<![CDATA[
مقدمة
اللجنة الملكية لنيوفاوندلاند، أو لجنة أمولري كما عُرفت فيما بعد، كانت لجنة ملكية تأسست في فبراير 1933 من قبل حكومة المملكة المتحدة للتحقيق في الأسباب الكامنة وراء المشاكل الاقتصادية والمالية التي واجهتها دومينيون نيوفاوندلاند. جاء تأسيس اللجنة في أعقاب طلب من حكومة نيوفاوندلاند نفسها، التي كانت تعاني تحت وطأة الديون المتراكمة وتأثيرات الكساد الكبير. كان الهدف الرئيسي للجنة هو تقديم توصيات حول كيفية استعادة الاستقرار المالي والإداري لنيوفاوندلاند.
خلفية تاريخية
نيوفاوندلاند، وهي جزيرة تقع في شمال شرق أمريكا الشمالية، كانت تتمتع بوضع دومينيون مستقلة داخل الإمبراطورية البريطانية منذ عام 1907. اقتصادها كان يعتمد بشكل كبير على صيد الأسماك، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الأخرى مثل قطع الأخشاب والتعدين. ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير على مورد واحد (الأسماك) جعلها عرضة للصدمات الاقتصادية الخارجية. تسببت الحرب العالمية الأولى في تراكم ديون كبيرة على نيوفاوندلاند، حيث استثمرت الحكومة بكثافة في المجهود الحربي. بعد الحرب، تدهورت الأوضاع الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار الأسماك وتزايد المنافسة في الأسواق العالمية. تفاقمت هذه المشاكل مع بداية الكساد الكبير في عام 1929، الذي أدى إلى انهيار اقتصادي كامل تقريبًا في نيوفاوندلاند.
تشكيل اللجنة
في عام 1933، لم تعد حكومة نيوفاوندلاند قادرة على تحمل أعباء الديون المتزايدة. قدمت الحكومة طلبًا رسميًا إلى الحكومة البريطانية للتحقيق في الوضع المالي والاقتصادي للبلاد وتقديم توصيات. استجابت الحكومة البريطانية لهذا الطلب بتشكيل لجنة ملكية برئاسة اللورد أمولري. تألفت اللجنة من مجموعة من الخبراء في مجالات الاقتصاد والإدارة والقانون، وتم تكليفهم بإجراء تحقيق شامل وتقديم تقرير مفصل.
أعضاء اللجنة
- اللورد أمولري (رئيس اللجنة): كان سياسيًا بريطانيًا ذا خبرة واسعة في الشؤون الحكومية والإدارية.
- تشارلز ألكسندر ماغراث: رجل أعمال كندي وسياسي سابق.
- السير ويليام ستافورد: خبير في الشؤون المالية والإدارية.
نطاق عمل اللجنة
تم تحديد نطاق عمل اللجنة الملكية لنيوفاوندلاند على نطاق واسع ليشمل جميع جوانب الوضع المالي والاقتصادي والإداري في نيوفاوندلاند. شملت مهام اللجنة ما يلي:
- التحقيق في أسباب المشاكل المالية والاقتصادية التي تواجهها نيوفاوندلاند.
- تقييم الوضع المالي للحكومة والديون المتراكمة عليها.
- دراسة النظام الإداري والحكومي في نيوفاوندلاند.
- تقديم توصيات حول كيفية استعادة الاستقرار المالي والإداري.
- اقتراح تدابير لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان.
إجراءات التحقيق
قامت اللجنة بإجراء تحقيق شامل استمر لعدة أشهر. تضمن التحقيق جمع البيانات والمعلومات من مصادر مختلفة، بما في ذلك:
- الوثائق الحكومية الرسمية.
- التقارير المالية والاقتصادية.
- شهادات المسؤولين الحكوميين والخبراء.
- مقابلات مع السكان المحليين ورجال الأعمال.
زار أعضاء اللجنة نيوفاوندلاند وأجروا مقابلات مع مجموعة واسعة من الأشخاص، من بينهم مسؤولون حكوميون وممثلو مجتمع الأعمال والمواطنون العاديون. استمعت اللجنة إلى شهادات حول الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها السكان، بالإضافة إلى آراء حول كيفية حل هذه المشاكل.
تقرير اللجنة
بعد الانتهاء من التحقيق، قدمت اللجنة تقريرًا مفصلًا إلى الحكومة البريطانية في عام 1933. كان التقرير شاملاً وقدم تحليلًا دقيقًا للوضع المالي والاقتصادي والإداري في نيوفاوندلاند. توصلت اللجنة إلى أن نيوفاوندلاند كانت تواجه أزمة مالية حادة بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك الديون المتراكمة، وتأثيرات الكساد الكبير، وسوء الإدارة المالية.
أوصت اللجنة بتعليق وضع الدومينيون المستقل لنيوفاوندلاند وتأسيس لجنة حكم برئاسة حاكم تعينه الحكومة البريطانية. تتولى هذه اللجنة إدارة شؤون نيوفاوندلاند لحين استعادة الاستقرار المالي والإداري. كما أوصت اللجنة باتخاذ تدابير لخفض الإنفاق الحكومي، وزيادة الإيرادات، وتحسين إدارة الديون.
