مقدمة
تعتبر العضلة الطرجهالية المائلة (Oblique Arytenoid) عضلة مزدوجة موجودة في الحنجرة. وهي إحدى العضلات الداخلية للحنجرة التي تتحكم في حركة الأحبال الصوتية وتساهم في إنتاج الصوت. تقع هذه العضلة سطحيًا بالنسبة للعضلة الطرجهالية المستعرضة، وتلعب دورًا حيويًا في عملية التنفس والكلام.
التشريح والموقع
تنشأ العضلة الطرجهالية المائلة من الجزء الخلفي الوحشي للغضروف الطرجهالي، وتحديدًا من قاعدته. تتجه ألياف العضلة بشكل مائل للأعلى وإلى الداخل، لتندمج مع قمة الغضروف الطرجهالي المقابل. تتصل بعض أليافها أيضًا بالغضروف الهرمي (Epiglottis) عبر الطية الطرجهالية الهرمية (Aryepiglottic fold). هذا الترتيب التشريحي الفريد يسمح للعضلة بالقيام بوظائف متعددة ومعقدة.
التركيب النسيجي
تتكون العضلة الطرجهالية المائلة كغيرها من العضلات الهيكلية من حزم من الألياف العضلية المخططة. تتميز هذه الألياف بقدرتها على الانقباض السريع والدقيق، مما يسمح بالتحكم الدقيق في حركة الأحبال الصوتية. تحتوي العضلة أيضًا على أنسجة ضامة داعمة وأوعية دموية وأعصاب ضرورية لوظيفتها.
الوظيفة
تتمثل الوظيفة الرئيسية للعضلة الطرجهالية المائلة في تضييق مدخل الحنجرة عن طريق تقريب الغضروفين الطرجهاليين من بعضهما البعض. عندما تنقبض العضلة، فإنها تسحب قمم الغضاريف الطرجهالية نحو بعضها البعض، مما يؤدي إلى إغلاق جزئي للحنجرة. هذه الوظيفة مهمة لعدة أسباب:
- النطق والكلام: تساهم العضلة في التحكم الدقيق في حركة الأحبال الصوتية، مما يؤثر على جودة الصوت ودرجته.
- السعال: تساعد في إغلاق الحنجرة أثناء السعال القوي لطرد المواد الغريبة من الجهاز التنفسي.
- البلع: تساهم في حماية المجرى التنفسي أثناء البلع عن طريق منع دخول الطعام أو السوائل إلى القصبة الهوائية.
- تثبيت الصدر: تلعب دورًا في تثبيت الصدر أثناء رفع الأثقال أو ممارسة التمارين الرياضية الشاقة.
العلاقة مع العضلات الأخرى في الحنجرة
تعمل العضلة الطرجهالية المائلة بالتنسيق مع عضلات الحنجرة الأخرى لتحقيق وظائفها المختلفة. من بين هذه العضلات:
- العضلة الطرجهالية المستعرضة (Transverse Arytenoid): تقع عميقة بالنسبة للعضلة الطرجهالية المائلة وتساهم أيضًا في تقريب الغضروفين الطرجهاليين.
- العضلة الحلقية الدرقية (Cricothyroid): تساعد في شد الأحبال الصوتية وتغيير درجة الصوت.
- العضلة الحلقية الطرجهالية الخلفية (Posterior Cricoarytenoid): هي العضلة الوحيدة التي تفتح الأحبال الصوتية وتسمح بالتنفس الطبيعي.
- العضلة الدرقية الطرجهالية (Thyroarytenoid): تساهم في إرخاء الأحبال الصوتية وتغيير شكلها.
تعمل هذه العضلات معًا بشكل متناغم للتحكم في حركة الأحبال الصوتية وإنتاج الصوت والتنفس والبلع.
الأعصاب المغذية
يتم تعصيب العضلة الطرجهالية المائلة بواسطة العصب الحنجري الراجع (Recurrent Laryngeal Nerve)، وهو فرع من العصب المبهم (Vagus Nerve) العاشر. يعتبر العصب الحنجري الراجع مسؤولاً عن تعصيب معظم عضلات الحنجرة الداخلية، بما في ذلك العضلة الطرجهالية المائلة. أي تلف أو إصابة لهذا العصب يمكن أن يؤدي إلى ضعف أو شلل في العضلة، مما يؤثر على وظائفها المختلفة.
