<![CDATA[
مقدمة
ألكسندر سيلكيرك (1676 – 13 ديسمبر 1721) كان قرصانًا اسكتلنديًا وضابطًا في البحرية الملكية قضى أربع سنوات وأربعة أشهر كرجل عالق على جزيرة غير مأهولة في المحيط الهادئ تسمى “Más a Tierra”، والتي أصبحت الآن جزءًا من تشيلي وتسمى “Isla Robinson Crusoe”. قصته ألهمت دانييل ديفو لكتابة روايته الشهيرة “روبنسون كروزو”.
حياته المبكرة
ولد ألكسندر سيلكيرك في لارجو، فايف، اسكتلندا. كان الابن السابع لصانع الأحذية. كان لديه سجل حافل بالمشاكل قبل أن يصبح بحارًا. استدعي أمام الكنيسة بسبب سلوكه غير اللائق في عام 1693، وغاب عن الجلسة وهرب إلى البحر.
مسيرته البحرية
انضم سيلكيرك إلى فريق القرصان الإنجليزي ويليام دامبير في عام 1703، حيث أبحر على متن سفينة تسمى “سينك بورتس”. كانت مهمتهم هي الإغارة على السفن والمستوطنات الإسبانية على طول سواحل أمريكا الجنوبية خلال حرب الخلافة الإسبانية. خلال هذه الفترة، اكتسب سيلكيرك سمعة بأنه ملاح ماهر وشجاع.
الخلاف والإنزال على الجزيرة
بحلول عام 1704، كان سيلكيرك قد بدأ يشعر بالقلق بشأن سلامة “سينك بورتس”. كان يعتقد أن السفينة كانت غير صالحة للإبحار بشكل خطير وغير مجهزة بشكل جيد، وأنه من المرجح أن تغرق. بعد خلاف مع القبطان توماس سترادلينج، طلب سيلكيرك أن يُنزل على الشاطئ في أقرب فرصة.
في أكتوبر 1704، رست “سينك بورتس” في جزيرة “Más a Tierra” غير المأهولة في أرخبيل خوان فرنانديز، على بعد حوالي 670 كيلومترًا (420 ميلًا) قبالة سواحل تشيلي. بناءً على طلبه، تم إنزال سيلكيرك على الجزيرة مع متعلقاته القليلة: مسدس، وفأس، وسكين، وغلاية، وإنجيل، وبعض الأدوات، وكمية صغيرة من التبغ.
بعد إنزاله، سرعان ما ندم سيلكيرك على قراره عندما أدرك أنه تُرك وحيدًا. حاول إقناع القبطان بتغيير رأيه، لكن سترادلينج رفض، وأبحرت “سينك بورتس” بعيدًا.
الحياة على الجزيرة
وجد سيلكيرك نفسه وحيدًا في بيئة قاسية وغير مأهولة. في البداية، عاش بالقرب من الشاطئ، وتناول المحار والبحث عن الطعام في الصخور. لكنه سرعان ما اضطر إلى الانتقال إلى الداخل بسبب تجمع أعداد كبيرة من أسود البحر على الشاطئ خلال موسم التزاوج.
للبقاء على قيد الحياة، اعتمد سيلكيرك على ذكائه وقدرته على التكيف. قام ببناء كوخين صغيرين من الخشب والأعشاب، أحدهما استخدمه كمطبخ والآخر كغرفة نوم. قام بصيد الماعز البري الذي كان منتشرًا في الجزيرة، واستخدم جلدها لصنع الملابس والأحذية. كما زرع بعض الخضروات التي جلبها معه.
واجه سيلكيرك العديد من التحديات خلال فترة وجوده في الجزيرة. كان يعاني من الوحدة واليأس، وغالبًا ما كان يقرأ الإنجيل بصوت عالٍ للراحة. كما كان يعاني من نقص الإمدادات، وكان عليه أن يكون مبتكرًا لإيجاد طرق لتلبية احتياجاته. تعلم كيفية إشعال النار باستخدام الاحتكاك، وصنع سكاكين جديدة من الحديد الذي عثر عليه في صناديق مهجورة.
