<![CDATA[
الوجود المبكر في مولدافيا
خلال العصور الوسطى، كانت مولدافيا منطقة عبور تجاري مهمة، مما جذب التجار، بمن فيهم اليهود. استقر العديد من اليهود في مدن مثل سوتشيافا وياشي، حيث انخرطوا في التجارة والحرف اليدوية. غالبًا ما تمتع اليهود في مولدافيا بوضع قانوني خاص، يتمتعون بحماية الأمراء المولدافيين مقابل دفع الضرائب.
في القرن الخامس عشر، دعا الأمير ستيفن الكبير اليهود من بولندا والمجر للاستقرار في مولدافيا، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد السكان اليهود. لعب اليهود دورًا مهمًا في تطوير اقتصاد مولدافيا، خاصة في التجارة مع بولندا والإمبراطورية العثمانية.
تحت الحكم الروسي
في عام 1812، ضمت الإمبراطورية الروسية الجزء الشرقي من مولدافيا، المعروف باسم بيسارابيا. أدى هذا التغيير في الحكم إلى تغييرات كبيرة في حياة اليهود في المنطقة. طبقت السلطات الروسية قوانين معادية لليهود، بما في ذلك القيود المفروضة على الإقامة والمهن والتعليم.
أصبحت بيسارابيا جزءًا من منطقة الاستيطان الباهت، وهي منطقة في غرب الإمبراطورية الروسية حيث سُمح لليهود بالإقامة. على الرغم من القيود، استمر عدد السكان اليهود في بيسارابيا في النمو، ويرجع ذلك أساسًا إلى الهجرة من مناطق أخرى في الإمبراطورية الروسية.
في القرن التاسع عشر، شهدت بيسارابيا العديد من المذابح ضد اليهود، بما في ذلك مذبحة كيشينيف عام 1903، التي أثارت غضبًا دوليًا. أدت هذه الأحداث إلى موجات من الهجرة اليهودية من بيسارابيا إلى الولايات المتحدة وفلسطين وأجزاء أخرى من العالم.
بين الحربين العالميتين
بعد الحرب العالمية الأولى، اتحدت بيسارابيا مع رومانيا. خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، تمتع اليهود في رومانيا بحقوق مدنية وسياسية محدودة. ومع ذلك، تصاعدت معاداة السامية في رومانيا خلال الثلاثينيات، مما أدى إلى قوانين وممارسات تمييزية.
في عام 1940، احتلت الإمبراطورية السوفيتية بيسارابيا، وشمال بوكوفينا، وهيرتزا. وبعد عام واحد، غزت ألمانيا النازية وحلفاؤها رومانيا، واستعادت رومانيا السيطرة على بيسارابيا.
الهولوكوست
خلال الحرب العالمية الثانية، شاركت رومانيا في الهولوكوست، وارتكبت فظائع واسعة النطاق ضد اليهود في بيسارابيا وبوكوفينا. تم ترحيل عشرات الآلاف من اليهود إلى معسكرات الاعتقال في ترانسنيستريا، حيث مات الكثيرون بسبب الجوع والمرض والقتل.
تشير التقديرات إلى أن ما بين 150.000 و 200.000 يهودي من بيسارابيا وبوكوفينا قتلوا خلال الهولوكوست. تم تدمير المجتمعات اليهودية بأكملها، وتم تدمير الكنَس والمقابر اليهودية.
بعد الحرب العالمية الثانية
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت بيسارابيا جزءًا من جمهورية مولدوفا السوفيتية الاشتراكية. خلال الفترة السوفيتية، تم قمع الحياة اليهودية، وتم إغلاق الكنَس، وحُظر تدريس اللغة والثقافة العبرية.
في أواخر الثمانينيات، بدأت حركة لإحياء الثقافة اليهودية في مولدوفا. بعد استقلال مولدوفا عام 1991، تم إنشاء منظمات يهودية جديدة، وتم ترميم الكنَس، واستؤنف تدريس اللغة والثقافة العبرية.
مولدوفا المستقلة
اليوم، يوجد في مولدوفا مجتمع يهودي صغير ولكنه نشط. تتمتع الجالية اليهودية بحرية ممارسة دينها وثقافتها. هناك العديد من الكنَس والمدارس اليهودية والمراكز الثقافية اليهودية في مولدوفا.
تواجه الجالية اليهودية في مولدوفا تحديات، بما في ذلك معاداة السامية والتدهور الديموغرافي. ومع ذلك، تظل الجالية اليهودية ملتزمة بالحفاظ على تراثها الثقافي والديني والمساهمة في حياة مولدوفا.
تستمر العلاقات بين مولدوفا وإسرائيل في النمو، مع التعاون في مجالات مثل التجارة والتكنولوجيا والثقافة. تلعب الجالية اليهودية في مولدوفا دورًا مهمًا في تعزيز هذه العلاقات.
الحياة الدينية والثقافية
توجد في مولدوفا عدة كنائس يهودية نشطة، بما في ذلك الكنيس المركزي في كيشينيف. تعمل هذه الكنائس كمركز للحياة الدينية والاجتماعية لليهود في مولدوفا. كما يوجد العديد من المدارس اليهودية التي تقدم التعليم للطلاب من جميع الأعمار.
تُقام العديد من الفعاليات الثقافية اليهودية في مولدوفا على مدار العام، بما في ذلك الاحتفالات بالأعياد اليهودية والحفلات الموسيقية والمعارض. تهدف هذه الفعاليات إلى الحفاظ على الثقافة اليهودية وتعزيزها.
تلعب المنظمات اليهودية دورًا مهمًا في دعم الجالية اليهودية في مولدوفا. تقدم هذه المنظمات مجموعة متنوعة من الخدمات، بما في ذلك المساعدة الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم.
- يشير التاريخ إلى أن اليهود كانوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي لمولدوفا لعدة قرون.
- تعرض اليهود في مولدوفا للعديد من المحن، بما في ذلك المذابح والهولوكوست والقمع الديني.
- على الرغم من هذه التحديات، فقد صمدت الجالية اليهودية في مولدوفا واستمرت في الازدهار.
- اليوم، تساهم الجالية اليهودية في مولدوفا في حياة البلاد في مجموعة متنوعة من المجالات.
خاتمة
إن تاريخ اليهود في مولدوفا هو قصة صمود ومثابرة. على الرغم من مواجهة العديد من التحديات، فقد تمكنت الجالية اليهودية من الحفاظ على تراثها الثقافي والديني والمساهمة في حياة مولدوفا. يظل اليهود جزءًا حيويًا من المجتمع المولدوفي، وتستمر مساهماتهم في إثراء ثقافة البلاد واقتصادها.