مقدمة
أندرو الثاني (بالمجرية: II. András، بالكرواتية: Andrija II، بالسلوفاكية: Ondrej II؛ حوالي 1177 – 21 سبتمبر 1235)، المعروف أيضًا باسم أندرو ملك القدس، كان ملكًا على المجر وكرواتيا بين عامي 1205 و 1235. كان عضوًا في سلالة أرباد.
اعتلى أندرو العرش في فترة مضطربة شهدت فيها المجر صراعات داخلية وخارجية. سعى إلى تعزيز سلطته الملكية، لكن سياساته أدت في النهاية إلى تقويضها. اشتهر بمنح الامتيازات النبيلة على نطاق واسع، مما أدى إلى ظهور طبقة نبيلة قوية تحدت سلطة الملك. ومع ذلك، يُذكر أيضًا بمشاركته في الحملة الصليبية الخامسة، حيث قاد جيشًا مجريًا كبيرًا إلى الأراضي المقدسة.
حياته المبكرة وصعوده إلى العرش
ولد أندرو الثاني حوالي عام 1177، وهو الابن الثاني للملك بيلا الثالث ملك المجر وزوجته أغنيس من أنطاكية. كان لديه طموحات سياسية مبكرة، وفي عهد أخيه الأكبر، الملك إمري، تمرد عليه عدة مرات. سجن إمري أندرو، لكنه تمكن من الهرب ولجأ إلى النمسا.
بعد وفاة إمري عام 1204، أصبح ابنه الرضيع لاديسلاوس الثالث ملكًا. ومع ذلك، توفي لاديسلاوس بعد فترة وجيزة، مما فتح الطريق أمام أندرو لتولي العرش في عام 1205. كان عليه أن يتغلب على معارضة بعض الفصائل النبيلة التي فضلت مرشحًا آخر، لكنه تمكن في النهاية من تأمين العرش.
سياساته الداخلية
تميز عهد أندرو الثاني بسياسات داخلية أدت إلى تغييرات كبيرة في الهيكل الاجتماعي والسياسي للمجر. كان معروفًا ببذخه ومنح الامتيازات السخية للنبلاء، وغالبًا ما كان ذلك على حساب السلطة الملكية. أدت هذه السياسات إلى تدهور الخزانة الملكية وزيادة قوة النبلاء.
- المنح الملكية: قدم أندرو الثاني أراضي شاسعة ومناصب مرموقة للنبلاء مقابل دعمهم. أدت هذه المنح إلى إنشاء طبقة نبيلة قوية ومستقلة بشكل متزايد، مما قلل من اعتمادهم على الملك.
- الثور الذهبي لعام 1222: في عام 1222، أصدر أندرو الثاني الثور الذهبي، وهو مرسوم تاريخي حد من السلطة الملكية وأكد حقوق النبلاء. منح هذا المرسوم النبلاء الحق في مقاومة أوامره إذا انتهك حقوقهم المشروعة. يعتبر الثور الذهبي وثيقة تأسيسية في التاريخ الدستوري للمجر.
- الإصلاحات الاقتصادية: سعى أندرو الثاني إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية لزيادة الإيرادات، لكن هذه الإصلاحات لم تنجح دائمًا. أدت سياساته المالية إلى التضخم والاستياء الشعبي.
الحملة الصليبية الخامسة
في عام 1217، قاد أندرو الثاني جيشًا مجريًا كبيرًا إلى الأراضي المقدسة كجزء من الحملة الصليبية الخامسة. كانت الحملة الصليبية الخامسة تهدف إلى الاستيلاء على القدس من الأيوبيين، لكنها لم تحقق هدفها. وصل أندرو الثاني إلى عكا في عام 1217 وشارك في عدة معارك ضد المسلمين.
على الرغم من مشاركته في الحملة الصليبية، لم يكن أندرو الثاني ملتزمًا تمامًا بالهدف الرئيسي للحملة. كان مهتمًا في المقام الأول بتأمين مصالح المجر وتعزيز مكانته الشخصية. عاد إلى المجر في عام 1218، قبل نهاية الحملة الصليبية، مما أثار انتقادات من بعض المؤرخين.
خلال وجوده في الأراضي المقدسة، قام أندرو الثاني بعدة أعمال دبلوماسية وتفاوض على اتفاقيات مع القوى المسيحية والمسلمة. زار أيضًا الأماكن المقدسة وقدم تبرعات للكنائس والأديرة.
العلاقات الخارجية
خلال فترة حكم أندرو الثاني، حافظت المجر على علاقات معقدة مع القوى الإقليمية الأخرى. قاتل ضد جمهورية البندقية للسيطرة على دالماتيا، وتحالف مع الإمبراطورية البيزنطية ضد البلغار. سعى أيضًا إلى إقامة علاقات ودية مع الدول الأوروبية الأخرى، مثل النمسا وبولندا.
- النزاعات مع البندقية: سعت البندقية إلى السيطرة على المدن الساحلية في دالماتيا، مما أدى إلى صراعات متكررة مع المجر. تمكن أندرو الثاني من الحفاظ على السيطرة المجرية على معظم دالماتيا، لكن النزاعات استمرت طوال فترة حكمه.
- التحالف مع الإمبراطورية البيزنطية: تحالف أندرو الثاني مع الإمبراطورية البيزنطية ضد الإمبراطورية البلغارية الثانية. ساعدت القوات المجرية البيزنطيين في عدة حملات عسكرية ضد البلغار.
- العلاقات مع الدول الأوروبية الأخرى: سعى أندرو الثاني إلى إقامة علاقات ودية مع الدول الأوروبية الأخرى من خلال الزيجات الدبلوماسية والتحالفات السياسية.
الخلافة والسنوات الأخيرة
واجه أندرو الثاني صعوبات في تأمين الخلافة لعرشه. توفي ابنه الأكبر، بيلا، قبل وفاة أندرو، مما أدى إلى صراع على السلطة بين أبنائه الآخرين. تمكن في النهاية من تأمين خلافة ابنه بيلا الرابع، لكن فترة حكمه اللاحقة شهدت صراعات داخلية وعدم استقرار.
توفي أندرو الثاني في 21 سبتمبر 1235 ودفن في دير إيجريس. ترك وراءه إرثًا معقدًا ومتناقضًا. يُذكر بمنح الامتيازات النبيلة على نطاق واسع، مما أدى إلى تقويض السلطة الملكية، ولكنه يُذكر أيضًا بمشاركته في الحملة الصليبية الخامسة وجهوده لتعزيز مكانة المجر في أوروبا.
خاتمة
كان أندرو الثاني ملكًا مهمًا في تاريخ المجر، على الرغم من أن فترة حكمه كانت مثيرة للجدل. أدت سياساته الداخلية إلى تغييرات كبيرة في الهيكل الاجتماعي والسياسي للمجر، في حين أن مشاركته في الحملة الصليبية الخامسة أكسبته شهرة دولية. يعتبر الثور الذهبي لعام 1222، الذي أصدره أندرو الثاني، وثيقة تأسيسية في التاريخ الدستوري للمجر. بشكل عام، يمثل عهد أندرو الثاني فترة تحول في تاريخ المجر، حيث بدأت السلطة الملكية في التراجع لصالح النبلاء.