التاريخ
تعود جذور الكنائس المسيحية الإصلاحية إلى حركة “Afscheiding” (الانفصال) في عام 1834. كان هذا الانفصال عن الكنيسة الإصلاحية الهولندية مدفوعًا بعدة عوامل، بما في ذلك:
- الاعتقاد بأن الكنيسة الإصلاحية الهولندية قد انحرفت عن تعاليم الكتاب المقدس وتعاليم جون كالفن.
- الاستياء من سيطرة الدولة على الكنيسة.
- الرغبة في مزيد من الحرية الدينية.
قاد حركة الانفصال عدد من القساوسة البارزين، بما في ذلك هندريك دي كوك وهيندريك بي دي كوك. شكلت الكنائس التي انفصلت عن الكنيسة الإصلاحية الهولندية “الكنائس المسيحية المنفصلة” (Christelijke Afgescheiden Gemeenten).
في عام 1869، اندمجت “الكنائس المسيحية المنفصلة” مع مجموعة أخرى من الكنائس الإصلاحية المنفصلة، وهي “الكنائس الإصلاحية تحت الصليب” (Gereformeerde Kerken onder het Kruis). وشكلت هذه الكنائس المندمجة “الكنائس المسيحية الإصلاحية” (Christelijke Gereformeerde Kerken).
المعتقدات
تعتمد الكنائس المسيحية الإصلاحية على الكتاب المقدس باعتباره السلطة الوحيدة التي لا تخطئ في الإيمان والممارسة. كما أنها تتبنى عقائد الإصلاح، بما في ذلك:
- سيادة الله: الله هو صاحب السيادة على كل شيء، بما في ذلك الخلاص.
- الاختيار غير المشروط: اختار الله بعض الناس للخلاص قبل تأسيس العالم، وليس بناءً على أي شيء فعلوه أو سيفعلونه.
- الفداء المحدود: مات المسيح فقط من أجل المختارين.
- النعمة التي لا تقاوم: لا يمكن للمختارين مقاومة نعمة الله.
- ثبات القديسين: لا يمكن للمختارين أن يسقطوا من النعمة.
بالإضافة إلى هذه العقائد، تؤكد الكنائس المسيحية الإصلاحية أيضًا على أهمية:
- الكرازة بالإنجيل.
- التعليم المسيحي.
- العيش حياة مقدسة.
الهيكل التنظيمي
تتمتع الكنائس المسيحية الإصلاحية بهيكل تنظيمي مشيخي. وهذا يعني أن الكنائس المحلية يحكمها شيوخ منتخبون. يجتمع الشيوخ من مختلف الكنائس معًا لتشكيل مجالس إقليمية ووطنية.
يتكون السينودس العام من مندوبين من جميع الكنائس المحلية. السينودس العام هو أعلى هيئة صنع قرار في الكنائس المسيحية الإصلاحية.
الحياة الكنسية
تعتبر الحياة الكنسية مهمة جدًا لأعضاء الكنائس المسيحية الإصلاحية. تجتمع الكنائس المحلية بانتظام للعبادة والدراسة الكتابية والشركة. كما تشارك العديد من الكنائس في أنشطة التوعية والخدمة المجتمعية.
تتميز العبادة في الكنائس المسيحية الإصلاحية بالبساطة والاحترام. تتضمن الخدمات عادةً الترانيم والصلاة وقراءة الكتاب المقدس والوعظ.
يتم تشجيع أعضاء الكنائس المسيحية الإصلاحية على المشاركة في الحياة الكنسية من خلال حضور الخدمات والمشاركة في مجموعات الدراسة الكتابية والخدمة في الكنيسة والمساهمة مالياً.
العلاقات مع الكنائس الأخرى
تحافظ الكنائس المسيحية الإصلاحية على علاقات مع عدد من الكنائس الأخرى ذات التفكير المماثل حول العالم. وهي عضو في المؤتمر الإصلاحي العالمي.
في هولندا، تربط الكنائس المسيحية الإصلاحية علاقات جيدة بالكنائس الإصلاحية المحررة (Gereformeerde Kerken vrijgemaakt) والكنائس الإصلاحية الهولندية (Hersteld Hervormde Kerk). هناك أيضًا حوار مستمر مع الكنائس البروتستانتية في هولندا (Protestantse Kerk in Nederland).
التحديات المعاصرة
تواجه الكنائس المسيحية الإصلاحية عددًا من التحديات المعاصرة، بما في ذلك:
- العلمنة: يتزايد عدد الأشخاص في هولندا الذين ليس لديهم انتماء ديني. يمثل هذا تحديًا للكنائس المسيحية الإصلاحية، حيث تسعى جاهدة للوصول إلى هؤلاء الأشخاص بالإنجيل.