خلال فترة وجوده في الجزيرة، واجه سيلكيرك أيضًا بعض المخاطر. تعرض للهجوم من قبل الفئران الكبيرة التي كانت منتشرة في الجزيرة، وكان عليه أن يقاتلهم بعصا. كما كاد أن يسقط من جرف أثناء البحث عن الماعز. مرة واحدة على الأقل، طاردته مجموعة من البحارة الإسبان الذين نزلوا على الجزيرة لفترة وجيزة.
الإنقاذ والعودة إلى الوطن
بعد أربع سنوات وأربعة أشهر من العزلة، تم إنقاذ سيلكيرك أخيرًا في 2 فبراير 1709 من قبل سفينة قراصنة إنجليزية أخرى تسمى “ديوك”، بقيادة الكابتن وودز روجرز. كان روجرز مندهشًا من مهارات سيلكيرك وقدرته على البقاء على قيد الحياة، وعينه على الفور ضابطًا في سفينته.
لعب سيلكيرك دورًا حاسمًا في نجاح رحلة “ديوك”. بفضل معرفته الوثيقة بالمنطقة، تمكن من مساعدة روجرز في الإغارة على السفن الإسبانية والاستيلاء عليها. كما ساعد في الحفاظ على صحة الطاقم من خلال توفير الفاكهة والخضروات الطازجة التي كان يزرعها في الجزيرة.
عاد سيلكيرك إلى إنجلترا في عام 1711، وأصبح على الفور شخصية مشهورة. لفتت قصته انتباه دانييل ديفو، الذي استوحى منها لكتابة روايته الشهيرة “روبنسون كروزو” في عام 1719.
حياته اللاحقة وموته
بعد عودته إلى الوطن، وجد سيلكيرك صعوبة في التكيف مع الحياة في المجتمع. تزوج من أرملة بحرية، لكن زواجه لم يدم طويلاً. في عام 1717، عاد إلى البحرية الملكية وعمل كملازم على متن سفينة “إتش إم إس ويموث”.
توفي ألكسندر سيلكيرك في 13 ديسمبر 1721، عن عمر يناهز 45 عامًا، بسبب الحمى الصفراء أثناء وجوده في البحر قبالة سواحل غرب إفريقيا. دُفن في البحر.
إرثه
تعتبر قصة ألكسندر سيلكيرك مثالًا على القدرة على التحمل البشري والقدرة على التكيف. ألهمت قصته الملايين حول العالم، ولا تزال تلهمهم حتى اليوم. رواية “روبنسون كروزو” التي استوحيت من قصته تعتبر من كلاسيكيات الأدب العالمي، وتمت ترجمتها إلى العديد من اللغات.
جزيرة “Más a Tierra” التي قضى فيها سيلكيرك سنواته الأربع بمفرده، أصبحت تعرف الآن باسم “Isla Robinson Crusoe”، وهي وجهة سياحية شهيرة تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. يوجد نصب تذكاري لسيلكيرك على الجزيرة، ويتم الاحتفال بذكراه كل عام من قبل السكان المحليين.
- تعتبر قصة سيلكيرك رمزًا للعزلة والصمود.
- ألهمت العديد من الأعمال الأدبية والفنية.
- تمثل قصة سيلكيرك قوة الروح البشرية.
خاتمة
كان ألكسندر سيلكيرك شخصية فريدة من نوعها في التاريخ. قضى سنوات بمفرده على جزيرة مهجورة، ونجا بفضل ذكائه وقدرته على التكيف. ألهمت قصته دانييل ديفو لكتابة رواية “روبنسون كروزو”، التي أصبحت من كلاسيكيات الأدب العالمي. يظل سيلكيرك رمزًا للعزلة والصمود، وقصته تلهم الملايين حول العالم.