السجن، خطط هيكوك لسرقة مزرعة عائلة كلاتر، معتقدًا أنهم يحتفظون بكمية كبيرة من المال في منزلهم. أقنع هيكوك سميث بالمشاركة في الجريمة.
في ليلة 15 نوفمبر 1959، اقتحم سميث وهيكوك منزل عائلة كلاتر وقتلوا أربعة أفراد من العائلة: هيربرت كلاتر، وزوجته بوني، وابنتهما نانسي، وابنهما كينيون. لم يعثر سميث وهيكوك على المال الذي كانا يبحثان عنه، وغادرا المنزل بعد ارتكاب الجريمة.
بعد جريمة القتل، هرب سميث وهيكوك عبر الولايات المتحدة والمكسيك، محاولين تجنب القبض عليهما. تمكنا من البقاء هاربين لعدة أسابيع قبل أن يتم القبض عليهما في لاس فيغاس، نيفادا.
المحاكمة والإدانة
تمت محاكمة سميث وهيكوك بتهمة قتل عائلة كلاتر في عام 1960. كانت المحاكمة قضية إعلامية كبيرة، واهتم بها الناس في جميع أنحاء البلاد. قدم الادعاء أدلة دامغة ضد سميث وهيكوك، بما في ذلك اعترافاتهما بالجريمة. حاول محامو الدفاع عن سميث وهيكوك إثبات أنهما غير مسؤولين جنائيًا بسبب مشاكل عقلية، لكن المحكمة رفضت هذا الدفاع.
أدين سميث وهيكوك بقتل عائلة كلاتر وحُكم عليهما بالإعدام. تم تأييد الإدانات والأحكام في الاستئناف، وتم إعدام سميث وهيكوك شنقًا في 14 أبريل 1965.
دور ترومان كابوتي وكتاب “بدم بارد”
خلال فترة المحاكمة، قام الكاتب ترومان كابوتي بتغطية القضية وتوثيقها. أجرى كابوتي مقابلات مع سميث وهيكوك، بالإضافة إلى أفراد من عائلة كلاتر وغيرهم من الأشخاص المرتبطين بالقضية. استغرق كابوتي ست سنوات لكتابة كتابه “بدم بارد”، والذي نُشر عام 1966. يعتبر الكتاب عملاً رائدًا في مجال الروايات الواقعية، وقد حقق نجاحًا تجاريًا ونقديًا كبيرًا.
أثار كتاب “بدم بارد” جدلاً كبيرًا حول أخلاقيات الصحافة ودقة الحقائق. اتهم بعض النقاد كابوتي بتجميل الحقائق وتصوير سميث وهيكوك بطريقة متعاطفة للغاية. ومع ذلك، أشاد آخرون بالكتاب باعتباره تحفة فنية وشهادة قوية على العنف في المجتمع الأمريكي.
تأثير بيري سميث على الثقافة الشعبية:
- الروايات والأفلام: ألهمت قصة بيري سميث العديد من الأعمال الروائية والسينمائية، بما في ذلك فيلم “Capote” عام 2005 وفيلم “Infamous” عام 2006.
- الدراسات النفسية: تم استخدام شخصية بيري سميث كدراسة حالة في علم النفس الجنائي لفهم دوافع المجرمين وتأثير الطفولة المؤلمة على السلوك الإجرامي.
- المناقشات الاجتماعية: أثارت القضية نقاشات واسعة حول عقوبة الإعدام، والعدالة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على الجريمة.
تحليل لشخصية بيري سميث
كان بيري سميث شخصية معقدة ومضطربة. عانى من طفولة مؤلمة أثرت بشدة على تطوره النفسي. كان سميث يعاني من تدني احترام الذات والشعور بالعزلة والوحدة. كان لديه أيضًا تاريخ من المشاكل العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق. يُعتقد أن هذه العوامل مجتمعة ساهمت في تورطه في جريمة قتل عائلة كلاتر.
وصفه ترومان كابوتي بأنه “شخص حساس وفنان موهوب كان ضحية لظروفه”. وعلى الرغم من إدانته بجريمة قتل بشعة، إلا أن الكتاب يظهر تعاطفًا مع سميث، مشيرًا إلى العوامل التي ساهمت في تحوله إلى مجرم.
نقاط رئيسية حول شخصية بيري سميث:
- الطفولة المؤلمة: سوء المعاملة والإهمال في دور الأيتام والملاجئ.
- المشاكل العقلية: الاكتئاب والقلق وتدني احترام الذات.
- الشعور بالعزلة: صعوبة التواصل مع الآخرين والشعور بالوحدة.
- الطموحات الفنية: كان يحلم بأن يصبح مغنيًا وراقصًا، لكنه لم يتمكن من تحقيق طموحاته بسبب ظروفه.
الجدل الدائر حول “بدم بارد”
على الرغم من نجاح كتاب “بدم بارد”، إلا أنه أثار جدلاً واسعًا حول دقة المعلومات التي قدمها ترومان كابوتي. اتهمه البعض بتجميل الحقائق وتصوير بيري سميث بطريقة متعاطفة للغاية، مما أثر على الرأي العام حول القضية. دافع كابوتي عن عمله، مؤكدًا أنه استند إلى مقابلات ووثائق حقيقية.
ومع ذلك، أشار بعض النقاد إلى وجود تناقضات بين رواية كابوتي والحقائق المعروفة عن القضية. على سبيل المثال، زعم كابوتي أن بيري سميث كان نادمًا على قتل عائلة كلاتر، بينما تشير بعض الأدلة إلى أنه كان أكثر قسوة ولامبالاة مما صوره الكتاب.
خاتمة
بيري إدوارد سميث شخصية مثيرة للجدل في تاريخ الجريمة الأمريكية. كان قاتلًا مدانًا، لكن قصته تثير أيضًا أسئلة مهمة حول طبيعة الجريمة والعقاب، وتأثير الطفولة على السلوك، ودور المجتمع في تشكيل الأفراد. ستبقى قصة سميث وكتاب “بدم بارد” موضوعًا للنقاش والتحليل لسنوات عديدة قادمة.