<![CDATA[
نشأته وحياته المبكرة
ولد دافيدي بيريز في نابولي عام 1711. تلقى تعليمه الموسيقي في Conservatorio di Santa Maria di Loreto، وهي واحدة من المعاهد الموسيقية المرموقة في نابولي. درس على يد أساتذة بارزين مثل فرانشيسكو دورانت. في هذه الفترة، اكتسب بيريز أساسًا قويًا في التأليف الموسيقي والغناء، مما ساعده على تطوير أسلوبه الفريد.
بداياته المهنية في نابولي
بدأ بيريز مسيرته المهنية في نابولي، حيث كتب العديد من الأوبرات والأعمال الموسيقية الأخرى. سرعان ما اكتسب سمعة طيبة بفضل موهبته وقدرته على تأليف موسيقى جذابة وعاطفية. من بين أعماله المبكرة التي حققت نجاحًا كبيرًا أوبرا “La nemica amante”، التي عُرضت لأول مرة في نابولي عام 1735.
الانتقال إلى لشبونة
في عام 1752، تمت دعوة بيريز للانتقال إلى لشبونة ليصبح مديرًا موسيقيًا للبلاط الملكي البرتغالي. كانت هذه فرصة كبيرة لبيريز، حيث كان البلاط الملكي في لشبونة مركزًا ثقافيًا مهمًا في ذلك الوقت. قبل بيريز الدعوة وانتقل إلى لشبونة، حيث أمضى بقية حياته المهنية.
بيريز في البلاط الملكي البرتغالي
بصفته مديرًا موسيقيًا للبلاط الملكي، كان بيريز مسؤولاً عن تنظيم وإدارة جميع الفعاليات الموسيقية في البلاط. قام بتأليف العديد من الأوبرات والأعمال الموسيقية الأخرى خصيصًا للبلاط الملكي، بما في ذلك الأوبرا الشهيرة “Alessandro nelle Indie”، التي عُرضت لأول مرة في عام 1755. بالإضافة إلى ذلك، قام بيريز بتدريب العديد من المغنيين والموسيقيين البرتغاليين، وساهم في تطوير المشهد الموسيقي في البرتغال.
كانت فترة وجود بيريز في لشبونة حافلة بالإنجازات، حيث شهدت الأوبرا الإيطالية ازدهارًا كبيرًا في البلاط الملكي. قام بيريز بتقديم العديد من الأعمال الجديدة، بالإضافة إلى إحياء أعمال كلاسيكية، مما جعله شخصية محورية في الحياة الموسيقية في البرتغال.
أعماله الموسيقية
يُعرف دافيدي بيريز بشكل خاص بأعماله الأوبرالية، التي تتميز بجمال الألحان والدراما العاطفية. كتب بيريز أكثر من 30 أوبرا، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الموسيقية الأخرى، بما في ذلك الأوراتوريو والقداديس والموتيت. من بين أشهر أعماله:
- La nemica amante (1735)
- Sirio (1740)
- Demofoonte (1741)
- Merope (1743)
- Alessandro nelle Indie (1755)
- Ezio (1766)
تتميز أوبرا بيريز باستخدامها المبتكر للأوركسترا، وقدرتها على خلق أجواء درامية مؤثرة. كان بيريز ماهرًا في كتابة الألحان الجميلة التي تبرز قدرات المغنيين، وغالبًا ما كان يكتب أدوارًا صعبة تتطلب مهارات صوتية عالية.
أسلوبه الموسيقي
يمثل أسلوب دافيدي بيريز مزيجًا من التقاليد الأوبرالية النابولية والتأثيرات الأوروبية الأخرى. كان بيريز معجبًا بأعمال هاندل وباخ، وقد تأثرت موسيقاه بأسلوب الباروك المتأخر. ومع ذلك، كان بيريز أيضًا مبتكرًا، وقام بتطوير أسلوبه الخاص الذي يتميز بالوضوح والجمال.
يمكن وصف أسلوب بيريز بأنه أسلوب انتقالي، حيث يجمع بين عناصر الباروك والكلاسيكية. استخدم بيريز التناغمات المعقدة والألحان المزخرفة التي كانت شائعة في عصر الباروك، لكنه أيضًا استخدم هياكل أكثر بساطة ووضوحًا كانت سائدة في العصر الكلاسيكي.
تأثيره وإرثه
كان لدافيدي بيريز تأثير كبير على تطور الأوبرا الإيطالية في القرن الثامن عشر. ساهم في انتشار الأوبرا الإيطالية في جميع أنحاء أوروبا، وخاصة في البلاط الملكي في لشبونة. بالإضافة إلى ذلك، قام بتدريب العديد من المغنيين والموسيقيين، وساعد في تطوير المشهد الموسيقي في البرتغال.
على الرغم من أن أعمال بيريز لم تعد تُعرض بشكل متكرر اليوم، إلا أنها لا تزال تحظى بالتقدير من قبل المؤرخين الموسيقيين وعشاق الأوبرا. تعتبر موسيقاه شهادة على موهبته ومهارته، وهي تذكرنا بأهمية الأوبرا الإيطالية في تاريخ الموسيقى الأوروبية.
إرث بيريز يكمن أيضًا في تأثيره على الأجيال اللاحقة من الموسيقيين. كان بيريز معلمًا ملهمًا، وقام بتدريب العديد من الطلاب الذين أصبحوا موسيقيين ناجحين. بالإضافة إلى ذلك، ألهمت موسيقاه العديد من المؤلفين الآخرين، وساهمت في تطوير الأوبرا الإيطالية.
حياته الشخصية
تزوج دافيدي بيريز من مغنية الأوبرا البرتغالية، إينيس دي كاسترو، وأنجبا عدة أطفال. كان بيريز يتمتع بسمعة طيبة كشخص محترم ومتواضع. كان يتمتع بعلاقات جيدة مع زملائه الموسيقيين والمسؤولين في البلاط الملكي.
عانى بيريز من مشاكل صحية في سنواته الأخيرة، لكنه استمر في العمل حتى وفاته في لشبونة عام 1778. ترك وراءه إرثًا موسيقيًا غنيًا يستحق أن يتم تذكره والاحتفاء به.
خاتمة
دافيدي بيريز كان مؤلفًا أوبراليًا إيطاليًا بارزًا في القرن الثامن عشر. لعب دورًا هامًا في تطوير الأوبرا الإيطالية ونشرها في جميع أنحاء أوروبا. بصفته مديرًا موسيقيًا للبلاط الملكي البرتغالي، ساهم في ازدهار المشهد الموسيقي في البرتغال. تتميز أعماله الموسيقية بالجمال الدرامي والألحان العاطفية، ولا تزال تحظى بالتقدير حتى اليوم. يظل بيريز شخصية مهمة في تاريخ الموسيقى، ويستحق أن نتذكر إسهاماته وإرثه.