توصيات اللجنة
تضمنت توصيات اللجنة الرئيسية ما يلي:
- تعليق وضع الدومينيون: أوصت اللجنة بتعليق وضع نيوفاوندلاند كدومينيون مستقلة وعودتها إلى الحكم المباشر من قبل المملكة المتحدة.
- إنشاء لجنة حكم: أوصت بإنشاء لجنة حكم تتألف من ستة مفوضين يعينهم التاج البريطاني، بالإضافة إلى حاكم يعينه التاج البريطاني. تتولى هذه اللجنة إدارة شؤون نيوفاوندلاند.
- إعادة الهيكلة المالية: أوصت اللجنة بإعادة هيكلة مالية شاملة لخفض الديون الحكومية وتحسين إدارة الإيرادات والنفقات.
- تطوير الموارد: أوصت بتشجيع تطوير الموارد الطبيعية في نيوفاوندلاند، مثل الغابات والتعدين، لتعزيز الاقتصاد.
- تنويع الاقتصاد: أوصت بتنويع الاقتصاد لتقليل الاعتماد على صيد الأسماك.
نتائج وتداعيات التقرير
وافقت حكومة نيوفاوندلاند على توصيات اللجنة الملكية. في عام 1934، تم تعليق وضع الدومينيون المستقل لنيوفاوندلاند، وتم تأسيس لجنة حكم لإدارة شؤونها. استمرت لجنة الحكم في إدارة نيوفاوندلاند حتى عام 1949، عندما انضمت نيوفاوندلاند إلى كندا كمقاطعة.
كان لتقرير اللجنة الملكية لنيوفاوندلاند تأثير كبير على تاريخ نيوفاوندلاند. أنهى التقرير فترة من الحكم الذاتي وأدى إلى فترة من الحكم المباشر من قبل المملكة المتحدة. كما مهد التقرير الطريق لانضمام نيوفاوندلاند إلى كندا في عام 1949.
كان لقرار تعليق وضع الدومينيون آثار طويلة الأمد على الهوية الوطنية لنيوفاوندلاند. بالنسبة للبعض، كان هذا القرار بمثابة خيانة للتضحيات التي قدمها سكان نيوفاوندلاند في الحرب العالمية الأولى. بالنسبة للآخرين، كان هذا القرار ضروريًا لإنقاذ نيوفاوندلاند من الانهيار الاقتصادي الكامل.
تقييم عمل اللجنة
حظي عمل اللجنة الملكية لنيوفاوندلاند بتقدير كبير لدقته وشموليته. قدم التقرير تحليلًا مفصلًا للوضع المالي والاقتصادي والإداري في نيوفاوندلاند، وقدم توصيات واقعية وقابلة للتطبيق. ومع ذلك، تعرضت اللجنة لانتقادات بسبب توصيتها بتعليق وضع الدومينيون المستقل لنيوفاوندلاند، حيث رأى البعض أن هذا القرار كان غير ديمقراطي وينتهك حقوق شعب نيوفاوندلاند.
على الرغم من الجدل الذي أثاره، فإن تقرير اللجنة الملكية لنيوفاوندلاند يظل وثيقة مهمة في تاريخ نيوفاوندلاند. يوفر التقرير نظرة ثاقبة على التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها نيوفاوندلاند في فترة ما بين الحربين العالميتين، ويكشف عن الديناميكيات المعقدة للعلاقات بين نيوفاوندلاند والمملكة المتحدة وكندا.
إرث اللجنة
لا يزال إرث اللجنة الملكية لنيوفاوندلاند محسوسًا حتى اليوم. لا يزال النقاش حول قرار تعليق وضع الدومينيون مستمراً، ولا تزال الدروس المستفادة من أزمة نيوفاوندلاند الاقتصادية في ثلاثينيات القرن الماضي ذات صلة بصناع السياسات اليوم.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت اللجنة الملكية في تطوير فهم أفضل للعلاقات بين الدول الصغيرة والقوى الكبرى، وأهمية الإدارة المالية السليمة، والحاجة إلى تنويع الاقتصادات.
خاتمة
كانت اللجنة الملكية لنيوفاوندلاند، أو لجنة أمولري، لجنة ملكية بريطانية تأسست للتحقيق في الأزمة المالية والاقتصادية التي واجهتها نيوفاوندلاند في ثلاثينيات القرن الماضي. أوصت اللجنة بتعليق وضع الدومينيون المستقل لنيوفاوندلاند وتأسيس لجنة حكم لإدارة شؤونها. كان لتقرير اللجنة تأثير كبير على تاريخ نيوفاوندلاند، حيث مهد الطريق لانضمامها إلى كندا في عام 1949. على الرغم من الجدل الذي أثاره، يظل تقرير اللجنة وثيقة مهمة في تاريخ نيوفاوندلاند، حيث يقدم نظرة ثاقبة على التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها نيوفاوندلاند في فترة ما بين الحربين العالميتين.