- التغيرات الاجتماعية والثقافية: تتغير القيم والمعايير الاجتماعية في هولندا بسرعة. يمثل هذا تحديًا للكنائس المسيحية الإصلاحية، حيث تسعى جاهدة للحفاظ على التزامها بالكتاب المقدس في مواجهة هذه التغييرات.
- التشرذم: هناك عدد من الكنائس المسيحية الإصلاحية المختلفة في هولندا. يمثل هذا تحديًا، حيث تسعى هذه الكنائس جاهدة للحفاظ على الوحدة والزمالة.
على الرغم من هذه التحديات، تظل الكنائس المسيحية الإصلاحية ملتزمة بالإنجيل وبالدعوة إلى خدمة الله والعالم.
التأثير على المجتمع الهولندي
على الرغم من أن الكنائس المسيحية الإصلاحية تمثل جزءًا صغيرًا نسبيًا من السكان الهولنديين، إلا أنها لعبت دورًا مهمًا في المجتمع الهولندي. كان للكنائس المسيحية الإصلاحية تأثير كبير على:
- التعليم: أسست الكنائس المسيحية الإصلاحية عددًا من المدارس والكليات في هولندا. تلعب هذه المؤسسات دورًا مهمًا في توفير التعليم المسيحي للشباب.
- السياسة: كان للكنائس المسيحية الإصلاحية تأثير كبير على السياسة الهولندية. كان العديد من السياسيين الهولنديين أعضاء في الكنائس المسيحية الإصلاحية.
- الثقافة: كان للكنائس المسيحية الإصلاحية تأثير كبير على الثقافة الهولندية. تم التعبير عن العديد من القيم والمعتقدات للكنائس المسيحية الإصلاحية في الأدب والفن والموسيقى الهولندية.
تستمر الكنائس المسيحية الإصلاحية في لعب دور مهم في المجتمع الهولندي اليوم. إنها ملتزمة بالإنجيل وبالدعوة إلى خدمة الله والعالم.
النمو والتوسع
شهدت الكنائس المسيحية الإصلاحية نموًا وتوسعًا ملحوظين على مر السنين، ليس فقط في هولندا ولكن أيضًا في أجزاء أخرى من العالم. هاجر العديد من أعضائها إلى دول مثل كندا والولايات المتحدة وأستراليا، حيث أسسوا كنائس شقيقة تحافظ على نفس المعتقدات والتقاليد.
كما أنشأت الكنائس المسيحية الإصلاحية بعثات تبشيرية في مناطق مختلفة من العالم، بهدف نشر الإنجيل وتأسيس كنائس جديدة. من خلال هذه الجهود، تمكنت من الوصول إلى العديد من الأشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة ومشاركة رسالة الخلاص معهم.
مستقبل الكنائس المسيحية الإصلاحية
إن مستقبل الكنائس المسيحية الإصلاحية غير مؤكد، مثل مستقبل أي مؤسسة دينية. ومع ذلك، هناك عدد من الأسباب التي تجعلنا متفائلين بمستقبلها. أولاً، تظل الكنائس المسيحية الإصلاحية ملتزمة بالكتاب المقدس وتعاليم الإصلاح. وهذا يوفر لها أساسًا قويًا لبناء عليه.
ثانيًا، الكنائس المسيحية الإصلاحية لديها تاريخ طويل من التغلب على التحديات. لقد نجت من الاضطهاد والانقسام والتغيرات الاجتماعية والثقافية. وهذا يدل على أنها مرنة وقادرة على التكيف.
ثالثًا، الكنائس المسيحية الإصلاحية لديها جيل شاب ملتزم ومتحمس. هؤلاء الشباب على استعداد لتولي قيادة الكنائس والمساعدة في تشكيل مستقبلها.
مع كل هذه العوامل، هناك سبب للأمل في أن تزدهر الكنائس المسيحية الإصلاحية في المستقبل.
خاتمة
الكنائس المسيحية الإصلاحية هي كنيسة بروتستانتية ذات تاريخ طويل وغني. لقد لعبت دورًا مهمًا في المجتمع الهولندي، ولا تزال ملتزمة بالإنجيل وبالدعوة إلى خدمة الله والعالم. على الرغم من التحديات المعاصرة، هناك أسباب للتفاؤل بمستقبل الكنائس المسيحية الإصلاحية.