مقدمة
السيد محمد الحسن بن علوي بن عباس بن عبد العزيز المالكي الحسني (1944-2004)، المعروف أيضًا باسم محمد بن علوي المالكي، كان عالمًا إسلاميًا سنيًا مالكيًا أشعريًا صوفيًا بارزًا من مكة المكرمة. يعتبر من أبرز علماء أهل السنة والجماعة في القرن العشرين، وكان له تأثير كبير على الفكر الإسلامي والدعوة في العالم الإسلامي، خصوصًا في الحجاز وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة.
نشأته وتعليمه
ولد السيد محمد علوي المالكي في مكة المكرمة عام 1364 هـ الموافق 1944م، ونشأ في بيت علم وصلاح. فوالده السيد علوي بن عباس المالكي كان من كبار علماء مكة المكرمة وإمامًا وخطيبًا في المسجد الحرام، وجده السيد عباس المالكي كان أيضًا من العلماء البارزين. تلقى تعليمه الأولي في بيته على يد والده وجده، فحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ العلوم الشرعية والعربية. ثم التحق بالمدرسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ودرس فيها العلوم الحديثة بالإضافة إلى العلوم الشرعية.
بعد تخرجه من الثانوية، التحق بكلية الشريعة في جامعة الأزهر بالقاهرة، وحصل منها على شهادة الليسانس في الشريعة الإسلامية عام 1390 هـ الموافق 1970م. ثم عاد إلى مكة المكرمة، وعمل مدرسًا في المسجد الحرام، حيث كان يلقي دروسًا في التفسير والحديث والفقه والأصول والسيرة النبوية والتصوف. كما عمل مدرسًا في بعض المدارس والكليات في مكة المكرمة.
تتلمذ على يد والده السيد علوي بن عباس المالكي، وكذلك على يد عدد كبير من العلماء والمشايخ في مكة المكرمة والقاهرة وغيرهما، منهم:
- السيد علوي بن عباس المالكي (والده)
- الشيخ حسن المشاط
- الشيخ محمد ياسين الفاداني
- الشيخ عبد الله دراز
- الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم
- الشيخ محمد الحافظ التيجاني
- الشيخ عبد الحليم محمود (شيخ الأزهر)
مؤلفاته
ترك السيد محمد علوي المالكي رصيدًا ضخمًا من المؤلفات والتحقيقات في مختلف العلوم الشرعية والعربية، بلغ أكثر من مائة كتاب ورسالة، منها:
- مفاهيم يجب أن تصحح: وهو من أشهر كتبه، ويتناول فيه بعض المفاهيم الخاطئة التي شاعت بين المسلمين في العصر الحديث.
- الذخائر المحمدية: وهو كتاب في الأدعية والأوراد والأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- شفاء الفؤاد بزيارة خير العباد: وهو كتاب في فضل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وآدابها.
- حول الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف: وهو كتاب في جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومشروعيته.
- محمد صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة: وهو كتاب في بيان مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وأهمية الاقتداء به.
- القواعد الأساسية في علم مصطلح الحديث: وهو كتاب في علم مصطلح الحديث للمبتدئين.
- المنهل اللطيف في أصول الحديث الشريف: وهو كتاب في أصول الحديث الشريف للمتخصصين.
- تاريخ الحوادث والأنباء عن مشاهير العلماء والأدباء: وهو كتاب في تاريخ الإسلام وتراجم العلماء والأدباء.
وقد ترجمت العديد من مؤلفاته إلى لغات مختلفة، وانتشرت في أنحاء العالم الإسلامي.
مكانته العلمية
كان السيد محمد علوي المالكي من كبار علماء أهل السنة والجماعة في القرن العشرين، وموردًا عذبًا للعلماء وطلاب العلم. وقد اشتهر بسعة علمه وغزارة إنتاجه وحسن بيانه وقوة حجته. وكان له حضور قوي في المؤتمرات والندوات العلمية في العالم الإسلامي، وكان يستقبل الوفود العلمية والطلابية من مختلف البلدان. وقد أجازه العديد من العلماء والمشايخ، وشهدوا له بالعلم والفضل.
كان السيد محمد علوي المالكي يتمتع بشعبية كبيرة في العالم الإسلامي، وكان له محبون ومريدون من مختلف الطبقات والفئات. وقد أثرى الفكر الإسلامي والدعوة، وساهم في نشر العلم والمعرفة، والدفاع عن السنة النبوية، ومحاربة البدع والخرافات.
منهجه
تميز السيد محمد علوي المالكي بمنهج علمي وسطي معتدل، يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين العقل والنقل. وكان يحرص على تقديم الإسلام بصورته الصحيحة السمحة، بعيدًا عن الغلو والتطرف والتشدد. وكان يدعو إلى الوحدة الإسلامية والتسامح الديني والتعايش السلمي بين مختلف الأديان والثقافات.
كان السيد محمد علوي المالكي يتبع المذهب المالكي في الفقه، والمذهب الأشعري في العقيدة، والطريقة الصوفية في التزكية والأخلاق. وكان يرى أن هذه المذاهب الثلاثة هي من أفضل المذاهب الإسلامية، وأنها تمثل جوهر الإسلام وروحه.
وفاته
توفي السيد محمد علوي المالكي في مكة المكرمة في يوم الجمعة الموافق 29 رمضان 1425 هـ الموافق 12 نوفمبر 2004م، عن عمر يناهز 60 عامًا. وقد صلي عليه في المسجد الحرام، ودفن في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة. وقد خلف وراءه إرثًا علميًا ودعويًا كبيرًا، وتلامذة ومريدين كثرًا، ومحبين ومقدرين في أنحاء العالم الإسلامي.
خاتمة
كان السيد محمد علوي المالكي رحمه الله عالمًا جليلًا، ومربيًا فاضلًا، وداعية مخلصًا. أفنى حياته في خدمة الإسلام والمسلمين، وترك بصمة واضحة في الفكر الإسلامي والدعوة. نسأل الله تعالى أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم للإسلام والمسلمين.