خلفية تاريخية
لفهم ظهور جيش الدفاع الجمهوري، من الضروري العودة إلى السياق التاريخي للصراع في أيرلندا الشمالية. بدأ الصراع، المعروف باسم “المشاكل”، في أواخر الستينيات واستمر حتى أواخر التسعينيات، وشهد عنفًا سياسيًا ودينيًا شديدًا بين القوميين (الكاثوليك) والوحدويين (البروتستانت). كان الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت، وهو مجموعة قومية مسلحة، يهدف إلى إنهاء الحكم البريطاني في أيرلندا الشمالية وتوحيد الجزيرة في جمهورية أيرلندية مستقلة. استخدم الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت العنف، بما في ذلك التفجيرات والكمائن، لتحقيق أهدافه.
مع مرور الوقت، بدأت قيادة الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت في استكشاف مسار سياسي لإنهاء الصراع. أدت هذه العملية إلى اتفاقية الجمعة العظيمة في عام 1998، والتي تضمنت ترتيبات لتقاسم السلطة في أيرلندا الشمالية ونزع سلاح الجماعات شبه العسكرية. بينما اعتبرت هذه الاتفاقية علامة فارقة في عملية السلام، عارضها البعض داخل الحركة الجمهورية، الذين رأوا أنها تمثل تنازلات غير مقبولة.
ظهور جيش الدفاع الجمهوري
ظهر جيش الدفاع الجمهوري كأحد هذه المجموعات المنشقة. أعلنت المجموعة أنها ملتزمة بمواصلة الكفاح المسلح لتحقيق جمهورية أيرلندية موحدة، ورفضت اتفاقية الجمعة العظيمة وعملية السلام. ادعى جيش الدفاع الجمهوري أنه يمثل الإرادة الحقيقية للشعب الجمهوري وادعى أن قيادة الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت قد تخلت عن أهدافها الأصلية.
كانت المجموعة صغيرة نسبيًا، ولم تكن قادرة على تكرار مستوى العنف الذي مارسه الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت في ذروته. ومع ذلك، فقد كان لها تأثير كبير في إعاقة عملية السلام وتعقيد جهود تحقيق الاستقرار في أيرلندا الشمالية. شارك جيش الدفاع الجمهوري في عدد من الهجمات على أفراد الشرطة والمدنيين، بالإضافة إلى عمليات السطو لتمويل أنشطته.
الأنشطة والعمليات
ركز جيش الدفاع الجمهوري على عدد من الأنشطة والعمليات للحفاظ على وجوده وتحقيق أهدافه. وشملت هذه:
- الهجمات المسلحة: شن جيش الدفاع الجمهوري هجمات على أفراد الشرطة والجنود البريطانيين، بالإضافة إلى استهداف أهداف مدنية. هدفت هذه الهجمات إلى إظهار رفض المجموعة لعملية السلام والتأكيد على التزامها بالكفاح المسلح.
- عمليات السطو والجرائم الأخرى: استخدم جيش الدفاع الجمهوري عمليات السطو على البنوك والشركات وغيرها من الجرائم لجمع الأموال لتمويل أنشطته. كما شاركت المجموعة في عمليات ابتزاز وتهديد لجمع الأموال.
- الدعاية والتجنيد: أصدر جيش الدفاع الجمهوري بيانات ووثائق أخرى لتوضيح أهدافه وأيديولوجيته. كما حاولت المجموعة تجنيد أعضاء جدد من خلال استغلال الإحباطات والمظالم بين الشباب القومي.
- العلاقات مع الجماعات الأخرى: حافظ جيش الدفاع الجمهوري على علاقات مع مجموعات شبه عسكرية أخرى، داخل أيرلندا الشمالية وخارجها. سمحت هذه العلاقات للمجموعة بتبادل المعلومات والخبرات، وربما الحصول على الدعم والتمويل.
الأيديولوجية والأهداف
استندت أيديولوجية جيش الدفاع الجمهوري إلى عدد من المبادئ الأساسية:
- الجمهورية الأيرلندية: كان الهدف الأساسي للمجموعة هو تحقيق جمهورية أيرلندية موحدة، تتضمن أيرلندا الشمالية. اعتقد جيش الدفاع الجمهوري أن الحكم البريطاني في أيرلندا الشمالية غير شرعي وأنه يجب إنهاؤه.
- النزعة الجمهورية: تبنت المجموعة مبادئ النزعة الجمهورية، التي تؤكد على أهمية السيادة الوطنية والمساواة وحقوق الإنسان. اعتقد جيش الدفاع الجمهوري أن هذه المبادئ تتعرض للتهديد من قبل الحكم البريطاني واتفاقية الجمعة العظيمة.
