نشأته وتعليمه
ولد حزقياس بابايوانو في قرية كيبرونتا في منطقة ليماسول بقبرص. نشأ في أسرة متواضعة، وتلقى تعليمه الأولي في قريته. أظهر منذ صغره اهتمامًا بالسياسة والأوضاع الاجتماعية، مما دفعه إلى الانخراط في الحركات اليسارية في شبابه. سافر لاحقًا إلى اليونان لمواصلة تعليمه، حيث درس العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة أثينا. خلال فترة وجوده في اليونان، انخرط بشكل أكبر في الأنشطة السياسية، وتبنى الفكر الماركسي اللينيني.
النشاط السياسي المبكر
بعد عودته إلى قبرص، انضم بابايوانو إلى الحزب الشيوعي القبرصي، الذي كان آنذاك قوة سياسية صغيرة نسبيًا. سرعان ما صعد في صفوف الحزب، بفضل قدراته التنظيمية وخطاباته المؤثرة. في عام 1941، تم انتخابه أمينًا عامًا للحزب، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته في عام 1988. تحت قيادته، تحول الحزب الشيوعي القبرصي إلى حزب العمال التقدمي (AKEL) في عام 1941، ليصبح قوة سياسية رئيسية في البلاد.
النضال من أجل الاستقلال
لعب بابايوانو دورًا حاسمًا في النضال من أجل استقلال قبرص عن الحكم البريطاني. كان حزب العمال التقدمي (AKEL) من أوائل الأحزاب التي دعت إلى الاستقلال الكامل، وشارك بنشاط في المظاهرات والإضرابات والأنشطة الأخرى التي تهدف إلى الضغط على الحكومة البريطانية. تعرض بابايوانو للاعتقال والسجن عدة مرات بسبب أنشطته السياسية، لكنه ظل ملتزمًا بقضيته.
خلال فترة النضال، واجه بابايوانو تحديات كبيرة، بما في ذلك الانقسامات الداخلية في الحركة الوطنية والمواقف المتصلبة للحكومة البريطانية. ومع ذلك، تمكن من الحفاظ على وحدة حزب العمال التقدمي (AKEL) وتوجيه النضال نحو تحقيق الاستقلال. كان يؤمن بشدة بأهمية الوحدة بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك في النضال من أجل الاستقلال، وعمل بجد لتعزيز التعاون بين المجموعتين.
في عام 1955، اندلعت أعمال عنف بين القبارصة اليونانيين والأتراك، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين المجموعتين. سعى بابايوانو جاهدًا لتهدئة الوضع والدعوة إلى حل سلمي للنزاع. ومع ذلك، لم تنجح جهوده في منع تصاعد العنف، مما أدى في النهاية إلى تقسيم الجزيرة.
فترة ما بعد الاستقلال
بعد حصول قبرص على الاستقلال في عام 1960، لعب بابايوانو دورًا مهمًا في بناء الدولة الجديدة. شارك حزب العمال التقدمي (AKEL) في الحكومة الائتلافية، وعمل بابايوانو على تعزيز المصالحة الوطنية وتحسين الظروف المعيشية للشعب القبرصي. ركز على تطوير الاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية، ودعا إلى سياسة خارجية مستقلة لقبرص.
في عام 1974، غزت تركيا قبرص، مما أدى إلى احتلال الجزء الشمالي من الجزيرة. أدان بابايوانو الغزو بشدة، ودعا إلى انسحاب القوات التركية وإيجاد حل سلمي للقضية القبرصية. لعب حزب العمال التقدمي (AKEL) دورًا مهمًا في تقديم المساعدة للاجئين القبارصة اليونانيين الذين نزحوا بسبب الغزو، ودعا إلى إعادة توحيد الجزيرة.
إرثه
توفي حزقياس بابايوانو في 10 أبريل 1988، بعد حياة طويلة قضاها في خدمة الشعب القبرصي. يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه شخصية بارزة في تاريخ قبرص الحديث، وقد ترك إرثًا دائمًا في البلاد. يُذكر بشجاعته وتفانيه في قضيته والتزامه بالعدالة الاجتماعية والسلام.
لا يزال حزب العمال التقدمي (AKEL) قوة سياسية رئيسية في قبرص، ويواصل العمل من أجل تحقيق أهداف بابايوانو المتمثلة في إعادة توحيد الجزيرة والعدالة الاجتماعية والسلام. تُخلد ذكراه من خلال العديد من النصب التذكارية والمؤسسات التي تحمل اسمه.
أفكاره الرئيسية
- الاستقلال الوطني: آمن بابايوانو إيمانًا راسخًا بحق الشعب القبرصي في تقرير مصيره بنفسه، وناضل من أجل استقلال قبرص عن الحكم البريطاني.
- الوحدة الوطنية: سعى بابايوانو إلى تعزيز الوحدة بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك، وآمن بأهمية التعاون بين المجموعتين في النضال من أجل الاستقلال وبناء دولة موحدة.
- العدالة الاجتماعية: دافع بابايوانو عن العدالة الاجتماعية والمساواة، وعمل على تحسين الظروف المعيشية للشعب القبرصي، وخاصة العمال والفلاحين.
- السلام: دعا بابايوانو إلى حل سلمي للنزاع القبرصي، وآمن بأهمية الحوار والتفاوض بين الأطراف المعنية.
- الاشتراكية: تبنى بابايوانو الفكر الماركسي اللينيني، وآمن بأن الاشتراكية هي الحل لمشاكل العالم، وعمل على بناء مجتمع اشتراكي في قبرص.
تحدياته
- الانقسامات الداخلية: واجه بابايوانو انقسامات داخل الحركة الوطنية القبرصية، خاصة بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك.
- الاستعمار البريطاني: واجه بابايوانو قمعًا من قبل الحكومة البريطانية، التي سعت إلى الحفاظ على سيطرتها على قبرص.
- الغزو التركي: واجه بابايوانو الغزو التركي لقبرص عام 1974، والذي أدى إلى تقسيم الجزيرة.
- الحرب الباردة: تأثرت سياسة بابايوانو بالحرب الباردة، حيث كان حزب العمال التقدمي (AKEL) متحالفًا مع الاتحاد السوفيتي.
خاتمة
كان حزقياس بابايوانو شخصية محورية في تاريخ قبرص الحديث. قاد حزب العمال التقدمي (AKEL) لعقود، وساهم بشكل كبير في النضال من أجل الاستقلال، وفي بناء الدولة القبرصية المستقلة. على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهها، ظل ملتزمًا بقضيته المتمثلة في تحقيق العدالة الاجتماعية والسلام في قبرص. يبقى إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من القبارصة.