الأهمية السريرية
تلعب العضلة الطرجهالية المائلة دورًا هامًا في العديد من الحالات السريرية المتعلقة بالحنجرة والصوت. بعض هذه الحالات تشمل:
- شلل الأحبال الصوتية: يمكن أن يؤدي شلل العصب الحنجري الراجع إلى شلل في العضلة الطرجهالية المائلة، مما يؤثر على قدرة المريض على الكلام والتنفس والبلع.
- بحّة الصوت: يمكن أن تسبب مشاكل في العضلة الطرجهالية المائلة بحة في الصوت أو تغيرات في جودته.
- صعوبة البلع (Dysphagia): يمكن أن تؤدي مشاكل في وظيفة العضلة إلى صعوبة في البلع بسبب عدم قدرة الحنجرة على حماية المجرى التنفسي بشكل فعال.
- تشنج الحنجرة (Laryngospasm): يمكن أن تساهم العضلة في تشنج الحنجرة، وهي حالة تتسبب في إغلاق مفاجئ وشديد للحنجرة، مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس.
يعتمد علاج هذه الحالات على السبب الأساسي للمشكلة وقد يشمل العلاج الدوائي أو الجراحي أو العلاج الصوتي.
الفحوصات والتشخيص
لتشخيص مشاكل العضلة الطرجهالية المائلة، قد يلجأ الطبيب إلى عدة فحوصات وإجراءات، بما في ذلك:
- تنظير الحنجرة (Laryngoscopy): يتم إدخال منظار صغير مزود بكاميرا إلى الحنجرة لفحص الأحبال الصوتية والعضلات المحيطة بها.
- تخطيط كهربائية العضل (Electromyography – EMG): يقيس النشاط الكهربائي للعضلات لتحديد ما إذا كانت هناك أي مشاكل في وظيفتها.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT scan): يمكن استخدامهما للحصول على صور تفصيلية للحنجرة والأنسجة المحيطة بها.
- تقييم الصوت (Voice evaluation): يتضمن سلسلة من الاختبارات لتقييم جودة الصوت ودرجته ونطاقه.
العلاج
يعتمد علاج مشاكل العضلة الطرجهالية المائلة على السبب الأساسي للمشكلة. قد يشمل العلاج:
- العلاج الصوتي (Voice therapy): يمكن أن يساعد في تحسين وظيفة العضلات الصوتية وتقليل الأعراض.
- العلاج الدوائي: قد يتم وصف الأدوية لعلاج الالتهابات أو التشنجات أو الحالات الأخرى التي تؤثر على العضلة.
- الجراحة: في بعض الحالات، قد تكون الجراحة ضرورية لتصحيح مشاكل هيكلية أو لإزالة الأورام أو الأنسجة المتندبة.
- حقن البوتوكس (Botox injections): يمكن استخدامها لعلاج تشنجات الحنجرة عن طريق إرخاء العضلات المتشنجة.
تمارين لتقوية عضلات الحنجرة
هناك بعض التمارين التي يمكن أن تساعد في تقوية عضلات الحنجرة وتحسين وظيفتها. من بين هذه التمارين:
- تمارين الإحماء الصوتي: تتضمن تمارين بسيطة لإحماء الأحبال الصوتية والعضلات المحيطة بها قبل التحدث أو الغناء.
- تمارين التنفس العميق: تساعد في تحسين التحكم في التنفس وتقوية عضلات الجهاز التنفسي.
- تمارين النطق: تتضمن تكرار أصوات أو كلمات معينة لتحسين وضوح النطق وتقوية عضلات الفم واللسان.
- تمارين الهمهمة: تساعد في تحسين جودة الصوت وتقوية العضلات الصوتية.
يجب استشارة أخصائي علاج صوتي قبل البدء في أي تمارين جديدة للتأكد من أنها مناسبة وآمنة.
خاتمة
العضلة الطرجهالية المائلة هي عضلة صغيرة ولكنها ضرورية في الحنجرة، تلعب دورًا حيويًا في إنتاج الصوت والتنفس والبلع. فهم وظيفتها وأهميتها السريرية يمكن أن يساعد في تشخيص وعلاج مشاكل الصوت والحنجرة بشكل فعال. من خلال التعاون بين الأطباء وأخصائيي علاج الصوت والمرضى، يمكن تحقيق أفضل النتائج وتحسين جودة حياة الأفراد الذين يعانون من مشاكل في هذه العضلة الهامة.