- رفض عملية السلام: رفض جيش الدفاع الجمهوري اتفاقية الجمعة العظيمة وعملية السلام ككل. اعتقدت المجموعة أن هذه الاتفاقات كانت تمثل تنازلات غير مقبولة وأدت إلى إضعاف القضية الجمهورية.
- الكفاح المسلح: اعتقد جيش الدفاع الجمهوري أن الكفاح المسلح كان الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهدافه. رفضت المجموعة المسار السياسي وشددت على الحاجة إلى مواصلة العنف حتى تحقيق جمهورية أيرلندية موحدة.
التأثير والاندثار
كان لجيش الدفاع الجمهوري تأثير كبير على عملية السلام في أيرلندا الشمالية. على الرغم من أن المجموعة كانت صغيرة نسبيًا، إلا أنها أثارت حالة من عدم الاستقرار وعرقلت جهود تحقيق المصالحة. كانت هجمات المجموعة بمثابة تذكير صارخ بأن العنف السياسي لم ينته بعد وأن بعض الجماعات كانت لا تزال ملتزمة بالكفاح المسلح.
مر جيش الدفاع الجمهوري بفترة من التراجع والتدهور. أدى انخفاض الدعم الشعبي، والاعتقالات، وعمليات الشرطة إلى إضعاف قدرة المجموعة على العمل. بالإضافة إلى ذلك، أدى النجاح النسبي لعملية السلام إلى تقليل الجاذبية السياسية للعنف. على الرغم من استمرار بعض الأنشطة من وقت لآخر، فقد أصبح جيش الدفاع الجمهوري قوة هامشية في المشهد السياسي الأيرلندي الشمالي.
مقارنة مع الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت
من الضروري مقارنة جيش الدفاع الجمهوري بالجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت لفهم أوجه التشابه والاختلاف بينهما:
- الأهداف: تقاسم كل من الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت وجيش الدفاع الجمهوري هدفًا يتمثل في تحقيق جمهورية أيرلندية موحدة. ومع ذلك، اختلف جيش الدفاع الجمهوري مع الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت حول كيفية تحقيق هذا الهدف.
- الأساليب: استخدم كل من الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت وجيش الدفاع الجمهوري العنف لتحقيق أهدافهما. ومع ذلك، اتبع الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت في النهاية مسارًا سياسيًا في حين رفضه جيش الدفاع الجمهوري.
- الدعم: تمتع الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت بدعم شعبي أكبر من جيش الدفاع الجمهوري. كان الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت يتمتع بتاريخ أطول وأكثر أهمية، بينما نشأ جيش الدفاع الجمهوري كفرع منشق.
- التأثير: كان للجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت تأثير أكبر بكثير على الصراع في أيرلندا الشمالية. بينما أثر جيش الدفاع الجمهوري على عملية السلام، لم يتمكن من الوصول إلى مستوى العنف أو النفوذ الذي تمتع به الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت.
أهمية الدراسة
تعد دراسة جيش الدفاع الجمهوري أمرًا مهمًا لعدة أسباب:
- فهم الصراع: تساعد دراسة جيش الدفاع الجمهوري على فهم تعقيدات الصراع في أيرلندا الشمالية. يكشف ظهور المجموعة عن الانقسامات الداخلية داخل الحركة الجمهورية وعن التحديات التي تواجه عملية السلام.
- تقييم عملية السلام: يمكن أن تساعد دراسة جيش الدفاع الجمهوري في تقييم نجاح عملية السلام في أيرلندا الشمالية. من خلال فحص أسباب وظروف ظهور المجموعة، يمكن للباحثين فهم العقبات التي لا تزال قائمة أمام تحقيق السلام الدائم.
- تجنب العنف في المستقبل: يمكن أن تساعد دراسة جيش الدفاع الجمهوري في تجنب العنف في المستقبل. من خلال فهم أسباب ظهور هذه المجموعة وغيرها من المجموعات المتطرفة، يمكن لواضعي السياسات والمجتمع المدني العمل على معالجة الأسباب الجذرية للصراع وتعزيز السلام والمصالحة.
خاتمة
في الختام، كان جيش الدفاع الجمهوري مجموعة منشقة عن الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت ظهرت في عام 2006. رفضت المجموعة اتفاقية الجمعة العظيمة وعملية السلام، والتزمت بالكفاح المسلح لتحقيق جمهورية أيرلندية موحدة. على الرغم من أن جيش الدفاع الجمهوري كان صغيرًا نسبيًا، إلا أنه كان له تأثير على عملية السلام في أيرلندا الشمالية. ومع ذلك، تدهورت المجموعة مع مرور الوقت وأصبحت قوة هامشية. تساهم دراسة جيش الدفاع الجمهوري في فهم تعقيدات الصراع في أيرلندا الشمالية، وتقييم عملية السلام، وتجنب العنف في المستقبل.